يرد الفنان غريد الشاطئ على الانتقادات التي وجهت إلى صناع الأغنية الكويتية خلال حقبة ستينيات القرن الماضي، أنهم مقصرون بحق الإيقاعات الكويتية، وأعمالهم شابها تأثر كبير بالألحان الشرقية، لاسيما الأغنية المصرية.وقال الشاطئ: "الانطلاقة الحقيقة للأغنية الكويتية وتطورها كانت خلال حقبة الستينيات، نعم قبلنا كانت هناك العديد من الاسماء التي أسست للأغنية مثل عبدالله الفضالة وعوض الدوخي وعبدالحميد الكويتي، وقبلنا أيضا ظهر الفنان شادي الخليج، ثم جاء الجيل الذي أنتمي إليه وضم على صعيد الغناء والكلمة واللحن مصطفى أحمد وصالح الحريبي وعثمان السيد ومحمد التتان ويوسف المهنا وعبدالرحمن البعيجان، هؤلاء بدأوا مشوار تطوير الاغنية من خلال الاستعانة ببعض الجمل والايقاعات الشعبية ودمجها مع ألحانهم، وكانت تتميز الأغنية الكويتية حينها بهذا القالب ذي الإيقاعات الكويتية، ثم ظهر في هذا التوقيت أسماء عدة أيضا لها ما يميزها من نتاج".
وأضاف "في ذلك الوقت كان هناك شغف بالألحان الشرقية والأغنية المصرية. نعم تأثرنا بهذه الموجة، ولكن مع الحفاظ على هوية الأغنية الكويتية"، متمنيا أن يقتبس الشباب الجدد من الإيقاعات الكويتية وتوظيفها في أعمالهم، "لأن الذهاب الى ألحان وإيقاعات دخيلة لا يخدم الأغنية الكويتية".
فترة الغزو
كان الفنان غريد الشاطئ إبان فترة الاحتلال العراقي للكويت موجوداً في القاهرة، وعندما وجد وطنه محتلاً وضع نفسه وإمكاناته بتصرّف السفارة الكويتية والمركز الإعلامي في القاهرة، وكانت ثمرة تحركاته ومشاركاته أداء أغنيات وطنية من تلحين فنانين مصريين، من بينها: "نــداء" تلحين ابراهيم رأفت، و"لولاك بعد الله يا وطن" تلحين محمد قابيل. وقدّم مسرحية "أزمه وتعدي" من تأليف محمد الرشود، كلمات ساهر، ألحان راشد الخضر. وأغنية "لا للتحدي" من كلمات وليد الموسى وألحان أحمد خورشيد، وشارك في أغنية "الله أكبر يا وطن" مع عبدالله الرويشد ونبيل شعيل من ألحان يوسف المهنا.وذكر الراحل، في لقاء تلفزيوني سابق عن هذه الفترة: "قدمنا أيضا أغنية بعنوان (اليوم يومك يا بطل) من كلمات ياسين الحساوي، ومن ألحان عبدالرب ادريس، وكان الهدف منها بث روح الحماسة في نفوس أبنائنا خلال الأزمة". بعد التحرير، قدّم الشاطئ أغنيات وطنية من بينها ثلاث من كلمات أحمد الشرقاوي وساهر، وألحان سليمان الملا ومحمد الرويشد. وأغنية "أم الشهيد" من كلمات الدكتورة كافية رمضان وألحان سعيد البنا، بالإضافة إلى أوبريت غنائي، بمناسبة انعقاد قمة دول مجلس التعاون الخليجي، من كلمات يوسف ناصر وألحان يوسف المهنا، وأنشطة في تلفزيون الكويت، ومشاركته في مهرجان القرين الثقافي.الأسابيع الثقافية والرياضة
