أمضى ترامب الجزء الأكبر من حملته هذه السنة في محاربة الاشتراكية، حيث افتتح حملته بخطاب هادر عن حالة الاتحاد في الخامس من فبراير أعلن فيه: "نجدد هذا المساء تصميمنا على ألا تكون الولايات المتحدة يوماً دولة اشتراكية"، وبعد شهر، في مارس، ظهر ترامب إلى جانب جايير بولسونارو، السياسي اليميني المتشدد الذي انتُخب أخيراً رئيس البرازيل، وأعلن أن "ساعة أفول الاشتراكية قد حانت". لكن الرئيس كان يعبّر عما يتمناه.كُشفت الأرقام، فتبين أن شعبية الرئيس تراجعت وشعبية الاشتراكية ارتفعت، وحملت مراجعة قامت بها مؤسسة غالوب في 17 مايو لاستطلاع الرأي الأخير، الذي أجرته عن شعبية الرئيس، العنوان "شعبية ترامب تراجعت إلى 42%".
بعد ثلاثة أيام، أفادت غالوب أن "43% من الأميركيين يقولون إن الاشتراكية جيدة لبلدهم". هذا صحيح: بعد أشهر من مهاجمة الاشتراكية، بلغت شعبية ترامب نحو منتصف شهر مايو 42%، في حين وصلت شعبية الاشتراكية إلى 43%، وإنصافاً لترامب تحمل استطلاعات الرأي الأخيرة هذه هامش خطأ، فضلاً عن أن عمليات المسح التي تقارن شعبية الرئيس بالانتماء العقائدي تشبه إلى حد ما عملية تقييم الاختلاف بين التفاح والبرتقال، ولكن يبقى مثيراً للاهتمام بالتأكيد أن الاشتراكية ما زالت صامدة في حين تنخفض شعبية الرئيس، وتؤكد غالوب أخيراً أن "نحو أربعة من كل عشرة أميركيين يقبلون نوعاً من الاشتراكية أو السياسات الاشتراكية".لكن المفاجئ حقاً المقاييس التي تُظهر هوية مَن يؤيدون الاشتراكية، إذ تحقق هذه العقيدة تقدماً بسيطاً بين النساء مع اعتبار 48% منهن أن الاشتراكية جيدة للبلد، مقارنة بـ47% اعتبرنها سيئة (يبلغ رافضوها بين الرجال 56%، مقارنة بـ38% يعتبرونها "جيدة"). كذلك يشير مسح غالوب إلى أن الاشتراكية واسعة الانتشار بين الأميركيين من غير البيض، بما أن 57% منهم يقولون إنها جيدة، مقابل 35% فقط يصنفون هذه العقيدة على أنها سيئة.بالإضافة إلى ذلك، تتمتع الاشتراكية برواج كبير بين الشبان، فمن بين الأميركيين الذين تتراوح سنهم بين 18 و34 سنة وشملهم استطلاع غالوب، ذكر 58% أنها جيدة للبلد.إذاً، إن كان المستقبل للمرأة، وإن كانت الولايات المتحدة تزداد تنوعاً، وإن كان شبان اليوم سيكتسبون تأثيراً أكبر في سياساتنا، فمن المنطقي أن نعتقد أن الاشتراكية "الموضة الرائجة".يصيب تحليل غالوب عندما يقترح أن "نظرة الأميركيين إلى الاشتراكية معقدة. صحيح أن بعض البيانات الأخيرة يلائم بسهولة الخلاصات المبالغ فيها، إلا أننا نلاحظ تبدلات واضحة في نظرة الأميركيين إلى الاشتراكية حين نتأمل هذه البيانات من منظار تاريخي طويل الأمد، لكن ما يقصده الأميركيون بالتحديد بهذا المصطلح يحمل أيضاً معاني ضمنية كثيرة وله أوجه مختلفة عدة".هذا مؤكد. على سبيل المثال، هل من المهم أن ترافقها كلمة "ديمقراطية" كي تُعرَّف هذه العقيدة بأنها "اشتراكية ديمقراطية"؟ بهذه الطريقة تُعرّفها عضو الكونغرس ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، شأنها في ذلك شأن كثيرين من الأعضاء الجدد في مجالس المدن والمجالس التشريعية في الولايات الذين انتُخبوا بدعم من "الاشتراكيين الديمقراطيين في أميركا".تكشف استطلاعات الرأي أيضاً أن جزءاً كبيراً من شعبية الاشتراكية يرتبط بإحساس أن الرأسمالية فاشلة. ويركّز "الاشتراكيون الديمقراطيون في أميركا" على هذا الشعور، إذ تشير هذه المجموعة: "تحارب الاشتراكية الديمقراطية عدم المساواة بإعادتها السلطة إلى العمال من خلال الاتحادات العمالية والتمثيل الصحيح، وتتغلب على التهميش وعدم المساواة بدعمها الحقوق المدنية وبنائها التضامن بين الأكثرية، فما من نظام مثالي، إلا أن النظام الذي نعيش فيه اليوم ظالم وقاسٍ بدون أي مبرر، فضلاً عن أن الملايين يريدون نظاماً جديداً أفضل".ولكن هل نكون واهمين إذا فكرنا في أن الأميركيين قد يفضلون اشتراكياً ديمقراطياً على رئيس يندد بالاشتراكية؟ أظهر المسح الوطني الأخير الذي أجرته مجموعة استطلاعات الرأي في جامعة إيمرسون أن الاشتراكي الديمقراطي الأكثر شهرة في الأمة، سيناتور فيرمونت بيرني ساندرز، قد يهزم ترامب بثماني نقاط. عندما أطلق ترامب حملته ضد الاشتراكية في شهر فبراير، كشفت استطلاعات رأي جامعة إيمرسون أن ساندرز يتفوق على الرئيس بهامش ضيق مع 51% مقابل 49%، ولكن بعد مرور ثلاثة أشهر على حملته، تراجع دعم ترامب إلى 46% في حين ارتفعت شعبية الاشتراكي الديمقراطي إلى 54%. * جون نيكولز * «ذي نايشن»
مقالات
الاشتراكية أكثر شعبية من دونالد ترامب
29-05-2019