عقلنة السنّة النبوية أولاً (2)
![د. عبدالحميد الأنصاري](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1555928789945225900/1555928807000/1280x960.jpg)
عقلنة النص أولاً، ولو كان مخرجاً في صحيحي الإمامين العظيمين: البخاري ومسلم، رحمهما المولى تعالى.ونحن غير ملزمين بالمرويات التي صورت الرسول "عدوانياً" يشن الغارات طلباً للغنائم "بعثت بالسيف وجعل رزقي تحت ظل رمحي"، حديث مكذوب أشبه بأن يكون من وضع قاطع طريق، ويكذبه قوله تعالى "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين". ونضيف هنا: أنه، غير مقبول عقلاً بعد أن قال القرآن الكريم على لسان نبينا "ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير"، المرويات المتكاثرة عن الفتن والملاحم وأشراط الساعة والدجال، والمهدي الذي يخرج آخر الزمان، وبحسب السيناريو الذي ترسمه المرويات، فإن المهدي يعتصم بالحرم، ويبايعه المسلمون بين الركن والمقام، ويأتي جيش من تبوك لمحاربته فيخسف به، ثم يذهب إلى المدينة ويقتل الدجال، ويذهب إلى فلسطين فيقتل اليهود، ويأتي عيسى عليه السلام فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ثم يذهبون إلى الشام فيصلون في المسجد النبوي، وتقوم القيامة!العمل الدرامي الإبداعي (العاصوف) صور حركة جهيمان العتيبي وجماعته (السلفية المحتسبة) التي تملكتها عقيدة المهدي وتجسده في أحد أفرادها، وطبقاً للسيناريو الحديثي، اقتحموا بيت الحرم 20 نوفمبر1979 وأعلنوا ظهور المهدي ووجوب مبايعته، واعتصموا به وبالرهائن المعتمرين 14 يوماً، وقتلوا وعاثوا فساداً، حتى تم قتل المهدي المزعوم وجماعته، وتحرير بيت الله تعالى، وهكذا ذهب جهيمان والشباب المهووسون بالمهدي الذين معه ضحايا (عقيدة المهدي) وما أكثر المهووسين به، والمدعين ظهوره، والناظرين خروجه على مر التاريخ الإسلامي! يكفينا قول المولى تعالى أن رسولنا لا يعلم المغيبات لدحض كل الأحاديث التي تتنبأ بأحداث مستقبلية، وللحكم على أحاديث الفتن وأشراط الساعة بأنها معلولة. هؤلاء الشباب، هم ضحايا عدم عقلنة السنّة، ولو عقلنوها على ضوء القرآن، لجنبوا أنفسهم ذلك الْخِزْي العظيم، ولأدركوا أنه لا يعلم الغيب إلا المولى تعالى، وقد صرح رسولنا بأنه لا يعلم الغيب، وبناء عليه: لا مهدي ينتظر بعد محمد، عليه الصلاة والسلام، خير البشر، كما قال بصدق فضيلة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود، رئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية بدولة قطر، رحمه المولى تعالى.ختاماً: لو فعلنا منهج النقد العقلاني، وتفهمنا النص النبوي، في ضوء نصوص القرآن، وثوابت العلم، وبراهين المنطق، لحصنّا شبابنا من آفات التطرف، وجنباهم التهلكة، ووظفنا طاقاتهم في التنمية والإنتاج والكشف والابتكار، وحفظنا أمن دولنا ومجتمعاتنا. *كاتب قطري