هذه الأيام بدأت طبول الحرب تدق في خليجنا العربي، والشعوب المطلة عليه تكتم أنفاسها لئلا يقع المحظور، فنحن- جيل الخمسينيات- تعايشنا مع حروب وقلاقل في منطقتنا العربية بما فيها دول الخليج، فكانت تبعات حرب فلسطين واحتلال الصهاينة لها وقتل أهاليها وتشريدهم ونشأة دولة الصهاينة، قد ألقت بظلالها على العرب أجمعين، واستمرت إلى يومنا هذا. في عام ١٩٥٦ كان العدوان الثلاثي على مصر الحبيبة، وبعد ذلك عام ١٩٥٨ تم الإنزال الفرنسي على لبنان، وتغيرت بعض الأنظمة من ملكية إلى جمهورية في مصر والعراق، وجاءت حرب ١٩٦٧ واحتل الإسرائيليون سيناء والضفة الغربية وهضبة الجولان، وراح ضحيتها آلاف البشر ودُمرت الثروات واستنزفت الطاقات، وتراجع الاقتصاد في المنطقة العربية.
وفي عام ١٩٧٣ نشبت الحرب مرة أخرى مع إسرائيل، وبعدها بفترة نشبت الحرب الأهلية في لبنان، وكذلك الصراع المسلح بين الفلسطينيين والأردن، وفي عام ١٩٨٢ وقع الاجتياح الإسرائيلي على لبنان، وتوالت الحروب والمشاكل في منطقتنا العربية، وفي عام ١٩٧٩ قامت الثورة في إيران بعد الإطاحة بحكم الشاه، وحل محلها نظام ديني متشدد أراد تصدير ثورته للخارج وخصوصا للدول المجاورة. في عام ١٩٨٠ قامت الحرب بين الجارتين إيران والعراق، ونتج عنها مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وتدمير البنى التحية للدولتين، واستمرت الحرب ٨ سنوات، وأصبح الخليج ملتهبا حتى جاء عام١٩٩٠، وحدثت الكارثة مرة أخرى عندما غزا العراق الكويت، وقتل الأبرياء، ونهب وشرد الكثيرين، وأضر بالاقتصاد واستمر سبعة أشهر، وفي عام ٢٠٠٣ أطاحت القوات الأميركية بالنظام العراقي. ونحن الآن في عام ٢٠١٩ وفي منطقة الخليج العربي نسمع ونرى استعدادات حرب بين الولايات المتحدة وإيران، والحشود في البر والبحر، وهي قريبة منا، إلى جانب الحرب الإعلامية والنفسية التي بدأت منذ فترة. وبما أن الحروب والمشاكل التي ذكرتها على مر السنين لم تجلب لنا إلا الويل والضعف لمنطقتنا العربية فإن الحرب إذا وقعت، لا سمح الله، ستغير الخريطة العربية، وسيتخلف العرب سنوات طويلة، إضافة إلى التخلف الذي حدث في السابق، فنحن لا نريد الحروب المدمرة بل العيش بسلام مع جيراننا لنستخدم ثروتنا لمصلحة أجيالنا القادمة، ولنلحق بالدول التي سبقتنا بسنوات ونطور بلداننا ونعمل معا لمنع أي حرب سواء في الخليج أو أي منطقة مجاورة. فلتعمل دول الخليج مجتمعة لحل خلافاتها ومنع الاضطراب، وكذلك إيران لها دور لمنع الحرب وتجنيب الشعب الإيراني ويلاتها والحفاظ على الاقتصاد الإيراني وتنميته لمصلحة شعبها، وأن تنعم الشعوب المطلة على ضفتي الخليج العربي بالأمن والاستقرار، وذلك بالتعاون فيما بينها، وأن تنتهج سياسات عقلانية، وتمد جسور التعاون لمصلحة شعوبها، ولا تعطي سبباً لتدخل القوى الكبرى في العالم، لينعم الخليج بالأمن والاستقرار. وفي النهاية ستدفع دولنا الخليجية وإيران فاتورة هذه الحرب، والجميع خاسرون، اللهم إنا نسألك في هذا الشهر الفضيل أن تجنبنا الحروب والمشاكل والقلاقل، وأن نعيش وجيراننا بأمن وأمان ومحبة وتعاون.
مقالات - اضافات
لا للحرب
24-05-2019