أزمة 1921 وولادة السياسة الخارجية الكويتية (7)
![أ.د. غانم النجار](https://www.aljarida.com/uploads/authors/30_1682522974.jpg)
عندما زار بيرسي كوكس الشيخ أحمد الجابر في طريق عودته من مؤتمر العقير، مطالباً إياه بالموافقة على نتائجه، دون حتى إشراكه في المفاوضات، وبموافقة بل ودعم بريطانيا التي ارتبطت بها الكويت باتفاقية حماية منذ 1899، أدرك الشيخ أحمد الجابر ضعف الإمكانية. كان ذلك الإدراك معبراً في الحوار الذي دار بينهما. كان واضحاً أن كل تلك المتغيرات ستكون على حساب الطرف الأضعف في المعادلة، ألا وهو الكويت.ربما هذه الأحداث والمتغيرات، التي كانت سنة 1921، بوفاة الشيخ سالم، ثم مؤتمر العقير، ثم الحصار الاقتصادي الصعب الذي فرضته نجد بسبب أزمة المسابلة والجمارك، والذي عانت منه الكويت الأمرين، وغير ذلك من الأمور، كانت عناصر لسياسة خارجية مختلفة عن حقبة الشيخ مبارك. والتي بدأت معالمها في حقبة الشيخ أحمد الجابر، مروراً بالشيخ عبدالله السالم، الذي عزز ذلك التوجه خاصة مع زيادة دخل النفط بدءاً من دعمه لإمارات الخليج واليمن منذ بداية الخمسينيات وطريقة تعامله مع أزمة عبدالكريم قاسم 1961، وصولاً إلى الشيخ صباح الأحمد، الذي ربما كان أكثر الحكام الذين تدربوا في محافل السياسة الخارجية، فكان هو من ألقى خطاب انضمام الكويت للأمم المتحدة سنة 1963، وظل لفترة طويلة أقدم وزير خارجية في العالم.الشاهد أن ملامح السياسة الخارجية الكويتية متشابهة منذ قرابة القرن من الزمان، وللدقة منذ 98 عاماً، قائمة على التوازن وتعزيز السلام والحياد الإيجابي ودعم المجتمع الدولي والتكتلات الإقليمية وبالذات مجلس التعاون، والابتعاد عن الأحلاف الكبرى بالذات العسكرية والانفتاح الداخلي النسبي، فهي ليست ردود أفعال، ولكنها تصبح أكثر وضوحاً، ويزداد زخمها وفعاليتها حسب خبرة الحاكم وقوة وتماسك المجتمع، وقدرته على الحركة، وبالذات في وقت الأزمات الطاحنة وما أكثرها في محيطنا.