عبرت قمة مكة الإسلامية التي انعقدت ليل الخميس ـ الجمعة في مدينة مكة المكرمة، عن تضامنها مع السعودية ودعمها لجميع الإجراءات التي تتخذها المملكة لحماية أمنها وإمدادات النفط، كما رفضت الإجراءات الأخيرة لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في القدس والجولان رافضة سلفاً المقترحات التي يتردد أنها جزء من خطة صفقة القرن الأميركية للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

وحضر القمة الـ 14 العادية للمنظمة، سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد إلى جانب زعماء وممثلي 57 دولة عضوة في المنظمة، وترأسها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز.

Ad

وفي بيانها الختامي، أدانت منظمة التعاون الإسلامي استهداف ناقلات نفط قبالة دولة الإمارات والهجوم على محطتي ضخ نفطي بالسعودية تقعان على أنبوب شرق ـ غرب الاسراتيجي.

وقالت المنظمة في البيان الختامي الصادر في ساعة مبكرة من أمس، إنها تدين "الاعتداء الإرهابي على محطات الضخ البترولية بمدينتي الدوادمي وعفيف في المملكة العربية السعودية، الذي يستهدف مصالح الدول وإمدادات النفط العالمية".

كما أعرب البيان عن التضامن مع السعودية والدعم "غير المحدود لجميع الإجراءات التي تتخذها لحماية أمنها القومي وإمدادات النفط".

كما أدانت المنظمة "الأعمال التخريبية التي تعرضت لها أربع سفن تجارية مدنية في المياه الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة في بحر عُمان بوصفه عملاً إجرامياً يهدد أمن وسلامة حركة الملاحة البحرية الدولية".

ودعت منظمة التعاون الإسلامي المجتمع الدولي "إلى تحمل مسؤولياته لضمان حركة الملاحة البحرية وسلامتها وضمان استقرار أمن المنطقة".

صفقة القرن

واستبق قادة الدول الإسلاميّة الخطة الأميركية المرتقبة للسلام والمعروفة باسم "صفقة القرن"، مؤكدين رفضهم حلولاً لا تضمن إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقيّة، في حين حصلت السعودية على دعم "غير محدود" عقب الهجمات الأخيرة، من دون الإشارة إلى مسؤوليّة إيران عنها.

وطغت مسألة الاعتراف الأميركي بسيادة إسرائيل على مدينة القدس المتنازع عليها، على البيان الختامي للقمّة التي أكدت أيضاً رفضها اعتراف إدارة الرئيس دونالد ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان السورية.

ودانت القمّة في بيانها الختامي "نقل سفارتَي كُلّ من الولايات المتحدة وغواتيمالا إلى مدينة القدس"، وحضّت "جميع الدول الأعضاء في منظّمة التعاون الإسلامي على مقاطعة تلك البلدان التي قامت بالفعل بافتتاح بعثات دبلوماسيّة في مدينة القدس".

كما حضّتها على "وقف أيّ نوع من العلاقات والتبادلات التجارية والزيارات معها، سواء كانت فعاليّات سياسية أو ثقافية أو رياضية أو فنية مشتركة، إلى حين تراجعها عن ذلك".

وشدّد قادة الدول الإسلاميّة على أنّ "أيّ مقترح يُقدَّم من أيّ طرف كان لا يتبنّى "الحقوق الفلسطينية ولا يتّسق مع المرجعيّات الدولية المتّفق عليها، التي تقوم عليها عمليّة السلام في الشرق الأوسط، مرفوض"، داعين إسرائيل إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلّتها بعد عام 1967 والاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية. وجاءت مواقف الدول الإسلاميّة قبل الكشف عن "صفقة القرن".

ويُتوقّع أن تطرح الولايات المتحدة الجوانب الاقتصاديّة لخطة السلام هذه، خلال مؤتمر في البحرين يومي 25 و26 يونيو المقبل. وأعلن المسؤولون الفلسطينيون مقاطعة المؤتمر.

وبالنسبة إلى الجولان السوري، أكّد المجتمعون رفض وإدانة "القرار الأميركي الخاص بضمّ الجولان للأراضي الإسرائيلية، واعتباره غير شرعي ولاغٍ ولا يترتّب عليه أي أثر قانوني".

وأعلن الرئيس الأميركي في 21 مارس اعتراف بلاده بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان التي احتلّتها إسرائيل عام 1967، وهو قرار يتعارض مع المسار الذي انتهجته واشنطن منذ عقود في هذا المجال.

«الإسلاموفوبيا»

من جهة أخرى، ندّدت القمّة بظاهرة "الإسلاموفوبيا، باعتبارها شكلاً معاصراً من أشكال العنصرية والتمييز الديني، ما انفكّت تتنامى في أنحاء كثيرة من العالم".

وشجّع المجتمعون "الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدوليّة والإقليميّة على اعتماد 15 مارس يوماً دولياً لمناهضة الإسلاموفوبيا".

«إعلان مكة»

ودان "إعلان مكة" الصادر في ختام أعمال مؤتمر القمة الإسلامي في دورته الرابعة عشرة، الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله ومظاهره مطالباً المجتمع الدولي بالنهوض بمسؤولياته للحفاظ على السلم والأمن في منطقة الشرق الأوسط.

وندد "إعلان مكة" الذي تلاه الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين إثر ختام أعمال القمة الإسلامية بمكة المكرمة، بالاعتداءات الإرهابية التي استهدفت السعودية والإمارات والمتمثلة باستهداف محطات الضخ البترولية في السعودية والسفن التجارية في المياه الإقليمية للإمارات.