يُعتبر الشاطئ أحد أكثر الفنانين الكويتيين مشاركة في الأسابيع الثقافية الكويتية التي نظّمها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب في الدول العربية، حيث قدّم أغانيه في: الجزائر وليبيا وبغداد واليمن ودول خليجية.وكان الراحل يعشق النادي العربي الكويتي، ويتحدث عن عشقه للرياضة، قائلا: "أنا من محبي كرة القدم منذ الصغر، وكنت حريصا على ممارسة الرياضة خلال فترة الدراسة، وبمرور الوقت اكتفيت بمقعد المشجع فقط، واكتفيت بمشاهدة المباريات داخل منزلي، خصوصا بعد الواقعة التي تعرضت لها في مباراة بين القادسية والعربي". وأوضح أن "بعض الأصدقاء اقترح علي الذهاب الى الملعب، وبالفعل تواجهنا إلى هناك، وكان احد المشجعين يجلس بجانبي، ويبدو أنه أساء للحكم ببعض العبارات، وما كان من الأخير إلا أن أوقف المباراة ليشير لأحد رجال الشرطة الى حيث نجلس، وخلال دقائق صعد أحد رجال الشرطة ليعاتبني كيف اوجه السباب إلى الحكم، وأنا فنان معروف، فأكدت له أنني بريء من هذه التهمة، وان الشخص الذي يجلس إلى جانبي هو من أقدم على هذا الفعل، ولاحظت ان الجماهير تركوا المباراة واتجهت أنظارهم كلهم الى حيث أجلس، ليعود الشرطي مجددا إلى الحكم، ويؤكد له أنني لم أسئ له، واستكمل الحكم المباراة، لأقرر مغادرة الملعب دون عودة".أبو الفنانين
ومن المحطات الغنائية المهمة في حياته تجربة الغناء اللبناني، خاصة عندما قدم أغنية "بتروحلك مشوار" بإيقاعات كويتية، وحققت هذه التجربة الكثير من النجاح، وقال الشاطئ عن هذا العمل: "بتروحلك مشوار كانت بمبادرة من وزير الإعلام الأسبق الشيخ جابر العلي الذي وجّه دعوة الى فيلمون وهبي لزيارة الكويت، فأراد العلي- رحمه الله- المعروف عنه عشقه للفن، أن يكرم وهبي، وطلب مني زيارة فيلمون، وعندما سألني عن الأغنيات التي أحفظها، أجبته انني من عشاق اعمال وديع الصافي، لاسيما (بتروحلك مشوار)، وطلب مني حينها أن أعيد تقديم الأغنية، ولكن بإيقاع كويتي، واشترك معي حينها الفنان القدير عبدالحسين عبدالرضا، وهو ممثل متعدد المواهب، وشاركني العمل، واقترح علي إضافة بعض الكلمات الكويتية إلى أن خرجت الأغنية للجمهور بهذه الصورة. وذكر الشاطئ أن وزير الإعلام الأسبق الشيخ جابر العلي كان يلقب بـ "أبو الفنانين"، مستطردا: "كان رحمة الله عليه يسجل حفلات شعبية للفنانين، ويستقدم الذين لم يظهروا من قبل على الشاشة الصغيرة، ويمنحهم الفرصة، أذكر أننا في احد الأيام كنا نسجل في استديو الدسمة الساعة 5 مساء واستمر التسجيل حتى الخامسة من صباح اليوم التالي، لدرجة ان دول الخليج كانت تستعين بهذه الاعمال لعرضها، وكان العلي ايضا يستقدم نجوما مصريين يسجل لهم في الإذاعة والتلفزيون مثل شهرزدا". وفي أحد اللقاءات، وجّه الشاطئ العتب واللوم لتلفزيون الكويت، لاسيما قسم المنوعات، قائلا: "قبل الغزو الهمجي كنا نسجل في استديوهات الإذاعة، ولكن بعد التحرير لم يعد هذا الأمر متاحا، وأصبحنا مجبرين على التسجيل في الخارج باستثناء التكليف الذي نحصل عليه من الإعلام، وهذا يكون مرة كل عام في المناسبات الدينية أو الأعياد الوطنية".محطات غنائية
