أدى وليام ج. بيرنز، على مدى أكثر من ثلاثة عقود من الدبلوماسية الأميركية، دوراً محورياً في المراحل الدبلوماسية الأكثر تأثيراً في زمنه: من نهاية الحرب الباردة السلمية إلى انهيار العلاقات بعد الحرب الباردة مع روسيا بقيادة بوتين، ومن اضطرابات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر في الشرق الأوسط إلى المحادثات النووية السرية مع إيران.يسرد بيرنز في كتابه The Back Channel (القناة الخلفية)، بتفاصيل دقيقة وتحليل عميق، بعض اللحظات المفصلية في مسيرته المهنية، فيستند إلى مجموعة من البرقيات والمذكرات التي رُفعت عنها السرية أخيراً، ليقدم للقارئ صورة داخلية نادرة عن الدبلوماسية الأميركية.
ولا شك في أن رسائله من الشيشان التي مزقتها الحرب، أو معسكر القذافي الغريب في الصحراء الليبية وتحذيراته من «العاصفة المثالية»، التي ستطلقها حرب العراق، ستعيد صياغة فهمنا للتاريخ، وتنير المناظرات السياسية في المستقبل، كذلك يرسم بيرنز أطر القيادة الأميركية الفاعلة في عالم لا يشبه منافسة الحرب الباردة التي لم يكن فيها رابح أو خاسر، خلال سنواته الأولى كدبلوماسي، ولا «لحظة القطب الواحد» مع السيادة الأميركية التي تلت.باختصار، يشكِّل كتاب The Back Channel، الذي ستعرض «الجريدة» ملخصاً عنه في 6 حلقات، قصة بليغة غنية بالمعلومات جاءت في وقتها، قصة عن حياة كُرِّست لخدمة المصالح الأميركية في الخارج، كذلك يمثل مذكِّراً قوياً بحقبة من الاضطرابات العنيفة بأن الدبلوماسية مازالت بالغة الأهمية... وفيما يلي تفاصيل الحلقة الخامسة:خلال الثاني والعشرين والثالث والعشرين من نوفمبر، كان جون كيري دائم الحركة كعادته، حاضاً ظريف على السير نحو خط النهاية، كذلك عمل مع أشتون على إدارة مجموعة 5+1، وظل على اتصال دائم مع الرئيس عبر هاتف آمن، قدِمنا أنا وجايك إلى فندق إنتركونتيننتال لننهي ما بدأناه، مستخدمين مصاعد العمال والأدراج كي نصل إلى جناح وزير الخارجية.بدت عملية تخفينا هذه سخيفة بعض الشيء في هذه المرحلة، إلا أننا اعتدناها خلال الأشهر الثمانية الماضية، وظننا أن نجاحنا في إبقاء القناة الخلفية سرية إلى أن نبلغ الاتفاق المؤقت، الذي صار يُعرف الآن بـ»خطة العمل المشتركة»، يستحق العناء.شعرنا أن الإيرانيين في عجلة من أمرهم لإنهاء الصفقة قبل أن تتحول سياساتهم الخاصة إلى عقبة أكبر، لم نظن أن ثمة حاجة إلى تقديمنا تنازلات أكبر بشأن العقوبات، وكنا واثقين من أننا نجحنا في الاحتفاظ بالجزء الأكبر من تأثيرنا للمهمة الأكثر تعقيداً: التفاوض بشأن اتفاق شامل، مستخدمين عبارة ميل غيبسون الشهيرة من فيلم Braveheart حين راح يحث إخوانه الأسكتلنديين على الوقوف ثابتين في وجه الخيالة الإنكليزية المغيرة، ومع القليل من الحماسة التي نبعت من ارتفاع المخاطر وقلة النوم، ظللنا أنا وجايك سوليفان، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس الأميركي جو بايدن نكرر لبعضنا «اصمد، اصمد، اصمد»، في حين راح الإيرانيون يضغطون للحصول على تنازلات، وبحلول الساعة الثانية صباحاً من الرابع والعشرين من نوفمبر، كدنا نبلغ خط النهاية، كان الوزراء يستنفد أحدهم صبر الآخر في هذه المرحلة.
