برلين على خط خفض التوتر... وإيران تحاول شن هجوم مضاد
• طهران: «أبراهام لينكولن» ابتعدت مسافة 700 كيلومتر... وأبلغنا الوسطاء رفضنا التفاوض
حاول الإيرانيون شن هجوم مضاد على الضغوط الأميركية، معتبرين أن تراجع احتمالات حدوث حرب أميركية هو انتصار. وبينما تتسارع الاتصالات والمبادرات الدولية الرامية إلى خفض التوتر، وآخرها دخول برلين على خط التهدئة، أعلنت طهران أنها تلقت عروضاً أميركية جديدة للتفاوض لكنها رفضتها.
دخلت برلين، أمس، على خط مساعي خفض التوتر في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران. وقال مصدر دبلوماسي ألماني لـ "رويترز"، إن ينس بلوتنر مدير الدائرة السياسية في وزارة الخارجية الألمانية زار طهران، أمس، للاجتماع مع مسؤولين إيرانيين في محاولة لتهدئة التوترات في المنطقة، واحتمالات الحفاظ على الاتفاق النووي الذي أبرم في عام 2015.وقال مصدر دبلوماسي ألماني لـ "رويترز"، إن "الموقف في الخليج والمنطقة والوضع المتعلق باتفاق فيينا النووي خطير جدا. هناك خطر حقيقي من حدوث تصعيد... في الموقف، الحوار مهم جدا".
جاء ذلك، بينما أكد كيوان خسروي المتحدث باسم المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، أمس، مجددا، أنه لن تجرى مفاوضات مع واشنطن، مجددا بذلك التزام طهران بالتعميمات التي أصدرت منذ بداية التصعيد الحالي، وكانت "الجريدة" انفردت بنشرها وتنص على ضرورة عدم الحديث بأي شكل عن قبول التفاوض، وعدم التهديد بإغلاق مضيق هرمز، في محاولة لتقويض استراتيجية الرئيس دونالد ترامب.وقال خسروي، إن مسؤولين من عدد من الدول زاروا إيران في الآونة الأخيرة "معظمهم يمثلون الولايات المتحدة"، لكن رسالة إيران لهم كانت حازمة، مضيفا "دون استثناء، تلقوا رسالة عن صلابة ومقاومة الأمة الإيرانية".وتابع: "قلنا بصراحة، إننا سنواصل هذا الطريق، ولن تكون هناك مفاوضات مع واشنطن طالما لم تغير سلوكها وتؤمن بحقوق إيران".وكان رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي أعلن أن بلاده سترسل وفدين إلى واشنطن وطهران للمساعدة "في احتواء التوتر" بينهما. وقام وزير خارجية سلطنة عمان يوسف بن علوي بزيارة لطهران الاثنين الماضي، التقى خلالها نظيره الإيراني جواد ظريف. وعلمت "الجريدة"، أن بن علوي سلم الإيرانيين رسالة خاصة للمرشد الأعلى علي خامنئي، تتضمن فحوى الاتصالات التي أجرتها عمان مع الجانب الأميركي. وعلمت "الجريدة" أن الوزير العماني نقل للإيرانيين اقتراحاً بعقد لقاء بين الرئيس ترامب وخامنئي، أو مع الرئيس حسن روحاني في حال حصل على تفويض كامل للتفاوض. وقال مصدر لـ "الجريدة"، إن الجانب العماني اقترح اجراء مفاوضات استكشافية على مستوى الخبراء في مسقط. وأفاد موقع "ديبكا" الإسرائيلي الاستخباري بأن مندوبين أميركيين وإيرانيين موجودون في قطر أو العراق بهدف التوصل إلى اتفاق يخفف التوتر. وكان رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه، دعا قبل أيام إلى حوار إيراني- أميركي في العراق أو قطر، يكون هدفه إدارة التوتر المتصاعد في المنطقة.وبدا أن تصريحات خسروي جزء من محاولة إيران تغيير تكتيتها من ضبط النفس الى محاولة شن هجوم مضاد. وقد صعد الرئيس حسن روحاني ووزير خارجيته محمد جواد ظريف من لهجتهما فيما يخص الأزمة، وبدا أن استراتيجتهما في رفض المفاوضات تحت التهديد قد تنجح بعد أن تراجعت احتمالات شن حرب شاملة. وقال حسام الدين آشنا مستشار الرئيس الإيراني حسن روحاني في رسالة على "تويتر" إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، إن الانتشار العسكري الأميركي في المنطقة استفزاز متعمد.