من المحطات الغنائية المهمة في بدايات غريد الشاطئ "أسر ياليل" من كلمات الشاعر الراحل محمد التنيب، وألحان عبدالرزاق العدساني، ويقول في مطلعها:اسر ياليل وسريني معـــــاك الحبايب ما أظني يرجعـونانتظرتك عسى قلبي فداك غيبتك يا روحي ما هي ظنون
وفي عام 1975، قدّم الشاطئ أغنيات رائعة كانت وراء اتساع شهرته وقاعدته الجماهيرية، وجاءت ثمرة تعاونه مع الملحن القدير خالد الزايد، فأدى من كلمات الشاعر الغنائي مبارك الحديبي أغنيتين: "شراي" و"حسبت أنج" التي حققت له نجاحاً جماهيرياً من خلال الأشرطة والإذاعة والتلفزيون، ومما جاء في مقدّمتها:حسبت أنج تصــونين الأمانـــــــةتعرفيــــــــن الوفــا مثلاتي آنــــــهحسبت الطيب في عيونك يبـــــينحســبت زرع زرعــتــه في مكانــــهومن أغانيه الناجحة أيضاً: "يا حبيبي" من كلمات عبدالخضر عباس، وألحان أحمد عبدالكريم، أخرجها للتلفزيون أمين الحاج ماتقي، و"أظنون الليالي" من ألحان عبدالله غيث، و"مهو كافي" من ألحان عبدالرحمن البعيجان، وكلمات يوسف ناصر، ويقول في مطلعها:مهــو كافي أشــوفك ساعة وتـروحمهــو كافـي تغيــــــــــبشـويـــــة وتــلـــــــــــوحوقدّم أيضاً أغنية "يا حلوه يا قمريه" من كلمات يوسف ناصر، وألحان مصطفى العوضي، كانت إحدى الأغنيات الناجحة الخفيفة التي ما زالت تذاع حتى اليوم، لا سيما في البرامج التوثيقية "أبيض وأسود"، تقول كلمات البداية:يا حلـــوه يا قمــريــــــهيا زينــــة الحلــويـــــــــــنبيـن البنــات حـوريـــــهبيــن الزهـــــــور ياسميــنوتعاون الشاطئ مع مجموعة من شعراء الأغنية من بينهم: عبدالمحسن الرفاعي، مبارك الحديبي، محمد التنيب، منصور الخرقاوي، ابن الصحراء، عبدالمحسن الخزاز، عبدالخضر عباس، يوسف ناصر، جميل ربيع، فتاة عسير، حسين عابدين، خليفة العبدالله، عبدالله الدويش، طلال السعيد، بدر بورسلي وغيرهم.ومن أبرز الأغنيات التي شارك فنانون في تأليفها وتلحينها: "حنيتو"، كلمات خليفة العبدالله، ألحان عبدالرحمن البعيجان. و"والله ما يسوى علينا"، كلمات حسين عابدين، ألحان عبدالله بوغيث. و"السجايا"، كلمات عبدالله الدويش، ألحان ابن الكويتية. و"إلى وين أصبر على صدّك"، كلمات عبدالمحسن الرفاعي، ألحان فتى الصحراء. و"ليالي الغربة"، كلمات فتاة عسير، ألحان إبن الكويت، يقول فيها: "ليالي الغربة والحرمان تكدرنا وتعذبنا"، و"بانتظارك حبيبي"، كلمات جميل ربيع، ألحان سليمان الملا، يقول مطلعها:بانتظـــارك حبيبــــــــي بانتظــــارك تعـــــــــــــودبانتظـــارك تجينــــــــي وبوصــالك تجــــــــــــــودالانتشار من خلال الكاسيتفي السبعينيات، بدأ الفنان الكويتي يتعامل مع شريط الكاسيت للوصول إلى جمهوره، إضافة إلى الإذاعة والتلفزيون. من الأشرطة المتميّزة التي قدمها غريد الشاطئ كان عام 1978 غنى فيه للمرة الأولى ثلاث أغنيات عاطفية من ألحان الفنان عبدالرب ادريس، وأغنيتين من ألحان "ابن الكويت"، وهي من كلمات بدر بورسلي وطلال السعيد وعبدالله الدويش.