كانوا سابقين
للإنسان عموماً مكانة عظيمة، بغض النظر عن ديانته أو جنسه، فهو في كل الأحوال مكرم، وله الحق أن يتمتع بإنسانيته ويحيا حياة طبيعية بشكل كريم، بهذا الصدق وبقدر من الأمانة لا نستطيع أن ننكر حقيقة أنه لا يكاد مجتمع من المجتمعات الإنسانية يخلو من وجود أفراد (ذوي الإعاقة)، فهذه الفئة الكريمة اهتم بها الإسلام بشكل خاص بل إن الرسول، صلى الله عليه وسلم، ولى على المدينة عندما خرج لإحدى غزواته ابن أم مكتوم، وكان كفيفاً كلما رآه رحب به قائلاً "أهلاً بمن عاتبني فيه ربي".إذاً الإعاقة ليست عثرة في أن يحقق الإنسان أعلى الدرجات ويرتقي قمة المناصب، ذكرت هذه القصة مع دنو عيد الفطر وكل عام وأنتم بخير، مسترجعاً تلك الزيارة التي قام بها في غضون الأيام القليلة الماضية سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد إلى النادي الكويتي الرياضي للمعاقين، وجمعية المكفوفين الكويتية والنادي الكويتي الرياضي للصم والبكم.
فالحقيقة أن تلك الزيارات لهذه الفئة الكريمة وفي شهر رمضان من كل عام تحديداً يضعها صاحب السمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الأمين على رأس قائمة أولوياتهم، فهي زيارات تعكس مشهداً إنسانياً في ظل تزايد التحديات المجتمعية ومستجداتها. على الناحية الأخرى أرى أن هذا الاهتمام من قبل القيادة بهذه الفئة المجتمعية يمثل دلالة على الامتداد المتجذر ووصل الماضي بالحاضر، فالاهتمام بهذه الفئة ووجودها الفاعل في المجتمع والسعي نحو توفير متطلباتها هو أحد معايير حضارة الشعوب ورقي الأمم، ولا أزال أذكر تلك الجملة المشهورة التي سطرها مؤرخونا الأوائل عن حاكم الكويت الشيخ جابر الأول الملقب بجابر العيش حين قال "إن لأهل الكويت علينا حقا عظيما، ولو كانت تحت يدي ثروة طائلة لقمت بحاجة الفقراء والمحتاجين فيها إلى أن يموتوا". تأملت طويلاً معنى العبارة وهذا الحرص القديم على الإنفاق وبذل العطاء وعمل الخير، والذي أصبح إرثاً توارثه أهلها الطيبون عن الآباء والأجداد وكانوا له سابقين.