أحمد الفخراني: «بياصة الشوام» رحلة مكابدة لمحو الذنوب

تجسد حياته في حي العطارين بالإسكندرية

نشر في 03-06-2019
آخر تحديث 03-06-2019 | 00:00
الأديب أحمد الفخراني
الأديب أحمد الفخراني
أصدر الأديب أحمد الفخراني أخيراً روايته الجديدة «بياصة الشوام»، التي خاض خلالها رحلة مكابدة ومشقة، إذ أعاد كتابتها أكثر من عشرين مرة، ويؤكد في حواره لـ«الجريدة»، أنه سعيد بالنتيجة النهائية، ويعتبرها عنوان مرحلة جديدة في علاقته بالكتابة، أكثر حرفية.
وقال: الكتابة بالنسبة إليّ فرحتي الوحيدة، وأكتب الحياة كما أراها، وهذا ما ينطبق على رواياتي السابقة «ماندرولا»، و«عائلة جادو»، و«سيرة سيد الباشا»، ومجموعاتي القصصية أيضاً... وإلى نص الحوار:

● بياصة الشوام رحلة شاقة في حي العطارين بالإسكندرية، حدثنا عن كواليس كتابتها، وما تمثله لك الأماكن القديمة؟

- هي أكثر رواية أرهقتني كتابتها رغم أنها رواية قصيرة، تقع في (160) صفحة من القطع المتوسط، فقد أعدت كتابتها أكثر من 20 مرة، حتى ان آخر تغيير حدث بها كان قبل الطبع بفترة قصيرة، حتى وصلت إلى نسختها الأخيرة، لكني سعيد بالنتيجة النهائية، وأظنها عنوان مرحلة جديدة في علاقتي بالكتابة، أكثر حرفية، حيث إن الأجواء تدور في الأماكن القديمة، فقد ولدت في حي العطارين، وقضيت فيه السنوات الست الأولى من طفولتي، وأغلب أقاربي عاشوا هناك، ومازال بيت جدي (رحمه الله) هناك، لكن علاقتي بالحي تجددت من خلال تحقيق صحافي قمت به في أخبار الأدب عام 2008، على ما أظن، وكانت قائمة على إعادة اكتشاف الحي، ومعه اكتشفت قصة جدي، وكيف جاء من المنصورة فقيراً، قبل أن يصبح صاحب واحد من أشهر محلات الخردوات، فأنا أحب الإسكندرية القديمة بشكل عام، وإلى الآن، كلما أعود إليها أجد راحتي في وسط البلد.

● ما الذي كان يشغلك أثناء كتابة الرواية؟

- الهاجس الذي كان يشغلني أثناء كتابة الرواية، هو مفهوم الذنب، الذي أرى أنه يقف عائقا بين الفن كفعل حر، ويحوله إلى ما يشبه المؤسسات الدينية، الثواب فيه للصالحين، العقاب فيه للمخطئين.

قارئ متخيل

● هل كنت تضع قارئا ما أمامك أثناء الكتابة؟

- ربما كنت أتخيل قارئا خاصا، لكن أظن انه على الكاتب أن يكون حذراً من أن يقع في فخ محبة القراء لنسخة واحدة منه، فهذا يحرمه من الإبداع والتجدد، وبالطبع أتمنى أن أصل إلى أكبر عدد من القراء يكونون قادرين على التواصل معي بما أنا عليه.

● ما تأثير نشأتك بالإسكندرية على اتجاهك الأدبي؟

- لها التأثير الأكبر بالطبع، فقد نشأت في الإسكندرية، حيث تخرجت في كلية الصيدلة، ثم عملت بالمهنة مدة عام، قبل أنا أغادر المدينة إلى القاهرة، والتحق بالعمل بالصحافة، لم ألتحق بجماعة أدبية تحمل توجها معينا تجاه الأدب، لكن في الإسكندرية صادقت عدداً من الأدباء المنتمين إلى مدارس مختلفة، وقد ألهمني هذا التنوع، أتذكر منهم الشاعر السكندري حسني منصور، الذي شجع موهبتي، ومنحني شيئا من الثقة بالنفس، ونبهني إلى أنني أمتلك شيئا مختلفا، ثم بعد ذلك جماعة أصيل، القاص ماهر شريف، والشاعر والمترجم عبدالرحيم يوسف، إضافة إلى الشاعرين سامي إسماعيل وأحمد عبدالجبار، وأنا مدين لتلك الجماعة بانتباهي المبكر إلى شكل آخر من الكتابة والقراءة أكثر انفتاحا وجرأة لكن خارج ذلك، وخلاله، كنت أتحرك دائما باستقلالية.