وفي عام 1982 أصدر الشاطئ شريطاً جديداً قدم فيه أغنيات رائعة هي: "يا شوق"، و"تدلل"، و"سمرنا"، و"عجيبه"، وجميعها من كلمات بدر بورسلي وألحان غنام الديكان، ومن أبرز هذه الأغنيات "عجيبه" يقول فيها:عجيبــــــــهكيف أخليــهــاوهي روحـــــيوهي جــروحــيوهي الدنيا وما فيها.. عجيبــــهوفي الثمانينيات، تركز تعاون غريد الشاطئ مع مجموعة من الملحنين، إلا أن أكثر ملحن تعاون معه كان الفنان أحمد عبدالكريم الذي قدم له ألحاناً مميزة لأغنيات من بينها: "كتبنا بحروف الذهب" عن دولة الامارات العربية المتحدة، و"شوفي ظلم الناس"، و"ياهل الهوى" من كلمات محمد عبداللطيف السعيد ويقول في مطلعها:الهــوى ياهــــــل الهــــــــوىدرب المهـــالك لا تجــونـــــهطحــت انـا بـــدرب الهـــــوى واللي يطيــح ما يرحمونــــــهوتعاون الشاطئ مع الملحن محمد الرويشد، الذي قدم له أغنية يقول فيها:ايـش لقيــت ونلـــــتمن جـــرح القلــــــــبهي جروح بعد تعذيبــك شفـــتوتعاون أيضا مع الملحن سليمان الملا في أغنيتي: "طالعتني"، من كلمات مبارك الحديبي، "وحصل خير" من كلمات ناشي الحربي. أما الملحن الأسير عبدالله الراشد فلحّن له أغنيات كثيرة، إضافة إلى مرافقته على آلة العود في الحفلات التي يحييها، من بينها: "بنت الخليج" من كلمات حبيب فاضل الذي كتب له أغنية "يا الله نطق الطار"، ولحّنها الراشد أيضاً، و"سرقنا الوقت"، تأليف الشاعر الأسير فايق عبدالجليل، ويقول فيها:سرقنـــا الوقـت سرقنـــــااتكلمنـا وخلصنـا السوالفاســوي نفســــي ما أدريوأنـــا العــــــارفوشعر الشاطئ في أواخر أيامه بجحود بعض الفنانين الذين أدوا أغنياته دون الرجوع له، وانحصر وجوده الفني فقط في المناسبات الوطنية. توفي السبت 26 نوفمبر 2005.من أقواله
للراحل غريد الشاطئ العديد من الأقوال التي مازالت عالقة في الأذهان حتى وقتنا الحالي منها:• ترك الملحنون الشباب الإيقاعات الكويتية، وانساقوا وراء الموجة السريعة، لا بد من العودة إلى الجذور، وعدم التخلي عن الأصل.• تبحث شركات الإنتاج الراهنة عن اللون الذي يعود عليها بالفائدة المادية، وهذا حق مشروع لها، فالأغنية اليوم أصبحت سلعة تجارية تتماشى مع متطلبات سوق الكاسيت.• من الصعب جداً عمل أغنية للطفل، لأنها تحتاج إلى مواصفات خاصة، وكل ما يقدم الآن باسم أغنيات للأطفال لا يمت بأي صلة للطفل لا شكلاً ولا مضموناً.• دور الفنان لا يقل بأي حال من الأحوال عن دور السياسي. الفنان هو نبض الإنسان، والمرآة التي تعكس نهضة الشعب والأمة وتطوّرهما.• أديت جميع أشكال الغناء الكويتي، لكني ما زلت مخلصاً لغناء الصوت الذي يعتبر ثروة قومية يجب صيانتها.