حلفاء طهران وخصومها العراقيون ساخطون على عبدالمهدي
رغم محاولات بغداد المتكررة التقليل من خطورة الأزمة المتصاعدة بين واشنطن وطهران، فإن الجدل السياسي في العراق بات أسير هذه الأزمة تماما، وأخذ يحاكم بقسوة طريقة رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في إدارة الضغوط الاميركية، إلى درجة أن خصوم طهران وحلفاءها في العراق يكادون يتفقون معا على أن حكومة بغداد لا تقدم أداء صحيحا في التعامل مع هذا الملف.وجاءت وقائع داخلية لتكشف كيف يتأثر العراق بنحو معقد جدا، بالازمة بين طهران وواشنطن، من الموصل شمالا حيث يتزايد نفوذ الفصائل المسلحة المقربة على طهران في اكبر المدن السنية، وفي بغداد التي صحت يوم السبت الماضي على رئيس الحكومة السابق حيدر العبادي وهو يستقيل من قيادة حزب الدعوة العتيد متحدثا عن ضرورات التغيير، وليس انتهاء بالقمة العربية الطارئة في مكة، مع اعتراض العراق منفردا على بيانها الختامي بشأن ايران.في الموصل أقيمت مظاهرات يوم القدس، وهي تقليد ايراني في اخر جمعة من كل رمضان، حيث نظمتها فصائل مسلحة موالية لايران في قلب المدينة السنية، الامر الذي جاء مكرسا لتعاظم سياسي لدور فصائل الحشد الشعبي هناك، إذ نجح تحالف البناء المقرب من طهران في فرض محافظ جديد للموصل سني المذهب لكنه يعمل مع حلفاء حرس الثورة، ورغم ان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر كان غاضبا مثل اهل الموصل وساستهم، فإن رئيس الحكومة عادل عبدالمهدي عد ذلك امرا طبيعيا ودعا إلى التقليل من خطورته.
ويعتبر المراقبون تقدم ايران في الموصل ووقوف الجناح العراقي المعتدل عاجزا امامه، رسالة ايرانية قوية في لحظة التصادم مع الادارة الاميركية، التي تراهن على جعل العراق في خندق الشراكة الدولية المواجه لطهران. وفي قمة مكة قال الرئيس العراقي برهم صالح إن اندلاع حرب مع ايران سيهدد استقرار العراق، محاولا الاعتراض على البيان الختامي للقمة الذي استعرض الازمات العديدة مع الجمهورية الاسلامية، ودعا العرب إلى تفهم الوضع العراقي، لكن طريقته في عرض موقف بغداد اثارت سجالا واضحا بين العراقيين المعارضين لنفوذ طهران، داعين الى الحديث مع المحيط العربي بطريقة اكثر واقعية تعزز العلاقات مع دول الخليج خصوصا، وهو ما اعاد السجال حول حكومة عبد المهدي المتهمة بانها تتراخى اكثر مما يجب مع النفوذ الايراني.أما استقالة حيدر العبادي من قيادة حزب الدعوة فقد فتحت الباب امام سيناريوهات عدة محتملة لتغيير الحكومة ورئيسها، ما يعبر عنه بعض المراقبين بالبحث عن "سقوط آمن لعبد المهدي" الذي لم ينجح في كسب ثقة الايرانيين، ولم يحافظ على ثقة الأميركان، على حد تعبيرهم.ووفقاً لأحد السيناريوهات فإن العبادي استقال من حزب الدعوة "المغضوب عليه عراقياً وإقليميا" ليمهد لنفسه كمرشح بديل لعبدالمهدي في حال تصاعدت الأزمة في الخليج.أما أنصار عبدالمهدي فيقولون انه حازم جدا على مستوى تنفيذ الشراكات الدولية وملتزم بالاتفاقيات مع واشنطن لكنه يطلب من ادارة الرئيس الاميركي، وحسب، أن تتفهم الوضع العراقي الخاص وضعف الدولة، وهو يدعو إلى تصحيح العلاقة مع طهران عبر دعم تدريجي هادئ للسيادة العراقية، ودعم جهود بناء الاستقرار والتكامل اقتصاديا وأمنيا مع المحيط العربي والشراكات الدولية لموازنة جميع الأدوار.ويستدل هؤلاء على فرضيتهم بأن أنصار إيران غاضبون من عبدالمهدي ويعدونه خاضعا للضغط الأميركي، بينما يتهمه خصوم إيران بأنه يتراخى مع نفوذ طهران، وهو ما يصفه أنصار رئيس الحكومة بضريبة "الوسطية" التي افتقدتها الحكومات السابقة في بغداد.