العدساني... وحسابات استجواباته الخاسرة!
لا أعتقد أن النائب الفاضل رياض العدساني ورفاقه الأكارم، الذين قدموا الاستجواب لوزير الإعلام محمد الجبري، لا يعلمون مقدماً محصلته، ونتيجة طلب طرح الثقة، وما سينتج عنه من اصطفافات فئوية داخل المجلس، وإذا كانوا لا يعلمون فإن هناك خللاً كبيراً في إلمامهم بالعمل السياسي، وطبيعة وتركيبة المجلس منذ عام 2013، والقوى المسيطرة عليه، إلا إذا كانوا يعلمون ويريدون إضافة بعض "البهارات" على الحياة البرلمانية الحالية "الماسخة".النائب العدساني استقال من مجلس الأمة 2013، وعاد في مجلس 2016 المستنسخ من الذي قبله، وأكمل عضويته فيه دون أن يقول لنا ما الفرق بين ذاك وهذا، وأيضاً العدساني ورفاقه مارسوا نفس الاصطفافات التي حدثت مع الوزير الجبري في استجوابات مقدمة للوزيرة السابقة هند الصبيح والوزيرين خالد الروضان وأنس الصالح، فكيف لا يتوقع أن تكون هذه هي نتيجة استجوابهم لوزير محسوب على قبيلة، وهي للأسف الحسابات التي كرستها ممارسات السلطة، وأصبحت "ستاندر" سائداً يدمر المجتمع والوحدة الوطنية.
بالتأكيد إن تقديم مثل تلك الاستجوابات، التي تليها طلبات طرح ثقة محسومة النتيجة مسبقاً، يسحب ما تبقى من قيمة وهيبة لأدوات المساءلة السياسية الدستورية، ويرسخ لدى منظومة المصالح والفساد ثقتها بأنها ممسكة بشؤون البلد وتدير دفتها كما تريد، كما أنه يضيع الجلسات في مساءلات عبثية هي في مصلحة الطرف الذي يلعب في الساحة، ويحدد أجندة ما يريد أن ينجز، وما لا يريده أن يطرح، ويبحث ويبت فيه من قبل البرلمان، الذي رغم صوريته وضعفه فإنه مازال سلطة تسيير شؤون البلد وبيدها آلية التشريع فيه.أنا أربأ بالنائب العدساني وزملائه أن يكونوا يشاركون في المشهد البرلماني بهذه الممارسات ليقنعوا الكويتيين بأن هناك برلماناً فاعلاً وهناك معارضة، بينما يعلمون نتائج تلك الممارسات مسبقاً، أما إذا كانت تلك المساءلات غير المجدية تهدف إلى كشف مواقف نواب المجلس أمام الشعب فإن الناخبين يعلمون سريرة ومواقف كل ناخب، ومن منهم المتخاذل وصاحب المصالح الشخصية، لكن طبيعة المجتمع والآفات التي أصيبت بها العملية الانتخابية في الكويت وقلة الوعي تدفع غالبية الناخبين لمعاودة خياراتهم الخاطئة في كل موسم انتخابي.في هذه الظروف السلبية بالحياة البرلمانية لو أن مستجوبي الوزير الجبري شكلوا لجنة تحقيق برلماني في المخالفات المتعلقة بالقسائم الزراعية والجواخير، وأحالوا نتائج التحقيق إلى النيابة العامة، أو تبرع أحد النواب بتقديم بلاغ إلى هيئة مكافحة الفساد بتلك المخالفات، لكانت أجدى من هذا الاستجواب الذي جدد للحكومة والوزير الثقة، وأعطاهم "كرت بلانش" ليواصلوا ما يريدون فعله، لذا نرجو من النائب رياض العدساني ألا يعيد نفس حساباته الخاسرة في الاستجوابات، ويعرف طبيعة البرلمان الذي يشارك فيه، وموازين القوى التي تتحكم فيه!