● بداية دخولك العالم الأدبي بالقاهرة كانت عبر رواية "امرأة من دخان"، ماذا عنها، وهل سبقها محاولات؟
- كانت لديّ محاولات عديدة، لكن رواية "امرأة من دخان" لم أخطط حين كتبتها لتكون رواية، بل بدايتها كانت موجهة لتكون قصة، لكنني بمجرد أن كتبت حتى وجدت الأحداث ترسم وترتسم معالمها، لتنتهي بالشكل النهائي، وخبأتها كما فعلت مع جميع كتاباتي السابقة، لأنني لم أستطع النشر في الجزائر، لأنه مكلف جدا، ولم أكن أملك الإمكانات المادية لذلك، ولكن أرشدتني صديقتي الكاتبة دالي يوسف مريم، إلى دار المعتز للنشر والتوزيع بالأردن التي تنشر بدون مقابل، فأرسلت لهم مخطوط روايتي "امرأة من دخان" عبر الإيميل، فتم قبوله، وبعدها بعثت لهم بمجموعتي القصصية "عازفة الماندولين"، وصدر العملان في وقت متقارب، وكان ذلك بمنزلة ولادة بالنسبة إلي وباب أمل لطالما ظل موصدا في وجهي لسنوات، فحلم النشر كان أمنية ظلت معلّقة لسنوات طويلة، مع العلم بأن رواية "امراة من دخان" كانت قد توجت قبل نشرها في الطبعة الثالثة لمهرجان همسة للفنون والآداب بمصر، وهي الدورة التي حملت اسم الأديب سعدالدين وهبة في 2015، لكنني لم أتمكن من السفر إلى مصر لتسلم جائزتي، وتكفلت صديقة بإحضارها، بسبب العائق المادي وتجاهل الهيئات الثقافية بوهران هذا التتويج، رغم أنني رفعت اسم وطني عاليا، ومنعتني كرامتي من استجداء أي كان، رغم أنني كنت صحافية معروفة، وأغطي كل النشاطات الثقافية بوهران ومسيرة مهنية ناهزت الخمس عشرة سنة، وكان الفوز في مسابقة دولية وفي مصر تحديدا التي تعد منارة الثقافة والأدب والأدباء، قد أعاد لي الثقة بنفسي وزاده النشر، وصار محفزا لي للإبداع أكثر.● تنوع إنتاجك بين القصة القصيرة والرواية، كيف سارت المسيرة؟
- توالت أعمالي بعد ذلك، وكتبت روايتي "اليد اليمنى للكولونيل"، و"طوق البنفسج"، وهنا أشير إلى أن كتابة النص الروائي تختلف بالطبع عن النص القصصي، فالرواية تتطلب أسلوبا معيّنا ونفسا طويلا، ويمكن أن تتفرع فيها الشخصيات التي تشترك مع البطل أو بطلي الرواية حسب الأحداث، وتكثر المشاهد في النص الروائي، وتتصاعد الأحداث لتبلغ الذروة، أما النص القصصي فهو إضافة الى أنه لا يتطلب الجهد، فإن أحداثه تكون محسومة لدى الكاتب.● في مجموعتك "عازفة الماندولين" تنشغلين بهموم المرأة والغربة، أما تزال المرأة العربية لم تجد شاطئ الأمان بعد؟
- المرأة ظلت محط اهتمامي، وتتربع على عرش كتاباتي، ولأنني امرأة فإنني أنحاز إلى بنات جنسي في غير غلو، فأنا أحاول نصرتهن والدفاع عنهن والانتصار لهن، لأن المرأة الكاتبة تكتب ذاتها في أي نص روائي تشتغل عليه، إنها تضع بضعا منها في كل عمل أدبي تنجزه، وما زالت المرأة العربية، برأيي، تبحث عن شاطئ أمان يحميها من تلك الضغوط النفسية والممارسات المشينة والمجحفة في حقها، إنها لا تطلب أي شيء سوى أن ينظر المجتمع اليها كإنسان، فالتسلط الذكوري في التعامل مع هذا الكائن المرهف الحس فرديا ومجتمعيا يبقى مجحفا وظالما، فمجتمعاتنا العربية مازالت تعتبر المرأة رغم ما بلغته من مناصب وما حققته "ناقصة عقل ودين" ويعتبرها قاصرا مدى الحياة، وهذا قمة الظلم، حسب رأيي.● كيف ترين الآن روايتك "اليد اليمنى للكولونيل"؟
- رغم أنني أصدرت ثلاثة أعمال روائية، لا أعتبر نفسي أنني بلغت درجة التميز، بل أعتبر ما أصدرته تجارب ولا يزال الطريق أمامي شاقا وطويلا، ومن المؤكد أن العمل الأدبي عندما يمر عليه الوقت تختلف نظرة صاحبه إليه، فقد تكتشف أنه كان بإمكانك حذف فقرة وإضافة أخرى، أو تنتقد تلك النهاية أو بعض الأحداث، فالكاتب لا يمكن أن يشعر بالرضا، وهذا شعور "صحي"، فالغرور يقتل الكاتب ويغتال الإبداع، ونظرتي لرواية "اليد اليمنى للكولونيل" تغيرت بعض الشيء في بعض الأحداث، وأعتبر أنه كان بإمكاني الاشتغال عليها بشكل أفضل، رغم أنها أعجبت كل من طالعها.● روايتك "طوق البنفسج" تزخر بالهموم الحياتية، حدثينا عنها وعن كواليس كتابتها.
