حكاية أغنية: «يا مصطفى يا مصطفى» الأغنية اللغز... من لحنها عزام أم فوزي أم الكحلاوي؟

أشهر أغاني الفرانكو آراب وصاغ كلماتها سعيد المصري

نشر في 31-05-2019
آخر تحديث 31-05-2019 | 00:00
تحوَّلت أغنية "يا مصطفى يا مصطفى" إلى أشهر أغاني الفرانكو آراب المصرية، وصاغ كلماتها الشاعر سعيد المصري من الفلكلور السكندري، ولحنها الموسيقار محمد فوزي، وانطلقت بصوت مطرب الستينيات بوب عزام، وتعرضت للمنع من الرقابة عام 1960، والتقطتها شركة فرنسية، وبيعت منها آلاف الاسطوانات، وغناها مطربون من مختلف أنحاء العالم.

ظهر جورج وديع عزام أو "بوب عزام" كأحد مطربي أغاني الفرانكو آراب في فترة الخمسينيات، وحينئذ قوبل هذا النوع من الغناء برفض شديد، لكن المطرب السكندري من أصل لبناني، سبح ضد التيار بغناء يمزج بين اللغتين العربية والإنكليزية، وألحان ذات إيقاعات غربية وشرقية، وحقق شهرته من خلال الحفلات الخاصة وأعراس الطبقة الراقية.

بعد سنوات التقى عزام بالموسيقار محمد فوزي، وتحمس الأخير لتلحين أغنية "يا مصطفى" ذات الطابع الفلكلوري الاستعراضي، وأراد طرحها في اسطوانات من خلال شركته الفنية الخاصة، لكنه فوجئ بمنعها بقرار من المصنفات الفنية، وتهاوت أحلام مطرب الفرانكو آراب في اتساع دائرة شهرته.

لم يتوقع بوب عزام أن تثير أغنيته هذه الضجة، وتمنعها الرقابة بزعم أن كلماتها ذات مغزى سياسي، وتشير إلى زعيم حزب الوفد وقتذاك مصطفى النحاس باشا، ومرور سبعة أعوام على ثورة يوليو 1952 وانتهاء العهد الملكي في مصر، وحينئذ كان الأديب الكبير نجيب محفوظ مدير التصنيفات والرقابة السينمائية، وربما كانت حيثيات منع هذه الأغنية، السبب الرئيس في استقالته عام 1961.

ويقول في مطلع الأغنية:

يا مصطفى... يا مصطفى

أنا بحبك يا مصطفى

سبع سنين في العطارين

وأنا بحبك يا مصطفى

ورغم منع أغنية "يا مصطفى" من الإذاعة المصرية، ورفض طبعها على اسطوانات، انطلقت عام 1960 من خلال فيلم "الفانوس السحري" للمخرج فطين عبدالوهاب، وبطولة إسماعيل ياسين، وكريمان، وعبدالسلام النابلسي، وكانت أحد أسباب نجاح الفيلم، ليغنيها بوب عزام مُجدداً في فيلم "الحب كده" 1961 بطولة صباح، وصلاح ذو الفقار.

في ذلك الوقت، عرض التلفزيون المصري الفيلمين، واتسعت دائرة الانتشار لأغنية "يا مصطفى" وردد الجمهور كلماتها، لكنها ظلت ممنوعة من الطبع على اسطوانات، واستشعر بوب عزام أن فن الفرانكو آراب، سيظل غريباً رغم ارتباطه بالموسيقى الشرقية، وتناغمها مع الإيقاعات الغربية. بدت شهرة بوب عزام على حافة الهاوية، وعاد إلى الغناء في حفلات العرس وبعض الملاهي الليلية، وظل الجمهور يطلب منه أغنية "يا مصطفى"، ورأى أن هذا النجاح كوميض خاطف، سرعان ما سيخبو، إذا ظل ممنوعاً من دخول الإذاعة، وعدم الاعتراف بهذا اللون الغنائي. ولكن الأغنية الممنوعة كانت على موعد مع العالمية، عندما اتصلت شركة إنتاج فرنسية بعزام، واتخذت الإجراءات القانونية لطبع "يا مصطفى" في باريس، وحققت شهرة مدوية، وطبعت منها آلاف الاسطوانات، واستثمرت الشركة هذا النجاح، بتقديمها بلغات مختلفة، وتسويقها في أرجاء أوروبا.

ظلت "يا مصطفى" مسجلة بصوت بوب عزام، ولكن بعد نجاحها الساحق، غناها مطربون كثيرون في فرنسا وإيطاليا وإنكلترا، واختيرت الأغنية ضمن أفضل عشرين أغنية عالمية، وترجمت إلى لغات عدة منها الأوردية والإسبانية والألمانية. وتزامن نجاح الأغنية مع هجرة بوب عزام إلى سويسرا، ثم قام بافتتاح ملهى ليلي هناك، كان يغني فيه، وظل الجمهور يطلب منه غناء "يا مصطفى"، حتى وفاته عام 2004.

بالتزامن مع نجاح الأغنية، أكد الفنان محمد فوزي أنه مؤلف لحن الأغنية، وأن بوب عزام استولى على اللحن، وغيَّر فيه بعض عبارات بكلمات أخرى، وأقام دعوى قضائية ضد عزام يطالبه فيها بتعويض قيمته نصف مليون جنيه، وأكد فوزي أن عزام لم ينسب لحن الأغنية إلى نفسه، لكنه عندما سئل في باريس عنها قال: "إنها من الفلكلور العربي، وانه لم يعرف لها مؤلفاً أو ملحناً"! وحينئذ تحدث فوزي إلى الصحافة، وقال في تصريحات لصحيفة "أخبار اليوم" بتاريخ 23 أبريل 1960 إنه سجَّل هذا اللحن عندما كان يعمل في أحد الملاهي الليلية بالإسكندرية، كما سجله بصوت المطرب برونو موري شقيق داليدا، وأذيع في البرنامج الأوروبي، وانه لم يكن يتصور أن هذه الأغنية ستنجح وتنتشر وتصبح من الألحان العالمية، ورجح أن يكون عزام سرق النوتة الموسيقية الخاصة باللحن من أحد عازفي البيانو في الكباريهات، لأنهم يحفظونه عن ظهر قلب.

واستشهد فوزي ببديعة مصابني لتأكيد أنه صاحب اللحن، فعندما التحق بفرقتها أسمعها بضعة ألحان كان من بينها "يا مصطفى"، ونصحته أن تقوم مطربة بأداء اللحن بدلاً منه، وأوضح أنه وضع هذا اللحن لمطربة أجنبية كانت زميلة له في كباريهات الدرجة الثالثة، وأنها كانت تحب شاباً يُدعى مصطفى، فوضع لها هذا اللحن. يذكر أن محمد فوزي لم يكن الوحيد الذي ادعى أن لحن "يا مصطفى" ملكاً له، فالمطرب عبدالعزيز محمود زعم أن اللحن من تأليفه، ودخل الكحلاوي في الصراع مدعياً أن اللحن هو نفس لحنه "تشكر يا سايق المطر".

back to top