تفاصيل صغيرة
التقيت نائب وزير الخارجية للشؤون الأوروبية مجيد رافنشي لنتفق على التفاصيل الصغيرة الأخيرة بشأن اللغة، ورغم تعبنا، أحسسنا بالراحة وهنأنا بعضنا، وطلبت كاترين أشتون من كل الوزراء المشاركة في حفل التوقيع في الساعة الرابعة صباحاً، لكن نائب وزير الخارجية الإيراني عباس أركشي اتصل بي قبل ثلاثين دقيقة من الحفل وأخبرني أنه يود إجراء «تغييرين إضافيين أو ثلاثة» في النص، لم يشعر الإيرانيون بالرضا إلا بعدما بذلوا قصارى جهدهم في كل مسألة وامتحنوا كل ذرة مرونة لدينا، ضحكت بتهذيب وأخبرته: «فات الأوان لذلك، لقد انتهى الأمر».مثّلت خطة العمل المشتركة خطوة عملية متواضعة مؤقتة، فقد جمّدت إيران برنامجها النووي طوال الأشهر الستة الأولى، وحدّت منه في مجالات أساسية عدة، وخصوصاً التخلص من مخزونها الحالي من اليورانيوم المخصب إلى نسبة 20%. كذلك قبلت بتدابير مراقبة تدخلية، وفي المقابل حصلت على تخفيف محدود في العقوبات والتزام بعدم فرض عقوبات إضافية طوال ستة أشهر.لم تولّد خطة العمل المشتركة هذه جدلاً عابراً فحسب، إذ أعلن رئيس الوزراء نتنياهو في الرابع والعشرين من نوفمبر أنها «صفقة القرن» لإيران، فأخبرتُ رافنشي أن هذه التصريحات المبالغ فيها تساعده في الترويج لهذه الخطة في إيران، فابتسم وقد ارتسمت على وجهه علامات الرضا، ثم انضم منتقدو الكونغرس إلى هذه الجوقة، متوقعين أن تلجأ إيران إلى الغش وأن ينهار صرح العقوبات، الذي عملنا على بنائه بدأب طوال سنوات، قبل وقت طويل من تفاوضنا على صفقة شاملة، لكن كل هذه التوقعات أخفقت، فقد شكّلت خطة العمل المشتركة اتفاقاً متيناً بدا بطرق عدة مؤاتياً لنا وليس للإيرانيين الذين كانوا لا يزالون يواجهون ضغطاً اقتصادياً كبيراً، كذلك قدّمت لنا وللإيرانيين فرصة أظهرت أننا كلينا نستطيع الالتزام بتعهداتنا في صفقة منصفة، ومنحت الرئيس ووزير الخارجية كيري الوقت والمجال الضروريين للتفاوض بشأن اتفاق نهائي.تقاعد
نُشرت أخبار قناتنا الخلفية بعد بضع ساعات من توقيع خطة العمل المشتركة، مما ساهم في توضيح كيفية توصل مجموعة 5+1 وإيران إلى صفقة مؤقتة بهذه السرعة، وبما أنني استنفدتُ كل طاقتي بعد هذا المجهود الطويل وأكثر من ثلاثة عقود في الخدمة الخارجية، قررت التقاعد نحو نهاية عام 2013، ووعدت جون كيري، عندما طلب مني أن أظل نائبه، أنني سأبقى خلال سنته الأولى فحسب، ولكن بتشجيع منه ومن الرئيس وبسبب إعجابي الكبير بهما، قررت مواصلة العمل في هذا المنصب لسنة إضافية حتى أواخر عام 2014.تأثرتُ كثيراً عندما دعاني أوباما للغداء في البيت الأبيض ليقنعني بالبقاء في وزارة الخارجية. جلسنا في غرفة طعامه الصغيرة الخاصة قبالة المكتب الرئاسي، وخلال دردشة مريحة، تحادثنا عن شتى المسائل؛ من بناتنا إلى موسم كرة السلة الأميركية الحالي، وصولاً إلى المفاوضات مع إيران ووضع وزارة الخارجية. قال لي: «لا أريد أن أستغل شعورك بالذنب ككاثوليكي أيرلندي، إلا أنني أعتبرك شخصاً محترفاً. وسيعني لي الكثير أن تواصل العمل لسنة إضافية». لاحظتُ أنه كان ينجح حقاً في استغلال شعوري بالذنب ككاثوليكي أيرلندي، وأدركت أنه تمكن من إقناعي خلال غدائنا ذاك.بناء روابط مع المفاوصين الإيرانيين
