أستراليا أكبر المستفيدين من الضربة الصينية القاصمة لصناعة الغاز الأميركية
تنفيذ الصين لتهديدها الانتقامي بزيادة التعرفة على وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الأميركي من 10 إلى 25 في المئة يعد ضربة قاسية للمصدرين الأميركيين، لكن دولة أخرى تنتظر تحقيق مكاسب من وراء ذلك. فأستراليا تستعد لجسر الهوة من خلال ربط الصين بقطاعها المزدهر للغاز الطبيعي المسال، كانت بكين قد استوردت العام الماضي نحو 23 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال من أستراليا بما يشكل نحو 42 في المئة من الصادرات الأسترالية، ويمكن لهذا الرقم أن يزداد مع أن صادرات الغاز الطبيعي المسال الأميركي كانت قد هبطت بنسبة 80 في المئة في العام الحالي مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وكان الرئيس دونالد ترامب قد هدد بزيادة التعرفة الجمركية على ما قيمته 300 مليار دولار من الواردات الصينية، مما أفضى إلى خطوة انتقامية صينية الأسبوع الماضي عبر التهديد بزيادة 25 في المئة على المستوردات من الغاز الأميركي اعتباراً من الأول من شهر يونيو المقبل.
المنتجون قلقون
المنتجون للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة ومصدريه الرئيسيين ينتظرون بقلق لمعرفة كيف يمكن أن تؤثر هذه التعريفات على مشروعات تطوير الإنتاج للغاز الطبيعي، وخصوصاً المشاريع المستقبلية أو تلك التي بانتظار الموافقة. ويمكن أن تتوقع الصين الانتقال من استيراد حوالي 53 مليون طن من الغاز الطبيعي المسال في سنة 2018 إلى حوالي 93 مليون طن مع حلول عام 2025، مع تحركها بثبات لتصبح أكبر مستورد للغاز الطبيعي في العالم. وقال بنك كريدي سويس Credit Suisse، إن هذا تطور إيجابي بالنسبة لتسويق الغاز الطبيعي المسال الأسترالي، بحسب محلل الطاقة سول كافونك Saul Kavonic. إن الولايات المتحدة هي الدولة المنافسة الرئيسية لأستراليا في حقل الغاز الطبيعي المسال، لذلك فإن التعرفة الصينية من شأنها إخراج هذا المنافس من السوق بحسب كافونك الذي يرى أن الحرب التجارية تزيد من خطر سعي المشترين الصينيين لتوقيع عقود استيراد طويلة المدى لمدة 20 سنة من الولايات المتحدة. وتوقعت دراسة أجرتها شركة وود ماكينزي Wood Mackenzie زيادة الاستثمارات في مشاريع تطوير الغاز الطبيعي المسال بنحو 200 مليار دولار في مواقع قادرة على إنتاج نحو 90 مليون طن خلال العامين المقبلين، وبحسب الدراسة كان من المتوقع أن تتركز معظم مشاريع تطوير إنتاج الغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة.الدور الأميركي
وكان الرئيس ترامب يأمل تعزيز الدور الأميركي الريادي العالمي في تصدير الغاز الطبيعي المسال، وكان من المتوقع من هذه المشاريع العمرانية أن تدعم ازدهار صناعة الزيت الصخري في الولايات المتحدة، وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة هي المصدر الأسرع نمواً في العالم ويتنبأ محللون أن تحتل الولايات المتحدة المركز الأساسي بعد قطر وأستراليا بحلول نهاية السنة الجارية. وكانت الولايات المتحدة قد حققت زيادة بنسبة 53 في المئة في صادراتها من الغاز الطبيعي المسال في سنة 2018 مقارنة مع السنة السابقة، واستمرت الزيادة في مشاريع إدارة معلومات الطاقة المدنية وسوف تحتل المركز الثالث في تصدير الغاز الطبيعي المسال، بيد أن الصين هي مشترٍ رئيسي للغاز الطبيعي المسال وأصبحت الآن ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد اليابان.التهديد الأخير
وفيما يعتبر التهديد الأخير بزيادة التعرفة مسألة جدية، فإن الحرب التجارية الأوسع يتوقع أن تحدث تأثيراً أكبر على مشاريع تطوير الغاز الطبيعي في العالم. وتتوقع شركة ريستاد Rystad للطاقة أن تصدر الولايات المتحدة كميات من الغاز الطبيعي المسال تصل إلى 4 أضعاف الكمية المتوقعة خلال السنوات القليلة المقبلة إذا لم تتعرض مشاريعها للعقوبات. وتتوقع الشركة أن تتمكن بعض مشاريع التطوير الأكثر تكلفة من تقديم شروط تنافسية إلى المشترين وتلحق الضرر بالمشاريع المستهدفة للصادرات الصينية. وأشار محلل شركة ريستاد سيندر كنوتسون إلى احتمال تحولها إلى ضحية للحرب التجارية، وكانت تشينير Cheniere قد أبرمت اتفاقاً لـ 20 سنة لتزويد مليوني طن من الغاز الطبيعي المسال إلى شركة سينوبك Sinopec المملوكة للدولة اعتباراً من سنة 2023 ولكن بلوغ المراحل النهائية لهذا الاتفاق قد تأجلت. ويرى نيكوس تسافوس Nikos Tsafos من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن أن تأثير الأجل الطويل على صادرات الغاز الطبيعي المسال يمكن أن يلحق الضرر بالمصدرين الأميركيين. لكن في الوقت الحالي، وصلت كميات من الغاز الطبيعي المسال إلى المشتريين الصينيين من خلال شركات ومصادر إمداد غير مباشرة. وكانت ثلاث شركات نفطية وطنية صينية كبرى قد أبرمت اتفاقات غير مباشرة مع مزودين أميركيين بحسب تسافوس.لكن الموجة الجديدة من مشاريع الغاز الطبيعي المسال الأميركي يمكن أن تتعرض للضرر من خلال الحرب التجارية التي يمكن أن تعرقل صادرات الغاز الطبيعي المسال وتقوض الثقة في أمن الطاقة إضافة إلى وجود سوق مفتوح للغاز الطبيعي المسال والطاقة بشكل إجمالي. وقال تسافوس: "إن تلك التأثيرات يحتمل أن تكون أكثر أهمية مما إذا كان الغاز الطبيعي المسال يمكن أن يتدفق على الصين".* جون لوساج(أويل برايس)