وأضاف آشنا بالإنكليزية: "لا يمكن أيها الوزير بومبيو أن تأتي بالسفن الحربية إلى منطقتنا وتسمي هذا ردعا. هذا يسمى استفزازا. هذا يجبر إيران على إظهار ردعها الخاص، الذي تسميه أنت استفزازا. هل ترى الدائرة؟".وفاجأ المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي روحاني وظريف بانتقادهما، والنأي بنفسه عن الاتفاق النووي الذي أبرم عام 2015، مع القوى العالمية، قائلا، إن رئيس البلاد ووزير الخارجية لم يتصرفا كما كان يرغب بالنسبة لتطبيق الاتفاق.وأضاف خامنئي، في تعليقات نشرها موقعه الرسمي على الإنترنت: "إلى حد ما، لم أقتنع بالطريقة التي طبق بها الاتفاق النووي. في كثير من الأحيان، ذكرت الرئيس ووزير الخارجية" بذلك.وتابع "لا أثق كثيرا بالوسيلة التي دخل بها (الاتفاق النووي) حيز التنفيذ... وأبلغنا مرارا الرئيس ووزير الخارجية وأرسلنا لهم إخطارا".وعلى نحو منفصل، قال خامنئي، إن الشباب الإيرانيين سيشهدون زوال إسرائيل والحضارة الأميركية.
صراع إرادات
واعتبر رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد باقري، أمس، إن المواجهة بين إيران والولايات المتحدة هي "صراع إرادات"، معتبرا أن واشنطن تضخم خطر الحرب، وأن طهران انتصرت في الحرب النفسية.وقال باقري، إن "القوات المسلحة الايرانية مستعدة للقضاء على أي معتد"، مضيفا أن "الظروف الجديدة لمواجهة النظام الفرعوني الأميركي تستدعي من الشعب الايراني الوجود في ساحات الجهاد". وأوضح أنه "في هذه الاوضاع الحساسة التي يقف فيها العدو عاجزاً ومهزوماً أمام إرادة ايران الثورية والتي يحاول فيها استخدام قدراته الاعلامية، لا يتواني للحظة في تضخيم خطر الحرب المزعومة، كما أن سلسلة ردود الافعال القوية على الحرب النفسية التي اطلقها العدو واستعراض الإرادة الراسخة في استخدام منظومة الردع الدفاعية لمواجهة العدو يمكن أن تظهر زوال قوة أميركا وحلفائها أكثر من أي وقت مضى".قائد البحرية الإيراني
بدوره، قال قائد البحرية الإيرانية العميد حسین خانزادي، أمس، إن حاملة الطائرات الأميركية، "أبراهام لينكولن"، قد ابتعدت عن سواحل إيران مسافة غير مسبوقة. ورجع خانزادي ذلك إلى خشيتها من الصواريخ الإيرانية فيما تتصاعد المخاوف من نشوب حرب بين البلدين.ونقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إيسنا)، عن قائد القوات البحرية في الجيش الإيراني، العميد حسین خانزادي: "حاملة الطائرات الأميركية تقف اليوم على بعد 700 كيلومتر بعيدا عن حدود الجمهورية الإسلامية، وهذا الأمر لم يحدث في التاريخ من قبل".وتابع: "عندما يخرج الأميركيون من الخليج الفارسي فهذا يؤكد أنهم يخشون أن تدمر تجهيزاتهم العسكرية من الصواريخ الإيرانية الموجودة في الخليج الفارسي وبحر عمان، لذلك هم فروا ووقفوا بعيدا عن حدودنا".ونقلت وكالة فارس للأنباء عن الميجر جنرال غلام علي رشيد، أمس الأول، قوله: "إذا كانت أميركا المجرمة وحماتها الغربيون والإقليميون لا يجرؤون على الدخول في مواجهة عسكرية مباشرة مع بلادنا، فذلك بسبب روح المقاومة والتضحية لدى الشعب والشباب". كما نقلت وكالة فارس عن قائد آخر بالحرس الثوري قوله، إن الحرس والجيش الإيراني يسيطران سيطرة تامة على شمال مضيق هرمز.ونسبت الوكالة إلى علي فدوي قوله: "كل شيء في شمال مضيق هرمز تحت سيطرتنا"، وذلك في إشارة إلى المضيق الذي يقع عند حافة الخليج الشرقية ويمر منه نحو خمس النفط المستهلك عالميا.وأضاف فدوي لـ "فارس": "(تحركات) السفن الحربية الأميركية في المنطقة تحت السيطرة الكاملة للجيش الإيراني والحرس الثوري".الجيش الأميركي
