غداة ليلة دامية شهدتها مدينة النجف، تجددت أمس تظاهرات شعبية، يقودها أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر في عدد من المدن العراقية، للمطالبة باعتقال قياديين من التيار الصدري، تم فصلهم من التيار على خلفية تهم بالتورط في ملفات فساد مالي.وأصدر مقتدى الصدر تعليماته لكل أتباعه بضرورة الاحتجاج والاعتصام أمام المولات والمراكز التجارية والعقارات التي يملكها "المنتفعون والفاسدون".
ووجّه زعيم التيار الصدري الاثنين الماضي، بتشكيل لجنة لجمع معلومات عن أتباعه العاملين بمشاريع تجارية، وخاطبهم بالقول: "ما عدت أتحمل تشويهكم لسمعة السيد الوالد وخروجكم عن نهجه".وشهدت محافظات النجف وكربلاء وبابل والناصرية وواسط اضطرابات أمنية، بعد قيام أتباع الصدر بالتظاهر وإحراق مراكز تجارية ومقار شركات تعود لقياديين سابقين في التيار الصدري تم فصلهم أخيرا من التيار، بقرار من زعيمه الصدر على خلفية تهم بالتورط في ملفات فساد مالي كبيرة.وشارك في التظاهرات رجال دين ومعممون والمئات من النساء والرجال من الأنصار، مرددين شعارات تطالب السلطات العراقية بالقصاص من الفاسدين.
بابل وذي قار
وتظاهر العشرات في قضاء المسيب بمحافظة بابل (جنوب بغداد) احتجاجاً على سطوة الجماعات المسلحة التي تمتلك مكاتب اقتصادية وتمارس عمليات الابتزاز ضد السكان.وفي مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، حاصر أنصار التيار الصدري، أحد المجمعات التجارية التابعة لمتهمين بالفساد. وأفاد مصدر أمني في شرطة النجف، بأن "أتباع التيار الصدري اقتحموا مول البشير التابع للقيادي السابق في التيار الصدري، جواد الكرعاوي، وأحرقوه بشكل شبه كامل، مما أدى إلى وقوع قتلى وجرحى في أثناء اقتحام المركز التجاري في ظل عدم تدخل الأجهزة الأمنية وشرطة النجف".العوادي والزركاني
وفي محافظة بابل، طوق العشرات من المتظاهرين الغاضبين منزل النائب السابق عواد العوادي، في مشهد آخر يدل على عزم المتظاهرين تنفيذ تعليمات الصدر لمحاربة الفاسدين ومقاطعتهم.وخرج العوادي لاحقاً من منزله وسط حشود المتظاهرين، مؤكدا لهم أنه ليس من الفاسدين، وأنه خدم العراق ولم يسرق شيئاً. وامتدت تلك الاحتجاجات إلى محافظة واسط، بعد أن طوق أنصار الصدر منزل نائب محافظها عادل الزركاني.وتسببت الاضطرابات في مقتل ما لا يقل عن 4 أشخاص، فضلاً عن سقوط 17 جريحاً خلال الـ24 ساعة الماضية، وفق خلية الإعلام الأمني.وشرعت القوات الأمنية في اعتقال حراس المراكز التجارية الذين أطلقوا النار باتجاه المتظاهرين، ووجهت لهم تهماً بالقيام بأعمال إرهابية. فيما انتشرت قوات أخرى في الشوارع للحيلولة دون وقوع المزيد من أعمال العنف.الفساد والفاسدون
وأعلنت الهيئة السياسية للتيار الصدري، في بيان صحافي أمس، أنها "تتابع تطورات الأحداث في بعض المحافظات، وتدين بشدة استخدام القوة ضد المتظاهرين السلميين، وخصوصاً في محافظة النجف، حيث يتظاهر أبناء الخط الصدري ضد الفاسدين أمام مولاتهم وشركاتهم ومنازلهم، في تعبير حضاري وسلمي عن رفض الفساد والفاسدين".وشدد البيان على أن "إطلاق النار على المتظاهرين العزّل السلميين يعتبر جريمة بشعة بحق الإنسان وحقوقه في التعبير عن رأيه، والمطالبة بحقوقه وحقوق وطنه وانتهاك صارخ للدستور والقوانين".تدخّل حكومي
وطالب البيان "رئيس الوزراء ورئيس مجلس القضاء الأعلى باتخاذ الإجراءات القانونية فوراً بحق مرتكبي هذه الجريمة النكراء وإنزال أقسى العقوبات بحقهم ليكونوا عبرة لغيرهم".وطالب رئيس كتلة "الإصلاح والإعمار" النيابية، صباح الساعدي رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي بإصدار قرارات جريئة حازمة وفورية تجاه الفاسدين وحماية المتظاهرين والمعتصمين السلميين، محذراً من أن "الفساد والفاسدين طعنوا العراق الجريح في ظهره وهو يحارب الإرهاب الداعشي وقبله القاعدة والنصرة والتكفيرين، فذهبت أموال شعبه إلى بطونهم التي لا تشبع" .إلى ذلك، تظاهر أهالي مدينة الموصل أمس بالقرب من مقر نقابة المهندسين بالجانب الأيسر، مطالبين بحل مجلس محافظة نينوى ومحاسبة الفاسدين والإبقاء على خلية الأزمة في إدارة شؤون المحافظة والإسراع بإجراء الانتخابات المحلية، وحل مشاكل عوائل الشهداء والمفقودين والمفصولين من أبناء القوات الأمنية.من جهة أخرى، أفاد مصدر أمني في كركوك أمس بوصول تعزيزات من الشرطة الاتحادية، قوامها لواءان، إلى المحافظة لدعم الملف الأمني في أطراف المحافظة.وقبل ساعات، أعلن الإعلام الأمني مقتل خمسة من عناصر الشرطة، بينهم 4 ضباط، في هجوم نفذه تنظيم داعش على عجلة تابعة للواء القناصين بالشرطة الاتحادية في منطقة سيلان، ضمن ضاحية الرياض جنوب غربي كركوك.