مايك بومبيو سيد الجهل
ما سر مايك بومبيو؟ يُعتبر عضو الكونغرس السابق هذا، الذي أصبح مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ويتبوأ اليوم منصب وزير الخارجية، أحد الأعضاء الذين استمروا أطول فترة في حكومة ترامب، ولكن بخلاف الآخرين ممن عينهم ترامب، نجح في تفادي فضيحة محرجة (مثل وزير الخزانة ستيفن منوشين والمدير السابق لوكالة حماية البيئة سكوت برويت) أو إثارة غضب الرئيس (مثل وزير الدفاع السابق جيم ماتيس وكبير موظفي البيت الأبيض السابق جون ف. كيلي). أما سر نجاحه فتجلى يوم الأحد بوضوح: إتقانه الجهل المتعمَّد.إليك النسخة الأولى من هذا الجهل: ادعاؤه بعدم سماع كلمات الرئيس، عندما سئل عن الوضع في فنزويلا في برنامج Fox News Sunday، فأخبر بومبيو المقدّم كريس والاس: "أكّدنا للروس والكوبيين أن [تدخلهم] غير مقبول"، ثم أشار والاس إلى أن الرئيس أفاد بعد تحدثه إلى بوتين أن روسيا تسعى إلى "أمر إيجابي" في فنزويلا. وبدل أن يحاول الجمع بين تصريح ترامب وما قاله، ادعى بومبيو ببساطة أنه لم يسمع الرئيس يتفوه بذلك مطلقاً. قال لوالاس: "أوضح الرئيس موقفه جلياً في هذه المسألة، وذكر في تغريدة قبل بضعة أسابيع على ما أعتقد: على الروس الرحيل. وما زالت هذه وجهة نظرنا". على نحو مماثل، في برنامج This Week على شبكة ABC، أعلن بومبيو: "قال الرئيس إن على الروس الرحيل... ولا أعتقد أن أياً مما ذكره الرئيس يتناقض مع ذلك".أما النسخة الثانية من جهل بومبيو فهي: ادعاء عدم فهمه السؤال والتصادم مع محاوره. خلال مقابلة Fox، سأل والاس وزير الخارجية: "لمَ لا يتعاطى الرئيس بشدة مع بوتين بشأن ما يعتبره الجميع على ما يبدو أمراً واضحاً: التدخل في انتخابات عام 2016 والتهديد بالتدخل في عام 2020؟". أصر بومبيو بادئ الأمر: "ما زلنا نعمل على ذلك"، مع أنه يعي تماماً أن ترامب لم يُثر هذه المسألة مع بوتين خلال حوارهما معاً يوم الجمعة، وأن الجمهوريين عرقلوا مشاريع قوانين هدفها تمويل تعزيز أمن الانتخابات. وعندما ضغط والاس على وزير الخارجية، أجابه غاضباً: "كريس، لا أفهم قصدك... تواصل التركيز على أمر دوّنه [المحقق الخاص] روبرت مولر"، كما لو أن كتابة مولر أن الروس حاولوا التدخل في الانتخابات الرئاسية عام 2016 تقلل من خطورة ذلك.
وفي وقت لاحق، عندما كان يناقش بومبيو مسألة الصين وحقوق الإنسان في برنامجFace the Nation على شبكة CBS، ذكر أن "نحو مليون [مسلم] محتجزون في معسكرات لإعادة التعليم". وحين أشارت المقدّمة مارغريت برينان إلى أن وزارة الدفاع الأميركية تقدّر العدد بنحو ثلاثة ملايين وأنها دعت هذه المعسكرات معسكرات اعتقال لا إعادة تعليم، رفض بومبيو الإقرار بهذا التناقض وردّ بعنف: "لا تلعبي معي لعبة الخداع". عندما تخفق كل المناورات الأخرى، يلجأ بومبيو إلى استراتيجيته الأخيرة: الادعاء أنه لا يملك أدنى فكرة. هل تُعقد قمة روسية-أميركية؟ "لا أعرف، علينا أن ننتظر لنرى". أين يصنّف التبدل المناخي بين التهديدات التي تواجهها الولايات المتحدة؟ "لا يمكنني تصنيفه". أما زال المفاوض الرئيس مع كوريا الشمالية؟ "على حد علمي". ولمَ لم يسأل ترامب بوتين عن التدخل في الانتخابات؟ "عليك أن تطرح هذا السؤال على البيت الأبيض".وهكذا في كل مقابلة، انتقل بومبيو بسهولة من ادعاء عدم فهم أسئلة المحاور إلى ادعاء عدم سماع ما قاله الرئيس وادعاء أنه يجهل المسألة تماماً. لا تحمل نسخته من الجهل المتعمّد درجة الكبرياء الغاضبة التي تميّز عدم شعور ترامب بالفضول، ولكن على غرار مستشارة الرئيس كيليان كونواي، وزيرة الإعلام سارة ساندرز، وغيرهما من "الناجين" في البيت الأبيض خلال عهد ترامب، يتحلى بومبيو بالوقاحة الضرورية للاستمرار. ولكن من المقلق حقاً أن يشكّل امتلاك صفة مماثلة مفتاح "النجاح" في البيت الأبيض اليوم.* جيمس دوني*«واشنطن بوست»