في المقابل، قال الجيش الأميركي، إنه سيواصل التحليق والإبحار أينما يسمح القانون الدولي. وقال الكابتن بيل أوربان، وهو متحدث باسم القيادة المركزية الأميركية: "نحن مستعدون مع حلفائنا لضمان حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة عبر المنطقة التي تقع تحت نطاق مسؤولية القيادة المركزية".تعزيزات
في غضون ذلك، ستقدم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) خططها إلى البيت الأبيض لإرسال ما يصل الى 10 آلاف جندي إضافي الى منطقة الشرق الأوسط في خطوة من شأنها تعزيز الدفاعات ضد التهديدات الإيرانية المحتملة، بحسب ما نقلت وكالة أسوشييتد برس عن مسؤولين أميركيين.وأضاف المسؤولون، إنه لم يتم بعد اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن، وليس من الواضح، إن كان البيت الأبيض سيوافق على إرسال كل أو بعض القوات المطلوبة. موضحين أن هذه الخطوة لا تأتي ردا على أي تهديد جديد من إيران، بل ترمي إلى تعزيز الأمن في المنطقة.وفي وقت سابق، أعلن مسؤولان أميركيان، أن وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) تبحث إرسال قوات إضافية إلى الشرق الأوسط وسط توتر مع إيران.وكشف المسؤولان، أمس الأول، أن "البنتاغون" تدرس طلبا لإرسال 5000 جندي إضافي إلى الشرق الأوسط وسط التوتر مع إيران، بحسب ما أفادت "رويترز".وأفاد المسؤولان، بأن القيادة المركزية الأميركية هي التي قدمت الطلب، وليس من الواضح ما إذا كان "البنتاغون" ستوافق عليه. إلى ذلك، أوضح أحد المسؤولين أن طبيعة القوات المطلوبة ستكون دفاعية.وأعلن وزير الدفاع الأميركي بالوكالة باتريك شاناهان، الثلاثاء الماضي، أن تحرك الولايات المتحدة التي نشرت حاملة طائرات وقاذفات في الخليج أتاح "وقف مخاطر هجمات ضد أميركيين" تشنها إيران، مضيفا "نحن في فترة لا تزال فيها المخاطر مرتفعة، وتقتضي مهمتنا التأكد ألا يخطئ الإيرانيون في الحسابات".وأكد جدية المعلومات الاستخبارية التي استندت إليها الإدارة الأميركية لتبرير إرسال حاملة طائرات وقاذفات "بي-52" وبارجة وبطارية صواريخ باتريوت من أجل التصدي لتهديدات إيرانية محتملة.إلى ذلك، قال الوزير الأميركي: "تحدّثنا عن تهديدات ووقعت هجمات"، في إشارة إلى "الأعمال التخريبية" ضد أربع سفن في الخليج.وتابع "ما أريده هو تأكيد موثوقية المعلومات"، مضيفاً أن "إجراءاتنا كانت حذرة جداً، وقد تمكنا من درء مخاطر وقوع هجمات ضد أميركيين".ولدى سؤاله عن تصريحات للرئيس الأميركي دونالد ترامب التي خفف فيها من وقع التهديد الوشيك الذي قد تشكّله إيران قال شاناهان: "هناك خطر، ونحن نتولى التعامل معه". وتابع "لا يعني ذلك أن التهديدات التي حددناها قد زالت"، مضيفاً "أعتقد أن ردنا الحذر قد أعطى الإيرانيين الوقت للتفكير".
الجيش الأميركي يؤكد مواصلة تحركاته بالمنطقة و«البنتاغون» تقترح إرسال 10 آلاف جندي