«جزيرة الغفران» فيلم بإنتاج تونسي - لبناني للمخرج رضا الباهي
يعبّر المخرج التونسي رضا الباهي في فيلم "جزيرة الغفران" الذي بدأ تصوير أولى مشاهده في جزيرة جربة جنوب شرق تونس نهاية أبريل الماضي، عن حنين لمشهد ديني يسوده التعايش السلمي الذي ميّز في الماضي المجتمع التونسي.وتشارك في الفيلم الممثلة الإيطالية كلوديا كاردينالي، ويستمر تصويره في جربة حتى 25 الجاري، وهو يحمل إسقاطات على الواقع الحالي في تونس ودول عربية أخرى، بعد "الربيع العربي" ويوضح الباهي أن الفيلم يقدم من خلال قصة عائلة مسيحية، تونس في خمسينيات القرن الماضي "بكل خصوصياتها وتفاصيلها المبهرة، من أبرزها حالة التعايش والانصهار في المجتمع التونسي التي عاشها أتباع الديانات في تلك الفترة".
ويضيف المخرج: "في هذا العمل الجديد حنين لتونس الجميلة وتوق ضمني لمستقبل هادئ خال من الصراعات والتعصب".و"جزيرة الغفران" فيلم من إنتاج تونسي لبناني يكتسب أهمية في تونس التي تعتبر من أكثر دول العالم العربي انفتاحاً.ويتناول العمل السينمائي الجديد قصة كاتب تونسي إيطالي يدعى أندريا يقرّر العودة إلى جزيرة جربة بعد غياب استمر حوالي ستين عاماً لنثر رماد جثة والدته عملاً بوصيتها.وفي مسقط رأسه، يحاول إعادة تشكيل الصور والذكريات التي طبعت طفولته من خلال العلاقة مع سكان المدينة.ويستحضر أندريا الحادث الذي تعرض له والده داريو، صيّاد الإسفنج، وكيف هبّ سكان الجزيرة على اختلاف معتقداتهم الدينية لمساعدته.في المقابل، تستغل مجموعة إسلامية متطرفة حالة داريو الصحية "لإجباره" على اعتناق الإسلام، فتلقى معارضة من الشيخ إبراهيم. وتدور معظم المشاهد داخل حانة قديمة تديرها عائلة أندريا وسط أجواء مرحة وهادئة.وتقول كلوديا كردينالي التي تؤدي دور الجدة غوستينا "أحببت كثيراً السيناريو، يذكرني بطفولتي حيث كانت كل الطوائف الدينية تتشارك الأعياد". وتضيف كردينالي التي تشغل منصب سفيرة "يونسكو" للنوايا الحسنة منذ عام 2000، "مهم جداً طرح موضوع قبول الآخر سواء كان عربياً أو أوروبياً، مسيحياً أو يهودياً أو مسلماً، فجميعنا واحد".وتضيف "التعددية الدينية عامل إثراء حضاري وليست مدعاة للصراع".كذلك، يشارك في بطولة الفيلم ممثلون آخرون من إيطاليا وتونس ولبنان بينهم التونسيان علي بن نور وباديس الباهي واللبناني حسان مراد.ويرى بن نور أن مشاركة ممثلين من جنسيات مختلفة "يتماشى وجوهر موضوع" الفيلم الذي يجمع بين الكوميديا والتراجيديا، واستغرقت مدة كتابته حوالي سنتين، على أن يعرض في 2020.وعلّل المخرج التونسي اختيار جزيرة جربة "لتنوع سكانها وتعدد انتماءاتهم ودياناتهم من يهود ومسيحيين ومسلمين"، مضيفاً "هي صورة مصغرة عن تونس المتسامحة".ويشير الباهي إلى أنه "يكفي أن نستحضر الذكريات المشتركة ونغوص في تونس الجميلة لنعي قتامة الأوضاع الحالية".واختار المخرج التونسي نزلاً مهجوراً صوّر فيه معظم مشاهد الفيلم "دلالة على أن الأمور ليست على ما يرام وأن هناك مشاكل بيئية واقتصادية واجتماعية" في تونس اليوم، بحسب قوله.ورداً عن سؤال عما إذا كانت السينما قادرة على تغيير الواقع، يكتفي الممثل الشاب باديس الباهي بالقول: "الرسالة التي يحملها الفيلم قوية جداً... لكن هل سيغير الفيلم شيئا ما؟ لا أدري. لننتظر ونرى".ويأتي فيلم "جزيرة الغفران" ضمن 11 فيلماً آخر أخرجها رضا الباهي تتمحور حول "الآخر"، وهي مسائل تشغل المخرج من بينها "زهرة حلب"، و"السنون لا تموت في القدس" حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.ويؤكد الباهي أن السينما تبقى "إثبات وجود وتحدّياً ومكسباً" في تونس، آسفاً لرفض وزارة الثقافة التونسية تقديم دعم مادي للفيلم.(ا ف ب)