تحية لـ «الفتوى والتشريع»
في العديد من كتاباتي طالبت وأطالب بتكويت الوظائف القضائية كاملة، وكذلك الوظائف القانونية في الدولة، فقد تجاوزنا مرحلة إبقاء سلطة عامة مهمة شاغلوها ليسوا مواطنين، خلافاً لكل الدول التي تحرص على منح السلطات العامة بعدها الوطني المهم.وكنت دائماً أبرز مزايا تكويت هذه الوظائف ومبرراتها، وكلما مضت فترة من الزمن منذ 1998 وأنا أكتب عن ذلك وأؤكده، لعل وعسى أن يشعر أصحاب القرار بضرورة ذلك، ومن ثم يتم تكويت هذه الوظائف الحساسة.
وبعد أن قبلت إدارة الفتوى والتشريع عدداً يزيد على 400 خريج قانوني كويتي في وظيفة "محام ج" مؤخراً، وجدت لزاماً عليّ الثناء على هذه الخطوة الوطنية المسؤولة من "الفتوى"، وخصوصاً رئيسها الأخ المستشار صلاح المسعد على خطوته التي تعبر عن رغبة صادقة ومسؤولة في تحقيق تكويت الوظائف القانونية، والوظائف ذات الطبيعة القضائية في الإدارة، والشكر موصول للوزير أنس الصالح أيضاً. وَمِمَّا زادني إعجاباً بفكر هذا التوجه، أنه ينم عن نضج مسؤول، ألا وهو أن يكون هذا التوظيف الواسع والمطرد مستقبلاً بـ "الفتوى" مدخلاً لتسكين المحامين الجدد في الوزارات والأجهزة والمؤسسات الحكومية ليحلوا محل غير الكويتيين، وهو تفكير منهجي مهني موفق، فللأخ صلاح المسعد كامل التحية والتقدير على هذه الخطوة المباركة.واستوقفني بألم تذمر بعض النواب من هذه الخطوة الإيجابية، ومسارعتهم إلى محاولة إحباط هذا التوجه الإيجابي وأصحابه، بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية، لتفكيرهم المصلحي الانتخابي الصِّرف، ورغبتهم في تعيين الأصحاب وناخبيهم، بحثاً في مدى استيفاء جوانب إجرائية اعتيادية في التوظيف، لا تستحق أبداً (تحقيقاً برلمانياً)، والذي أرجح فيما يطرحه من جزئيات ويناقشه من حيثيات تجاوزه من الأعضاء والمجلس حدوداً فاصلة ومؤكدة للفصل بين السلطات، بل يشكل في رأيي مخالفة صارخة من الأعضاء للمادة 115 من الدستور التي تمنع تدخل عضو المجلس في الأمور التي تستقل بها السلطة التنفيذية، وصولاً إلى تغيير قرارها من خلال التخويف السياسي.وهذه الحالة نموذج للتدخلات التي تتعارض مع مبدأ الفصل بين السلطات، بكل أسف.