بما أن عمل القناة الخلفية انتهى، اضطلعنا أنا وجايك بدور داعم متقطع في مفاوضات الاتفاق النووي الشامل التي استغرقت عام 2014 بكامله والنصف الأول من عام 2015. خلال الساعات والأيام الطويلة التي أمضيناها في المحادثات السرية، بنينا رابطاً مع أركشي، ورافنشي، وزملائهما، فضلاً عن ظريف. صحيح أن الإيرانيين أدركوا أن الدرب نحو صفقة شاملة يمر بمجموعة 5+1، ولكن بدا جلياً أن ما أصبح يشكّل اليوم اتصالات علنية متكررة بين الولايات المتحدة وإيران صار محور كل الجهود.انكب وزير الخارجية كيري على العملية الشاملة، وكان هو وظريف محركيها الأساسيين، وبطلب من كيري، قابلت ظريف على حدة مرات عدة خلال النصف الثاني من عام 2014، وقبل المحادثات المكثفة في لوزان في ربيع عام 2015، التقيت سراً أركشي ورافنشي في جنيف. ومع نفاد صبر الكونغرس، وتنامي الرغبة في فرض عقوبات جديدة، وتراجع الإيرانيين في بعض المسائل الرئيسة، قلت للإيرانيين صراحةً: «لقد اجتزنا شوطاً كبيراً، ولكن ربما علينا البدء بالتفكير في عالم من دون اتفاق»، ولا شك أن كلامي هذا شد انتباههم.تُعتبر محادثات كيري مع ظريف وأشتون في لوزان في أواخر شهر مارس ومطلع أبريل عام 2015 أطول مفاوضات متواصلة يخوضها وزير خارجية أميركي منذ كامب ديفيد عام 1978، فقد أُعلن إطار عمل خطة العمل المشتركة الشاملة في الثاني من أبريل لتظهر الصفقة الأخيرة في شهر يوليو، ومقابل رفع العقوبات تدريجياً، تلتزم إيران التزاماً دائماً بألا تطور مطلقاً أسلحة نووية وتقبل بفرض ضوابط كبيرة طويلة الأمد على برنامجها النووي المدني. كذلك تخلصنا من نحو 98% من مخزون إيران من المواد المخصبة، فضلاً عن ثلثي أجهزة الطرد المركزي التي تملكها.إغلاق طرق إنتاج القنبلة
سدت هذه الصفقة أيضاً دروب إيران المحتملة الأخرى نحو القنبلة، مزيلة قلب مفاعل الماء الثقيل في آراك وقدرته على إنتاج بلوتونيوم يمكن استخدامه في تطوير الأسلحة. بالإضافة إلى ذلك، اعتُمدت تدابير تحقق ومراقبة كان بعضها دائماً. وطوال العقد التالي على الأقل، مُدد الوقت الذي تحتاج إليه إيران نظرياً لتخصّب ما يكفي من اليورانيوم، الذي يمكن استخدامه في الأسلحة، لتطور قنبلة من شهرين إلى ثلاثة أشهر وفق خطة العمل المشتركة إلى ما لا يقل عن سنة، وهكذا حققنا هدفنا، وتفادينا مساراً محتملاً قد يقود إلى الحرب.كشف ضعف نظام الملالي
