إيران تقترح مفاوضة الخليج وملفّها يهيمن على «قمم مكة»

موسوي: لا محادثات في الأفق مع واشنطن

نشر في 29-05-2019
آخر تحديث 29-05-2019 | 00:05
تسببت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المتضاربة، خصوصا تلك الأخيرة التي قال فيها إن إيران بإمكانها أن تصبح دولة عظيمة في ظل القيادة الحالية، مجدداً بذلك صلاحية النظام الإيراني، في حالة إرباك بطهران، التي تتأرجح بين التصعيد والتهدئة، حاولت الدبلوماسية الإيرانية التعامل معها بالتركيز على الدعوة إلى مفاوضات مع دول الخليج.
في تعليق مباشر على تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أمس الأول، في طوكيو، التي قال فيها إنه لا يسعى الى إسقاط النظام الإيراني وإن طهران تريد التفاوض، نفت «الخارجية» الإيرانية، أمس، وجود أي مفاوضات مع الولايات المتحدة، لكنها شددت في المقابل، على أن طهران ترغب في إزالة التوترات من المنطقة.

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، عباس موسوي، في مؤتمر صحافي أمس، إنه «لا مفاوضات في الأفق» مع واشنطن بعد «انسحابها غير القانوني» من الاتفاق النووي.

وتعليقا على تصريحات ترامب المتناقضة تجاه إيران، قال موسوي: «إيران لا تكترث بالتصريحات، ما يهمنا هو تغيير التوجه والسلوك».

عدم الاعتداء

وحول مشروع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لتوقيع اتفاقيات عدم اعتداء مع دول الجوار، قال موسوي: «دول الخليج من أهم دول الجوار لنا، ومنذ فترة اقترح ظريف إقامة مجمع للحوار الإقليمي». وشدد على أن «إيران لا ترغب في أن تكون المنطقة متوترة، بل ترغب في إزالة التوتر، وهذا المقترح طُرح بحسن نية، ويؤمل من الأطراف الأخرى أن تتعاطى معه بحسن نية أيضا».

وكانت «الجريدة» قد علمت أن «مشروع ظريف» يقوم على توقيع اتفاقيات عدم اعتداء مع باكستان والعراق والكويت وقطر سلطنة عمان. وبعد أن عرض نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي هذا الأمر على الجانب الكويتي، كما علمت «الجريدة»، أفادت مصادر حكومية رفيعة بأن الموضوع سيناقش في إطار مجلس التعاون الخليجي مجتمعا.

فتوى خامنئي

الى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الإيراني، في تغريدة على حسابه في موقع «تويتر» أمس الأول، أن سياسات الإدارة الأميركية «تضرّ بالشعب الإيراني وتتسبّب في توتّرات بالإقليم».

وأضاف أن «الأفعال، لا الكلمات، ستبيّن إن كانت هذه نوايا دونالد ترامب أم لا»، مرفقا اسم حساب ترامب ضمن التغريدة.

ونفى ظريف أيضا سعي إيران لامتلاك سلاح نووي، في ردّ على تصريحات ترامب خلال زيارته إلى اليابان التي قال فيها «نحن لا نسعى وراء تغيير النظام (في إيران)... بل نتطلّع إلى زوال الأسلحة النووية».

وأشار إلى أن المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي «قال منذ زمن طويل إنّنا لا نسعى إلى امتلاك أسلحة نووية عبر إصدار فتوى تحرمها». وأصدر خامنئي فتواه ضد الأسلحة النووية عام 2003 وأعاد التأكيد عليها مرّات عدّة منذ ذلك الوقت.

في غضون ذلك، أكد سفير إيران لدى باريس، بهرام قاسمي، (الذي كان متحدثا باسم «الخارجية» قبل شغله قبل أن يتبوأ هذا المنصب)، استعداد بلاده الدائم للحوار وتبديد اللبس في طبيعة العلاقات مع بعض دول الخليج.

وقال قاسمي إن «الآخرين هم الذين لم يلبوا حتى الآن دعوة إيران الأخيرة لإزالة التوتر والعمل لترسيخ السلام والاستقرار في المنطقة». وتابع: «إيران كررت على الدوام خلال الأعوام الماضية استعدادها لعقد معاهدة عدم الاعتداء مع دول الخليج من أجل بناء الثقة والمساعدة بإزالة الهواجس الناجمة عن إيحاءات التخويف من قبل الآخرين».

