أتمنى أن تنجح توصية اللجنة التشريعية في مجلس الأمة بقصر مهنة المحاماة لخريجي كلية الحقوق، وإزالة النص الحالي الذي يسمح بانضمام خريجي الشريعة إلى جانب خريجي كلية الحقوق، لعدم تمتع السادة خريجي الشريعة بكل علوم القانون التي تهيئهم لممارسة مهنة المحاماة، والتي عادة لا تدرس لهم وفق مناهجهم الدراسية.تلك الأمنية ليست محاربة للإخوة خريجي الشريعة الذين أكن لهم كل تقدير واحترام، وللشهادات التي يحملونها في كل مناحي شريعتنا الغراء، بل هي حقيقة يجب استيعابها، ولا يمكن القبول بالاستمرار بها بأن تكون كلية الشريعة بوابة للتعيين في الوظائف القانونية، التي يتعين أن تكون مقصورة على خريجي الحقوق، ولو أجاز الواقع العملي لهم على سبيل الاستثناء التعيين في بعض الوظائف كالنيابة العامة، شريطة اجتيازهم دورات تأهيلية لعلوم القانون، وأن يراعى في تعيينهم ممارستهم للعمل في المسائل الشرعية.
إلا أن التوسع في هذا الاستثناء وتعيينهم في كل المهن القانونية هو إضرار بالعمل القانوني، لاسيما إن كان لا يرتبط بتأهيل قانوني يكفي لممارسة العمل القانوني في كل تخصصاته، ولذا فإن الواقع العملي يشهد أن المقبولين في مهنة المحاماة من خريجي الشريعة لا يخضعون لدورات تأهيلية، كما حال المقبولين منهم في النيابة العامة، وإنما يمارسون العمل في مهنة المحاماة مباشرة، وفي كل المهن القانونية دون تأهيل أو تدريب على علوم القانون، وهو الأمر الذي يضر مهنة المحاماة، بما يسمح بممارسة عدد من المنضمين إليها ممن ينقصهم التأهيل والتدريب القانوني اللازمين بما يسمح بفهم علوم القانون، وعلى الأخص أحكام قانوني المرافعات والإجراءات والمحاكمات الجزائية.ولذلك فإن منع خريجي الشريعة من ممارسة مهنة المحاماة له ما يبرره، لاختلاف طبيعة العلوم التي يخضع لدراستها خريجو كلية الشريعة عن المواد التي يخضع لدراستها خريجو كلية الحقوق، طالما بقي الوضع بلا تأهيل قانوني لهم، وإذا دعت الحاجة إلى السماح لهم بممارسة مهنة المحاماة فيتعين إخضاعهم لدورة تأهيلية في معهد المحاماة مدة عام أو ستة أشهر، قبل انضمامهم إلى مهنة المحاماة، مع إجراء اختبارات للقبول، أو أن توفر كلية الحقوق مقررات دراسية للراغبين منهم في ممارسة مهنة المحاماة بأن يجتازوا عددا من المقررات مدة عام دراسي على الأقل!والأمر الآخر الذي يتعين أن ينظر إليه هو إلغاء صلاحية وزير العدل في تحديد المهن النظيرة لمهنة المحاماة، لأن النص الحالي سمح للوزير بإضافة مهن نظيرة من غير المنطقي القبول بها لمجرد أنها تحمل شهادات الحقوق، من دون أن تمارس عملا قانونيا ونظيرا لمهنة المحاماة، ولذا فإن المنطق أن تحدد الوظائف التي تعد نظيرة، وهم محامو الحكومة وهيئاتها ومؤسساتها والنيابة العامة والقضاء والإدارة العامة للتحقيقات، وما عداهم يتعين أن يمارسوا مهنة المحاماة منذ بدايتها، ولا بأس أن تخصص لهم درجة الترافع أمام المحكمة الكلية، لأن القبول بالسماح لهم بفتح مكاتب والترافع أمام محكمة التمييز مباشرة أمر يرفضه العقل والمنطق، ويخالف مبادئ العدالة والمساواة.
مقالات
مرافعة : خريجو «الشريعة» والأعمال النظيرة!
21-05-2019