دور التعليم في تنمية المجتمع الكويتي
أدركت المجتمعات البشرية العلاقة بين التعليم والتنمية منذ العصور القديمة، لذلك نرى أن التعليم ازدهر في الحضارات القديمة كاليونانية والرومانية ومصر الفرعونية والصين والهند والفرس، وأكد الإسلام أهمية التعليم وجعله فريضة على كل مسلم ومسلمة، غير أن العلاقة بين الاقتصاد والتعليم تطورت في العصر الحاضر بعد أن أثبتت الدراسات والبحوث التي أجريت أن التعليم يمكن أن يكون نوعا من أنواع الاستثمار، فالأموال التي توظف في التعليم سيكون لها مردود اقتصادي قد يفوق مردود الأموال التي توظف في المشاريع الزراعية والصناعية والتجارية، لأن المهارات والقيم التي يكتسبها الإنسان من المدرسة والجامعة ستساهم في تنمية الدولة وتطويرها، لذلك زاد الاهتمام بالتعليم في العصر الحديث وأصبح إجباريا في مراحله الأولى. بالنسبة إلى المجتمع الكويتي اهتم الكويتيون بتعليم أبنائهم منذ أن تأسست الدولة، وكان التعليم يتم في الكتاتيب والمساجد، وأول معلم عرف في تلك الفترة هو الشيخ محمد بن فيروز المتوفى 1722، كما وجد كتاتيب لتعليم البنات، وفي عام 1912 تطور التعليم بظهور مدارس شبيهة بالمدارس النظامية، حيث يتم اختيار المدرس وفق شروط معينة، ويتم اختيار المناهج، وتوزيع الطلبة على الفصول الدراسية. وتم ذلك التطور بجهود شعبية، ولم تتدخل الحكومة في ذلك، وفي عام 1936 أصبح التعليم من مسؤوليات الدولة، تشرف عليه وتديره وتنفق عليه، ومن أهم أسباب هذا التطور أن مجموعة من رجال الفكر والتجار عرفوا أن هناك شركات تنقب عن النفط وعثرت على كميات تجارية، وأدركوا أن المجتمع الكويتي سيتغير تبعا لهذه الظروف الجديدة، وأدركوا أهمية إصلاح التعليم لمواجهة هذا التغير، وتمكين الأجيال القادمة وتأهيلهم للعمل في ذلك المجتمع المتغير.
ومنذ تلك الفترة بدأت نظم التعليم القائمة في الدول العربية التي سبقتنا في تطوير التعليم تطبق، وظهرت أول مدرسة لتعليم البنات 1937، ومنذ ذلك التاريخ بدأ التعليم يتطور بشكل كمي ونوعي، وبما أن الكويت لا يوجد فيها تعليم عال لذلك بدأت بإرسال البعثات إلى الدول العربية والأجنبية، وبدأت أول بعثة عام 1939. ويقول أحد المبتعثين وهو المرحوم الفاضل عبدالعزيز الصرعاوي، وكان من المبتعثين في الأربعينيات: شعرنا باهتمام الدولة حيث خرج في وداعنا الشيخ عبدالله الجابر رئيس دائرة المعارف وبعض رجال الكويت، وألقى الشيخ عبدالعزيز حمادة كلمة حثنا على تحصيل العلم والمعرفة والعودة إلى وطنكم لتسهموا في تنميته. ثم توالت البعثات وكانت أول بعثة للطالبات 1956، ثم توالت البعثات بعد ذلك، وكنت ضمن المبعوثين لدراسة اللغة العربية وآدابها، ولقد تعرفت على كثير من الزملاء والزميلات حيث كنا نلتقي ببيت الكويت نمارس نشاطا ثقافيا واجتماعيا ورياضيا، وكانت الطالبات فاضلات يتمعن بخلق عال واجتهاد في الدراسة وحب الوطن، ولم يتعثر أحد منهن في الدراسة، وعدن إلى الوطن ليسهمن في تطويره وتنميته. فمن أراد أن يتحدث عن تلك الفترة فعليه أن يتذكر أن من يتحدث عنهم والذين كانوا شبابا وشابات أصبحن اليوم بمثابة الآباء والأمهات، فعليه أن يراعي الله بما يقول، ويبتعد عن اللغو في الحديث، أو كما قال رسولنا "فليقل خيرا أو ليصمت".