خلال السنوات القليلة الأولى، بعد إنجاز خطة العمل المشتركة الشاملة، اتضح خطأ توقعات رافضيها الذين اعتقدوا أن إيران ستغش، فأكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمجتمع الاستخباراتي الأميركي مراراً التزام إيران بها. كذلك لم يتحوّل اقتصاد إيران إلى قوة هائلة نتيجة تخفيف العقوبات. على العكس، سلب الاتفاق النظام حجة أن الضغط الخارجي (لا سوء الإدارة المزمن، والفساد، وسوء تخصيص الموارد) سبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها معظم الإيرانيين. فقد برهنت التظاهرات المنتشرة في صيف عام 2017 أن قيادة الملالي لا تحكم إيران بارتياح، وتماماً كما خشي القائد الأعلى خلال المفاوضات النووية، لم تمحُ الصفقة نقاط ضعف النظام، بل سلطت الضوء عليها.في الوقت عينه، واصلت إيران تصدير عدم الاستقرار إلى مختلف أرجاء الشرق الأوسط، مستغلةً ومؤججةً الفوضى في سورية واليمن، كذلك تخوض قواتها والمجموعات التابعة لها منافسة إقليمية مريرة مع المملكة العربية السعودية والدول العربية السنية الأخرى. لطالما أدرك أوباما الحاجة إلى إدراج الاتفاق النووي في استراتيجية أوسع بغية طمأنة أصدقائنا وشركائنا الذين أقلقهم احتمال أن يؤدي حوارنا مع طهران إلى تراجع دعمنا لهم في يوم من الأيام.ومع أن الصفقة النووية احتفظت صراحةً بخيار أن تتخذ الولايات المتحدة وشركاؤها خطوات ضد حكومة إيران لتعدياتها غير النووية، إلا أن منتقديها ظلوا ميالين إلى الاستخفاف بمقاربة الإدارة، مدعين أنها تحد من طموحات إيران النووية، بيد أنها تطلق يدها كمثير للاضطرابات في المنطقة.انسحاب ترامب من الاتفاق كان خيبة أمل
فوجئتُ بأن انسحاب ترامب استغرق كل هذا الوقت، نظراً إلى مدى شراسة وجهات نظره، ورغم ذلك أحسستُ بخيبة أمل كبيرة في تلك اللحظة بعدما أمضينا سنوات من العمل الدؤوب لعقد اتفاق لا أزال أؤمن به بقوة. تساءلت عما كان بإمكاننا القيام به بشكل مختلف لنحمي هذه الصفقة على نحو أفضل، ربما كان علينا أن نضغط على الإيرانيين مدة أطول خلال الاتفاق المؤقت، خطة العمل المشتركة، والحصول على تنازلات أكبر من طهران بشأن مدة بعض قيود التخصيب مثلاً، لكن الوقائع تُظهر أن الأوضاع السياسية في الولايات المتحدة وإيران كلتيهما كانت مضطربة وضاغطة، كذلك كان الحفاظ على تماسك مجموعة 5+1 أكثر صعوبة بكثير مما بدا عليه من الخارج، وخصوصاً عندما بدأت انقسامات خطيرة تبرز بسبب مشاكل أخرى مثل أوكرانيا أو بحر الصين الجنوبي.كان باستطاعتنا، قبل الاتفاق النووي الشامل وبعده على حد سواء، القيام بعمل أفضل في مواجهة تحدي إيران الأوسع في الشرق الأوسط، كذلك كان استعدادنا للمخاطر أكثر في مواجهتنا نظام الأسد، بعد اندلاع الحرب الأهلية السورية في عام 2011، سيبعث بإشارة أقوى إلى إيران ويحد من تأثير الصفقة النووية الذي أقلق السعوديين وغيرهم من أصدقائنا التقليديين، إلا أن جزءاً من قلقهم هذا كان محتماً. فقد خشوا اضطرابات الربيع العربي واحتمال نشوء نظام إقليمي في نهاية المطاف تحظى فيه إيران بمكانة بارزة لا محالة، ولكن كان باستطاعتنا أن نبذل مجهوداً أكبر لنظهر أن الاتفاق النووي يشكّل بداية لا نهاية سياسة متشددة تجاه إيران.