اختلاف الأحزاب الدينية الأوروبية عن «الإسلام السياسي »
يرى "الإخوان" أن أوروبا وهي دول ديمقراطية تسمح لأحزاب ذات أسماء مسيحية دينية بمزاولة النشاط السياسي، وخير دليل على ذلك أنجيلا ميركل المرأة القوية التي حكمت ألمانيا، فهي تنتمي إلى حزب بمرجعية مسيحية، في حين نجد كثيرا من الدول العربية لا تسمح بقيام أحزاب على أسس إسلامية.
تحتج جماعة الإخوان المسلمين على القمع الذي يواجه أتباع الإسلام السياسي في كثير من الدول العربية، وعلى محاولة وصف حركاتهم بأنها جماعة إرهابية في كثير من الدول العربية، وما يترتب على ذلك من منعها من مزاولة نشاطها السياسي. ويرى الإخوان أن هذا الوضع يختلف عما نشاهده في أوروبا وهي دول ديمقراطية، فهي تسمح لأحزاب ذات أسماء مسيحية دينية بمزاولة النشاط السياسي، وخير دليل على ذلك أنجيلا ميركل المرأة القوية التي حكمت ألمانيا، فهي تنتمي إلى حزب بمرجعية مسيحية، في حين نجد كثيرا من الدول العربية لا تسمح بقيام أحزاب على أسس إسلامية، وتعتبرها مناهضة للأقليات غير المسلمة في المجتمع، وأنها ذات نزعة طائفية. ويرمي الإخوان وجماعات الإسلام السياسي من وراء هذه الادعاءات إلى إثبات أنهم جماعة مظلومة، ويطالبون برفع الظلم عنهم بأن يسمح لتنظيماتهم بمزاولة النشاط السياسي، ويؤكدون أن ما تقوم به بعض الدول العربية من منع الأحزاب ذات التوجهات الدينية من ممارسة النشاط السياسي اعتداء على حقوق الإنسان السياسية التي تكفلها جميع دساتير العالم.
هناك آراء كثيرة عن نشأة الديمقراطية المسيحية في أوروبا، ومن هذه الآراء من يعتقد أنها نشأت بعد الحرب العالمية الثانية، وبعد سقوط النازية، وتنامي المد الشيوعي والحركات الاشتراكية، وتمكن روسيا الشيوعية من السيطرة على أجزاء من أوروبا الشرقية. وحاولت فرض فكرها العقائدي على شعوب تلك المنطقة من أوروبا، وحاربت الدين بصفة عامة ومنعت الكنائس ورجال الدين من مزاولة طقوسهم الدينية، وظهرت أحزاب شيوعية واشتراكية في أوروبا الغربية، وتحمست لنشر الفكر الشيوعي والاشتراكي في الدول الأوروبية. عندئذ نشأت الأحزاب المسيحية الأوربية كردة فعل لمناهضة تلك الأفكار ولمحاصرة الشيوعية ومنعها من الانتشار في أوروبا الغربية، فآمنت تلك الأحزاب بأن المسيحية جزء مهم من الثقافة الأوروبية، وأن المحافظة عليها شرط أساسي في الحفاظ على الثقافة الأوروبية. لكن تلك الأحزاب لا تؤيد بعث كنيسة العصور الوسطى، ولا تمكين رجال الكنيسة على الثقافة والفكر الأوروبي، فهي تؤمن بمدنية الدولة والديمقراطية والعلمانية وتداول السلطة بطرق سلمية. أما بالنسبة إلى جماعة الإسلام السياسي ومدى إيمانها بالديمقراطية فتوجد صعوبة في إثبات مدى إيمان تلك الأحزاب بالديمقراطية، حيث لا توجد دراسات علمية تؤيد أو تعارض ذلك، ولكن يبدو من تاريخ الإخوان أنهم يؤمنون بأن الغاية تبرر الوسيلة، وقد مارسوا العنف والإرهاب في عهد الملكية، فأدينوا باغتيال أحمد ماهر والنقراشي ودخلوا في صراع مع عبدالناصر ثم السادات. ثم لجؤوا إلى السعودية، وقدمت لهم الكثير من المساعدات، ثم تبين للسلطات السعودية أنهم كانوا ينشرون أفكارهم في المناهج الدراسية، ويمكن أن يكون ظهور جهيمان وبن لادن من فكرهم، فهذه الجماعة ما زالت بحاجة إلى دراسة عميقة لتوضيح آثارها الشريرة على الدولة.