زحمة السيارات ليست هي الهم الذي يقض مضاجع رواد الطريق فحسب، فلو كانت الزحمة في شوارع طبيعية وطرق نظيفة ونظام مروري محترم لهانت آثارها على الناس، لكننا في الكويت نعاني أضعافاً مضاعفة مع الزحمة بسبب تردي أوضاع الطرق ومصيبة الحصى المتطاير والحفر العميقة، ثم الفوضى المرورية العارمة في الشوارع في كل حين.لا نشاهد يومياً معالم هذه الفوضى التعيسة من الشباب الطائشين والمتهورين فقط كما كان الناس يشكون في السابق، إنما من قادة الشاحنات الكبيرة قبل السيارات الصغيرة، ومن باصات شركات النقل بأنواعها التي تجوب الشوارع، وهي خالية من الركاب، ومن الدراجات النارية للمطاعم التي يسابقنا أصحابها في السكيك، ومن التكاسي الجوالة التي تقف في كل حارة وبكل جهة، ولا يعبأ أصحابها بمن خلفهم، ومن آلاف السائقين الذين يقودون سيارات مهترئة بدون رخصة أو برخصة منتهية أو حصل عليها بدون وجه حق، كل هذه المعالم عنوانها واحد: ضعف الداخلية وغياب الردع واختفاء رجال المرور من الطريق والجرأة على اختراق القانون.
في كل مشوار تسلكه يومياً تشاهد هذه التجاوزات في وضح النهار، وأما الكارثة الكبرى التي يشترك فيها الشباب والبنات والرجال والنساء بلا مبالاة فهي استخدام الهاتف النقال أثناء القيادة بكتابه الرسائل وقراءتها، والاطلاع على برامج التواصل الاجتماعي والاندماج فيها، ونسيان أمر الطريق في الخط السريع أو عند الدوار أو إشارة المرور، وهذه من أخطر العادات الطارئة علينا في الشارع، وتكاد تكون السبب الأول للحوادث اليومية المختلفة صغيرها وكبيرها، وبغض النظر عن أي قانون فمن الواجب علينا جميعاً أن نكافح هذه الآفة الفتاكة لمصلحتنا ومصلحة كل روّاد الطريق.من المسؤول عن هذه الفوضى المرورية المهلكة؟ أليست وزارة الداخلية التي نرى دورياتها تقف عند التقاطعات وإشارات المرور في حين ينشغل أفرادها بهواتفهم تاركين واجباتهم الوظيفية في الشارع؟ أليست وزارة الداخلية التي تتصرف مع هذه الأوضاع بردود الأفعال وحسب ما ينشر في وسائل التواصل؟ أليست وزارة الداخلية التي تترك الفوضى المرورية تنمو وتتضخم في ظل غياب خططها الفعالة ووجودها الصادق في الطرق؟ يا ترى ماذا عن المجلس الأعلى للمرور؟ وما دوره؟ وما برامجه؟ وما أعماله التي لا نراها ولا نجد آثارها على أرض الواقع؟ وأخيراً أين الحس الوطني والهم الاجتماعي للمواطن والمقيم في حماية الطريق بالالتزام بالقانون، وترك المخالفات، والإبلاغ عن التجاوزات الخطيرة التي يراها أمامه في كل حين؟إن الفوضى المرورية كارثة وطنية وخطر محقق على الناس وجب على وزارة الداخلية أن تواجهه بجدية، وتعيد الأمور إلى نصابها حماية لأرواح البشر أولاً، ثم تجميلاً لصورة الوطن. والله الموفق.
مقالات
الفوضى المرورية لا تطاق
23-05-2019