قال التقرير الأسبوعي لشركة الشال للاستشارات إنه كلما ارتفع اعتماد دولة ما على النفط في تمويل ماليتها العامة، كانت عرضة لمخاطر مالية أكبر.

وأضاف الشال أن «سوق النفط نادرا ما يستقر لفترة كافية تسمح بسلامة التخطيط للسياسة المالية، ولعل وقتنا الحاضر هو أصعب تلك الفترات. فالدول النفطية، والكويت الأكثر اعتمادا على النفط ضمنها، لم تحسن التصرف خلال فترة رواج سوق النفط، وكررت خطايا الماضي بتوسع غير مسبوق لسياساتها المالية، والشق الجاري منها بالتحديد، وعليها اليوم أن تتأقلم مع عاملين في غاية الصعوبة، العامل الأول هو توفيق أوضاع ماليتها العامة عند مستوى نصف إيرادات النفط، مقارنة بعام 2013، وبينما من السهل والمغري جدا زيادة النفقات عندما ترتفع الإيرادات، تتحول النفقات الزائدة إلى حقوق مكتسبة يصعب جدا التراجع عنها عندما تنخفض الإيرادات. العامل الثاني هو أن المستوى الحالي لأسعار النفط مرتفع لمبررات معظمها جيوسياسية، مثل محاصرة صادرات إيران وأحداث ليبيا وفنزويلا، ذلك يعني أن الضغوط على جانب العرض التي ترفع الأسعار غير مستدامة، وضمان صمود قرارات تخفيض الإنتاج من قبل «أوبك زائد» أيضاً غير مستدامة. وأي سيناريو لا يأخذ في الاعتبار الاحتمال المرتفع لعودة الضغوط إلى الأدنى على أسعار النفط، ستنتج عنه مراهنة خطرة حصيلتها ارتفاع كبير في العجوزات المالية المحتملة المصاحبة لاستمرار غياب مرونة خفض النفقات العامة واستهلاك أكبر لمدخرات سنوات الرواج مع احتمال السقوط التدريجي في فخ المديونية.

Ad

واوضح الشال انه في الكويت، ومع أول زيادة في أسعار النفط، ولمبررات غير مستدامة، ارتفع سقف النفقات العامة للسنة المالية الحالية بنحو 4.7% أو إلى 22.5 مليار دينار، واستخدم مبرر الهدر في النفقات العامة من قبل الحكومة، وهو للأسف صحيح، من أجل تنامي المطالبات الشعبوية، وآخرها العودة عن خفض نسبة دعم الوقود وبعض الخدمات، والأصل في نجاح سياسات الإصلاح المالي والاقتصادي هو توفر القدوة لسلطات اتخاذ القرار، فالمبدأ الإداري القائل بأن «المسؤولية بقدر السلطة» مبدأ صحيح، وذلك ما لا يتوفر في سياسات الحكومة المالية.

وبين انه إلى جانب ما يتعرض له جانب العرض في سوق النفط على المدى القصير إلى المتوسط من تحد حقيقي قد يضغط على أسعاره إلى الأدنى، لأن المبررات الجيوسياسية لا تدوم، يعمل التطور التقني لبدائله والقلق البيئي من استخداماته على تقويض تنافسيته على المدى الطويل. وضغوط المدى المتوسط والطويل ضغوط حقيقية، تتطلب جراحات إصلاحية مالية واقتصادية، وهي إصلاحات شاقة وطويلة، تجعل التعاون الآني من أجل تماسك أسعار اصطناعي قصير الأمد بالاتفاق على الحد من المعروض، مجرد مسكنات، وإن كان لا يتعارض وقد يدعم جهود الإصلاح إن وجدت. لقد مضى على سقوط أسعار النفط نحو 5 سنوات ثمينة، لم تتبن فيها الكويت أي سياسات إصلاح حقيقية، والواقع أنها مارست سياسات معاكسة، وهدر المزيد من الوقت، وإهدار المزيد من النفقات، يقود إلى وضع يجعل حتى الجراحات غير نافعة.