لا شك أننا كنا سننجح أيضاً في حماية خطة العمل المشتركة الشاملة بشكل أفضل من قرار ترامب الانسحاب منها لو أننا استطعنا ترسيخها سياسياً على نحو أعمق في الولايات المتحدة، ومن المؤكد أن الانسحاب من معاهدة رسمية أكثر صعوبة من التخلي عن اتفاق تنفيذي، ولكن في عالم واشنطن المقسّم بعمق، شكّل الحصول على تأييد ثلثَي الأصوات في مجلس الشيوخ الضروري للمعاهدات مهمة مستحيلة بالكامل، حتى تأكيد استطلاعات الرأي أن 60% من الأميركيين يعارضون الانسحاب من الاتفاق النووي لم يشكّل دفاعاً قوياً كفاية.الانسحاب من الاتفاق وفرض عقوبات أحادية ألحقا الأذى بنا
تمثّل خطوة ترامب هذه مذكّراً إضافياً بأن هدم المساعي الدبلوماسية أسهل بكثير من بنائها، إلا أن الانسحاب من الصفقة النووية نفّر حلفاءنا الذين انضموا إلينا في هذا المسعى قبل سنوات كثيرة.بالإضافة إلى ذلك، تؤدي إعادة فرض العقوبات الأميركية، رغم معارضة شركائنا، إلى إلحاق ضرر أشد بأداة سياسية تعاني إساءة كبيرة، مما يدفع دولاً أخرى إلى الحد من اعتمادها على الدولار والنظام المالي الأميركي. كذلك تعكس هوساً بإيران يفاقم ثقلها الاستراتيجي ويقوّض أوليات أهم، مثل إعادة بناء الائتلافات أو احتواء خصوم أكثر قوة.شكّل هدم ترامب الصفقة الإيرانية أيضاً ضربة قوية إلى مصداقيتنا وإلى الثقة الدولية بأننا نلتزم دوماً بما نتعهد به.قد تكون «المصداقية» مصطلحاً مستهلكاً في واشنطن، مدينة تغالي أحياناً في ميلها إلى حض الرؤساء على اللجوء إلى القوة بغية دعم عملتنا ونفوذنا حول العالم، ولكن لهذا أهمية في الدبلوماسية الأميركية، وخصوصاً في مرحلة ما بعد الهيمنة، حين تكتسب قدرتنا على دفع آخرين إلى الاحتشاد حول مخاوف مشتركة أهمية متزايدة. وسط أصداء أحادية استعمال القوة على الدرب نحو حرب العراق عام 2003 وإغراء إعادة تشكيل النظام الإقليمي بواسطة القوة الأميركية، يشير قرار التخلي عن خطة العمل المشتركة الشاملة إلى رفض خطير للدبلوماسية.كان هذا الرهان الخطير، المتعجرف، غير المدروس، هو ذاته الذي قوّض نفوذنا من قبل، وقد يقوّضه مرة أخرى بسهولة.ترامب نعت الصفقة بـ«الأسوأ على الإطلاق»
وصل دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وهو يحمل ازدراء عميقاً لخطة العمل المشتركة الشاملة التي نعتها بـ»الصفقة الأسوأ على الإطلاق»، ورفض مزاياها العملية، التي تقيّد برنامج إيران النووي، ومفهوم أن للدبلوماسية الكلاسيكية القائمة على بناء الائتلافات والتوصل إلى حلول من خلال التفاوض قيمة كبيرة رغم كل الأخذ والرد الذي تتطلبه. أما دافعه، فكان أكثر بعداً بكثير عن الواقع، علماً أن هدفه لم يكن التوصل إلى صفقة أفضل مع الإيرانيين، بل الضغط عليهم بقوة، فإما يستسلمون أو ينهارون من الداخل، ورغم مناشدات اللاعبين الآخرين في مجموعة 5+1 وغياب الأدلة على عدم التزام إيران، سحب ترامب الولايات المتحدة من خطة العمل المشتركة الشاملة في شهر مايو عام 2018.
المؤلف: وليام ج. بيرنز