خاص

الحكواتية آمال المزوري لـ الجريدة•: رمضان أمتع شهر للحكي...وأقدم فيه قصصاً روحانية

«جدتي فاقت شهرزاد... وبسببها عشقت هذا الفن»

نشر في 14-05-2019
آخر تحديث 14-05-2019 | 00:01
في زمن الإنترنت، اختفت الكثير من الأشياء الجميلة في حياتنا، ومنها مهنة الحكواتي أو القصاص الشعبي، الذي يقف أمام الجمهور ويقدم قصة من التراث، مجسداً كل شخصية يحكي عنها بالصوت والحركة.
ورغم اختفاء الحكائين الشعبيين في العديد من البلدان العربية، لاتزال الفتاة المغربية الجميلة آمال المزوري تقدم هذا الفن بشغف كبير، وبالطريقة ذاتها التي كانت تستمع بها إلى حكايات جدتها.
"الجريدة" التقتها في حوار حول تجربتها مع فن الحكي.

● متى بدأت رحلتكِ مع فن الحكي؟

- بدأت رحلتي مع هذا الفن عند تعلقي بحكايات جدتي (ماما حبيبة)، فلها من الحكايات ما لا يعد ولا يحصى. لديها كنز دفين من الحكايات يسحر العقل، ويأخذ اللب، ويجعل الشخص شارداً سابحاً مبحراً مع شخصيات الحكاية، فقد فاقت شهرزاد في حكيها، ما جعلني متعلقة بها أتحايل دائماً على أمي لنكثر أو بالأحرى لنداوم على زيارتها، حتى جعلتني متفردة عن باقي البنات. صرت أعشق سماع الحكايات بل أدمنتها، فكل شيء عندها يحث على ذلك: بيتٌ جميل ذو طابع موريسكي، موجود وسط زقاق بالمدينة القديمة قريب من الميناء، وصوت الجدة المميز وهي تتلاعب بصوتها مداعبة خصلات شعري كأنها تمدني بطاقة، وتشحنني بحكاياتها، وتحثني على الاستمرار دون رغبة منها أو إلحاح.

ويتغير الموقف بدخول طرف آخر، وهو الخال الذي يهديني مجموعة قصصية للكاتب الدانماركي هانس أندرسون، بمناسبة نجاحي حين كنت في الثامنة من عمري، ويسألني بين حين وآخر عن مدى إعجابي بها، لكنني لم أقرأ منها سطراً. وأمام كثرة سؤاله صرت أتصفحها، وأنسج حكايات مما فهمته من الصور الملونة، وأسرد عليه أحداثها، والتي بالطبع كانت بعيدة تماماً عن أحداث القصة، بل ربما كانت نتاجا لتراكم حكايات الجدة، لكن الخال لم يعترض عما أحكيه بل أصاب العمق، فقد عمل على أخذ منحى آخر، وهو أن أحكي مع تجسيد الشخصيات بتغيير الملامح والصوت حتى اكتسبتُ طابعاً مميزاً.

● هل تقتصر حكاياتك على الجانب التراثي فقط، أم تقدمين قصصاً من واقع الحياة في عصرنا الحالي؟

- حكاياتي لكل طالب راغب، أتناول فيها ما يخص تراثنا على وجه الخصوص، حتى لا تضيع هويتنا، وفيها ما يتطرق إلى الواقع المعاش، مع توظيف بعض الشخصيات التراثية، حتى يُضخ دمٌ جديدٌ في الحكاية، يعني المزج بين الأصالة والمعاصرة.

● ما أبرز القصص التي تقدمينها في عروضك وتلقى قبولاً لدى الجمهور؟

- أقدم حكايات متنوعة ومختلفة، حسب نوعية الجمهور، فلكل حكاياته، وما أقدمه يخص فئات متنوعة (أطفال، يافعون، رجال، نساء، شيوخ)، ويبقى طابع الأداء هو الغالب في الأحيان مع الحكايات التراثية.

● ما الذي يميز عملك في رمضان عن غيره من شهور السنة؟

- رمضان هو من أفضل الشهور لإرسال رسائل دينية تهم الفرد وعلاقته مع الغير عبر حكايات وقصص روحانية مرحة تفرح النفس وتثلج الصدور، حيث يحلو فيه السهر، بل هو من أجمل وأمتع الشهور للحكي، لما فيه من طقوس وعادات ترجع بنا إلى الزمن الجميل الذي يحن إليه الجميع.

● برأيك، ما المواصفات التي يجب أن يتمتع بها القصاص أو الراوي الشعبي؟

- مواصفات كثيرة، متعددة ومتنوعة، أهمها أن يكون له زاد معرفي بما كتب من حكايات، له أسلوبه الخاص في الأداء، متمكن من جذب انتباه الجمهور وتشويقه وحثه على المتابعة، وقادر على بعث رسائل مليئة بالقيم دون رتابة أو ملل، كما يجب أن يكون محتكاً بمن سبقوه في التجربة.

● فن الحكي الشعبي أضحى شبه مندثر... فما أهمية مثل هذه الفنون في الحفاظ على موروثنا الشعبي العربي؟

- مثل هذه الفنون تحافظ على هوية الشعوب كي لا تضيع، فمن خلال فن الحكي المتجذر يمكن للأجيال الصاعدة أن تتعرف على عادات وتقاليد اندثر أغلبها، فمن خلاله يمكن أن نتعرف على طريقة عيش أجدادنا، وأكلهم ولبسهم وأهازيجهم، ولنا في السيرة الهلالية خير مثال، فلولا وجود حكائين لما صمدت حتى اليوم، بالإضافة إلى إبراز الدور المحوري للحكواتي أو رجل الساحة بامتياز.

● ما أهم الجوائز أو التكريمات التي حصلت عليها؟

- أهم تكريم حصلت عليه كان في سلطنة عمان، حيث كرمتني مساعدة رئيس جامعة السلطان قابوس للتعاون الدولي صاحبة السمو الدكتورة منى بنت فهد آل سعيد، وكان ذلك بحضور وزير الإعلام العُماني الدكتور عبدالمنعم الحسيني، خلال المعرض الدولي للكتاب بمسقط في دورته الرابعة والعشرين.

● ما المشروع الفني الذي تحلمين به لتطوير عملك؟

- أحلم بأن تعمم الحكاية على جميع المدارس، وتصبح مادة أساسية تدرس كغيرها من المواد، وأن أنشر ما جمعته من حكايات شعبية، وألا يصير الحكواتي في خبر كان، ويصبح حديث كان يا ماكان، وأن أحكي مع الربابة (عازفي آلة الربابة الشعبية في مصر) لتكون تجربة مميزة وتلاقحاً بين التراثين المغربي والمصري.

كما أحلم أن تصل الحكاية إلى أبعد مدى، وأن يصبح الحكواتي فناناً وصاحب مهنة قائماً بذاته، له ما للمهندس والطبيب والبرلماني والمفتش من حقوق وواجبات.

حكاياتي تتناول التراث حفظاً للهوية... وتمتد إلى الواقع المعيش
back to top