عودة أرسطوفان

يقال عن المسرح "إنه مرآة المجتمع"، فأثينا المدينة الساحرة عاصمة اليونان لحضارة الإغريق مهد الحضارة الغربية هي أرض الفن والأدب المسرحي التي نشأ فيها المسرح في القرن الخامس قبل الميلاد، عندما ازدهرت الثقافة الهيلينية ذات الطابع الديني، حيث نجد الجوقات تقدم خلالها الأناشيد والرقصات تكريماً للإله ديونيسوس، ومن أبرز رواد المؤسسين للمسرح اليوناني أسخيلوس وسفوكلس ويوربيدس.

وفي الكويت نجد هذا التشابه مع الإغريق في هذه المدينة الجميلة الرائعة درة الخليج، أرض الفن التي كانت سباقة في المسرح وسط جيرانها الخليجيين، فكانت البدايات في البلدين متشابهة؛ دينية في أولها ثم شملت مجالات أخرى كالسياسة والاجتماع، فنشأ المسرح الكويتي في عام 1936 عبر مسرحيات مستمدة من التاريخ الإسلامي، وفي المدارس على أيدي الكبيرين محمد محمود نجم، وحمد الرجيب، رحمهما الله، ثم في عام 1957 استمرت بجهود محمد النمش وعبدالله خريبط، وخرجا كُتابا عظاما ومسرحيات لها قيمة ومفيدة في طرحها وتعالج الأمور المجتمعية.

وبعد هذا الجهد والاجتهاد وبلوغ القمة والنشوة انحدر المسرح وأصبح لا قيمة له، فصارت الكوميديا هي السائدة والمتصدرة. عند الإغريق ظهر أرسطوفان الشاعر الكوميدي ليسخر من الفلاسفة في مسرحيته "السحب" ومسرحية "الضفادع"، كان يريد إيصال رسالة للمجتمع الأثيني بأنهم فقدوا جوهر المسرح وقيمته بعد وفاة آخر كُتاب التراجيديا يوربيديس، فلم تعد للمسرحيات قيمة ولم يظهر كاتب مميز بمثل السابقين.

وهذا ما نشاهده فعلاً في الكويت بعد الغزو العراقي، حيث أخذ المسرح منحى آخر واختلفت مفاهيمه من ناحية النص أو التمثيل، لهذا نجد الممثل الكوميدي في الكويت أصبح يسخر من الوضع السائد للمسرح مثل أرسطوفان بعدما كان المسرح الأفضل وفي القمة، وهنا يريد الكوميدي إيصال رسالة إلى من ابتعد عن المسرح من المخضرمين عن أداء دورهم في رفع شأن المسرح وإنقاذه من السقوط.

رسالة:

عودة المسرح الكويتي إلى رونقه مرتبطة بعودة كُتابه، والنص المسرحي الجيد إذا ما وجد كتاباً مثل صقر الرشود وعبدالأمير التركي، رحمهما الله، وعبدالعزيز السريع وسعد الفرج، أطال الله في عمرهما والكثير الذين لا يمكن إحصاؤهم فإنه سيعود متألقاً كما كان.