في الأثناء، أعلن المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الإيراني، كيوان خسروي، أنه مثلما تم الإعلان في بيان مجلس الأمن القومي وما أعلنه الرئيس الإيراني، حسن روحاني، فإن طهران ماضية في تعليق التزاماتها بالاتفاق النووي بشكل متوال ومرحلي حتى عودة أوضاع بيع النفط والتعاملات المصرفية إلى ما كانت عليه قبل انسحاب واشنطن على نحو أحادي من الاتفاق النووي.

الحرس الثوري

في المقابل، قال أحد المتحدثين باسم الحرس الثوري الإيران شريف رمضان لـ «روسيا اليوم» إن «إيران التزمت بضبط النفس مقابل تصرفات بعض دول الجوار، ولم تتعد على أي دولة منذ انتصار الثورة، قدراتنا العسكرية موظفة لمواجهة العدو الأميركي والإسرائيلي، نسعى إلى السلام والصداقة مع دول المنطقة، لكن إذا تحولت دول الجوار إلى أداة للعدوان على إيران، فإن سياسة إيران معها ستتغير».

وأضاف: «نحن نرصد تحركات القوات الأميركية في الخليج بشكل آني، وهم لم يعززوا وجودهم مقارنة بالسابق. القوات البحرية في الحرس الثوري مستعدة لجميع السيناريوهات، ونحن قادرون على تأمين الخليج ومضيق هرمز».

قمم مكة

الى ذلك، تخيّم التوترات مع إيران على أعمال ثلاث قمم عربية وخليجية وإسلامية تستضيفها السعودية في مكة المكرمة هذا الأسبوع على وقع قرع لطبول الحرب في المنطقة الغنية بالنفط.

وتشكّل هذه اللقاءات مناسبة للرياض لمحاولة إظهار أن الخليج والعالمين العربي والإسلامي كتلة واحدة في مواجهة الجارة الشيعية، بعدما وجدت المملكة في التوترات الأخيرة، لا سيما بين طهران وواشنطن، فرصة لتشديد الضغوط على خصمها الأكبر في المنطقة، ولإبراز نفوذها الإقليمي. ويقول الباحث حسين إبيش في «معهد دول الخليج العربية بواشنطن» إن السعودية «تتحرّك في محاولة لتوحيد الدعم العربي والإسلامي، استعدادا لما قد يكون عبارة عن مواجهة أو دبلوماسية مكثّفة».

ومنذ تشديد الإدارة الأميركية العقوبات على قطاع النفط الإيراني بداية مايو، تسارعت الأحداث في المنطقة، فتعرّضت ناقلات نفط لهجمات نادرة قبالة سواحل الإمارات، وتكثّفت هجمات متمردي اليمن المقرّبين من إيران على السعودية، وبينها هجوم على خط أنابيب للنفط قرب الرياض بطائرات من دون طيار.

في خضم ذلك، عزّزت الولايات المتحدة حضورها العسكري في المنطقة عبر إرسال حاملة طائرات وإعلانها زيادة عديد قواتها بـ1500 جندي.

وفيما كان انعقاد قمّة «منظّمة التعاون الإسلامي» في مكة الجمعة مقررا منذ زمن، دعت السعودية هذا الشهر إلى عقد قمتين عربية وخليجية في المكان نفسه يوم الخميس لبحث التطورات.

وإيران عضوة في «منظمة التعاون الاسلامي» التي تضم 57 دولة. لكن تحيط شكوك بمشاركتها في القمة، في ظل انقطاع العلاقات بين طهران والرياض منذ عام 2016. ولم ترشح معلومات حول مسألة حضور طهران لأعمال القمة الـ14 التي تنعقد كل ثلاث سنوات.

وبحسب موقع المنظمة، ستسعى القمة إلى «بلورة موقف موحّد تجاه القضايا والأحداث الجارية في العالم الإسلامي»، وبينها «القضية الفلسطينية و(...) التطورات الأخيرة في عدد من الدول الأعضاء (...) وما يعرف بظاهرة الإسلاموفوبيا».

وتتّهم السعودية إيران بالتدخل في شؤون دول المنطقة، وزعزعة استقرار البحرين والعراق سورية ولبنان واليمن، عبر دعم وتسليح مجموعات مسلحة في هذه الدول، لكن مساعي إيجاد موقف موحد ضد إيران تواجه صعوبات.

ويقول المحلل سيمون هندرسون في «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى» إن «العديد من الدول قد لا تكون راضية عن إيران وتصرفاتها في المنطقة، لكنها تفضّل تجنّب المواجهة أو اتخاذ موقف معاد».

back to top