ديكورات خاصة

● إصدارك الأول كان ديوان شعر "ديكورات بسيطة"، لماذا لم تكمل مسيرة الشعر؟

- أنا بدأت ككاتب قصة، لكن أول ما نشرته ككتاب كان الشعر، سبق ذلك نشري لعدد من القصص في أخبار الأدب، ثم جاءت مرحلة المدونات، التي جربت فيها الكتابة ضمن أشكال أدبية متنوعة، قادتني بشكل طبيعي إلى العودة إلى كتابة القصة مرة أخرى، توقفت عن كتابة الشعر ببساطة عندما لم أعد أملكه، أملك في الأساس القدرة على السرد، لكن بذرة مشروعه ترسخت في الشهور الأخيرة لاستعمالي للمدونة كمنصة تعبير، عندما قررت أن أكتب حكاية خرافية كل يوم، كرهان مدة أربعين يوما، لم تسفر التجربة عن قصص عظيمة، تخيرت أفضلها في مجموعة، أرى الآن سلبيات التجربة، لكن من ناحية أخرى لكنها فجرت لدى القاص الكامن، وكانت تدريبا ممتازا، وأدركت بعد الانتهاء منها ما أرغب في كتابته أو قوله.

● انتقلت من الشعر إلى القصة والرواية، هل توجد فروق نوعية أثناء الكتابة؟

- هناك طبيعة لكل جنس أدبي تميزه، لكن الأشكال الحديثة من الأدب لا تعترف بتلك الفواصل، وأنا أنتمي قطعا إلى هذا التعريف، ربما وجدت في الرواية القدرة على الجمع بين أكثر من جنس أدبي في آن واحد، في فترة التدوين التي أظنها أكثر فترات تدريبي على الكتابة، كانت فكرة مدونتي في الأساس، هي تقديم أشكال مختلفة مع الكتابة، تتغير فيها اللغة حسب نوع النص، ما بين الساخر والسردي، والنثر بالفصحى والعامية، لذا أسميتها "تياترو" صاحب السعادة، وكان أول من انتبه إلى تلك القدرة على التنوع والتنقل بين أشكال لغوية وأدبية مختلفة هو الكاتب أحمد ناجي.

القصة والرواية

● كيف ترى مجموعاتك القصصية "في كل قلب حكاية" ومملكة من عصير التفاح؟ وهل يمكن أن تعيد كتابة إحداها؟

- بالقطع تختلف النظرة الآن، إذ تصل إلى حد الخجل أحيانا، أتمنى لو أعدت كتابة كلتيهما، لكنني أعرف أيضا، أنهما كانتا خطوتين مهمتين في سبيل العثور على الخبرة وعلى صوتي في الكتابة.

● يرى البعض أن أجواء رواياتك خاصة "ماندورلا" وعائلة جادو" تميل إلى الفانتازيا؟

- لا أعتقد أن "الفانتازيا" تعبير دقيق عما أكتب، ربما المزج بين الحلم والواقع، فالحلم قادر على كشف تقارب الأسطوري من اليومي إلى درجة كبيرة، وهو الأمر الذي يعتمد عليه مشروعي الروائي منذ روايتي الأولى "ماندورلا".

● كيف ترى فوز العمانية جوخة الحارثي بجائزة "مان بوكر" العالمية؟

- فرحت جداً بفوز كاتبة عربية بجائزة عالمية، وأراه حدثاً يسلط الضوء على الكتابة العربية، لم أقرأ الرواية إلى الآن، لأحكم على مستواها، لكنني سأفعل في القريب، وما يثار حول وضع المرأة في الأدب بعد فوزها لدي اعتراض، فعندما أقرأ أدبا لا أصنف كاتبه حسب جنسه أو وضعه أو دولته، ما دام يقدم أدباً جيداً.

● ماذا عن مشاريعك الأدبية القادمة؟

- رواية عن الكتابة، بعنوان" المشاء العظيم"، كما انتهيت من مجموعة قصصية.

مساحة مختلفة

تخرج أحمد الفخراني من كلية الصيدلة، وبدأ حياته المهنية طبيبا صيدلانيا، وسرعان ما انتقل الى عالم الصحافة عام 2007، ثم قرر تأسيس موقع "قل" كأول موقع متخصص في كتابة المقالات فقط، يوفر خلاله مساحة "مختلفة وبعيدة عما تقدمه وسائل الإعلام العادية".

صدر له: ديوان شعر "ديكورات بسيطة" عام 2007. وبورتريه "في كل قلب حكاية" عام 2009، ثم أصدر المجموعة القصصية "مملكة من عصير التفاح"، وفازت روايته "ماندورلا"، التي صدرت طبعتها الأولى في عام 2013 بجائزة ساويرس لعام 2016، وصدر له بعدها روايتان "سيرة سيد الباشا"، و"عائلة جادو"، وأخيراً "بياصة الشوام".

توقفت عن كتابة الشعر عندما لم أعد أملكه

«تياترو» صاحب السعادة يقدم مختلف أشكال الكتابة

على الكاتب أن يكون حذراً من الوقوع في فخ محبة القراء
back to top