وعن القضية الفلسطينية جدد الإعلان تأكيد أهمية القضية الفلسطينية باعتبارها القضية المحورية للأمة الإسلامية، مشدداً على ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال الإسرائيلي في الاراضي العربية منذ عام 1967 وفق القرارات الدولية الصادرة بهذا الشأن.

وأعرب عن التضامن مع الشعب الفلسطيني في كفاحه ضد الاحتلال الإسرائيلي من أجل العيش في حياة كريمة داخل دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

كما أعرب "إعلان مكة" عن رفضه لأي محاولة لربط الإرهاب بأي جنسية أو دين كذلك لتقديم أي دعم مباشر أو غير مباشر للجماعات والمنظمات التي تدعو للعنف والتطرف داعياً إلى نبذ كل أشكال التعصب والتمييز العنصري القائم على الدين أو اللون أو العقيدة والتأكيد على التسامح والاحترام والحوار والتعاون بين الشعوب باعتباره السبيل لمكافحة العنصرية والكراهية والطائفية والمذهبية.

وشدد على ضرورة الالتزام بدعم منظمة التعاون الإسلامي لتحقيق الأهداف التي حددها ميثاقها منذ بداية العمل الإسلامي المشترك لتنطلق نحو رؤية جديدة ومستقبل واعد للعالم الإسلامي.

ودعا كذلك إلى تطوير قدرات الدول الإسلامية وأنظمتها في جميع المجالات للنهوض برسالتها وتحقيق اهدافها التنموية.

الملك سلمان

وقال العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في افتتاح القمّة الإسلامية، إن التطرف والإرهاب يعتبران من أخطر الآفات التي تواجهها الأمة الإسلامية والعالم أجمع، مشدداً على "ضرورة تضافر الجهود لمحاربتها وكشف داعميها وتجفيف مواردها المالية بكل السبل والوسائل المتاحة".

وأكد أن "القضية الفلسطينية تمثل الركيزة الأساسية لأعمال منظمة التعاون الإسلامي وهي محور اهتمامنا كي يحصل الشعب الفلسطيني على جميع حقوقه المشروعة والتي كفلتها قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية".

وجدد التأكيد على "الرفض القاطع لأي إجراء من شأنه المساس بالوضع التاريخي والقانوني للقدس الشريف".

وقال إن "الإرهاب يضرب مع الأسف الشديد في المنطقة من جديد"، لافتاً إلى أن "الأعمال الإرهابية التخريبية لا تستهدف المملكة ومنطقة الخليج فقط، وإنما تستهدف أمن الملاحة وإمدادات الطاقة للعالم"، معتبراً أنّها تُشكل "تهديداً خطيراً لأمن وسلامة حركة الملاحة البحريّة والأمن الإقليمي والدولي".

وكان خادم الحرمين الشريفين قال في تغريدة على "تويتر" قبل دقائق من افتتاح القمة، إن الدول العربية والإسلامية ستتصدى بحزم للتهديدات العدوانية والأنشطة التخريبية التي تعوقها عن مواصلة تنمية أوطانها وتطوير مجتمعاتها.

وأضاف: "اننا نجتمع في مكة لنعمل على بناء مستقبل شعوبنا وتحقيق الأمن والاستقرار لدولنا العربية والإسلامية".

الجبير

من ناحيته، قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير، إن القمم الثلاث التي استضافتها مكة المكرمة "وجهت رسالة واضحة بإدانة الممارسات الإيرانية في المنطقة والتدخل في شؤون دولها"، مشيراً إلى أن "إيران لا تتصرف كدولة تريد أن تنال الاحترام، بل تزرع الميليشيات وتفجر سفارات".

وأضاف الجبير في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين مساء أمس الأول، إن "القمم الثلاث التي دعا إليها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عقدت في ضوء ما تشهده المنطقة من تطورات تتطلب التعاون والتنسيق بين الدول العربية والإسلامية وبلورة موقف موحد بشأنها".

وذكر أن "القمم خرجت بقرارات واضحة وداعمة لكل من السعودية والامارات وكذلك للقضية الفلسطينية وأظهرت حرصاً مشتركاً على تعزيز وحدة الصف في مواجهة التحديات التي تواجه دول المنطقة".

وأوضح أن "القمة دانت إيران بشكل واضح جداً، ودانت ممارسات إيران ممثلة في الهجمات التي تعرضت لها الإمارات والسعودية".

ودعا الجبير النظام الإيراني "إلى احترام سيادة الدول وعدم التدخل في شؤونها وعدم دعم الميليشيات الإرهابية والالتفات إلى التنمية في إيران وتحقيق طموحات وتطلعات الشعب الإيراني في هذا الجانب".

وقال في رده على سؤال، إن "السعودية تؤيد انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي المبرم مع إيران عام 2015 على خلفية استمرار طهران في تطوير برامجها النووية".

وتابع أن "إيران لا تتصرف كدولة تريد أن تنال الاحترام، بل تزرع الميليشيات وتفجر السفارات وهذا ليس أسلوب دول".

وأضاف: "السعودية تعمل من أجل تحسين مستويات الحياة لكافة الشعوب الإسلامية"، مشيراً إلى أن "العالم الإسلامي يواجه تحديات كثيرة مثل الإرهاب والتطرف".

وأشار إلى أن "العالم الإسلامي يتمتع بموارد وقدرات، ويملك فرصاً هائلة يمكن استغلالها لرفع المستوى المعيشي، لكن هناك من يسعى لدعم الإرهاب ونشر الطائفية، ولا يحترم سيادة دول الجوار مثل إيران".

وقال إن "القمة الإسلامية أكدت أن حل القضية الفلسطينية يقوم على حل الدولتين وتأسيس دولة فلسطينية عاصمتها القدس".