- فتحت شهيتي للكتابة، وكنت حين صدور رواية اليد اليمنى للكولونيل قد باشرت الاشتغال عليها، وجربت فيها طريقة مغايرة في الكتابة، مع الحرص على اختيار وانتقاء الكلمات، فوضعت المخطط أو هيكل الرواية وارتسمت أمامي الأحداث، فشرعت في كتابتها.طوق البنفسج ولدت من رحم معاناة شخصية، فأطلقت عليها ابنة الألم، لأنني كتبتها وأنا أعيش ألما وظلما حين طردنا أخي بالتبني أنا ووالدتي من بيتنا ومن مسقط رأسي بوهران، والذي كان صدمة مازلت أعيشها بمرارة، فاخترت أن تكون رواية تروي معاناة شقيقتين حرمتا من والدتهما بعد انفصالها عن والدهما، فحملت شحنات من الألم والدموع والأمل أيضا، وطرحت فيها أيضا عدم التكافؤ في الزواج، والبحث عن الذات، فكانت بمنزلة مداواة الجرح بالجرح، فهذا الطرد كان نفيا حطم وقتل الكثير من الأشياء الجميلة في نفسي، وخسرت خلاله عملي وكل الأشياء التي كنت أحبها لأجد نفسي حبيسة الجدران في مدينة صغيرة لا أعرف فيها أحدا، ولم أستطع التأقلم، ولا زلت أعانق حلم العودة الى بيتنا ووهران.● كيف ترين إبداعات المرأة الجزائرية والعربية؟
- لقد عرفت إبداعات المرأة العربية تطورا ملحوظا، وأخرجت لنا أسماء أديبات متميزات، ففي الجزائر لدينا أسماء إبداعية راقية، أذكر على سبيل المثال الشاعرة خولة حواسنية، والكاتبة الشابة مريم دالي يوسف، والروائية بودهري مريم، والكاتبة الشابة فداد ياسمينة، والكاتبة خولة حمدي، وأسماء كثيرة لا يتسع المقام لذكرها صنعت لها اسما ولمعت في سماء الأدب. بذات الزخم تبدع المرأة العربية في شتى أنواع الإبداع الأدبي، أذكر ضحى جبر من مصر، وكثيرات استطعن أن يبرزن ويسجلن حضورهن بقوة، دون إغفال أسماء روائيات شهيرات من أمثال الروائية أحلام مستغانمي، والشاعرة رشيدة محمدي، والشاعرة أنصاف عماري، والشاعرة أم سهام، وكثيرات هن قامات في الأدب.● ما تعليقك على فوز العمانية جوخة الحارثي بالـ "مان بوكر" العالمية؟
- لقد شدني الفضول لمتابعة خبر فوز الروائية جوخة الحارثي بأحد أعرق الجوائز العالمية وأكبرها، ومن دولة سلطنة عمان تحديدا التي لا تصلنا عنها أخبار كثيرة، فقرأت عن مشوارها وما كتب عن عملها المتوج الموسوم "سيدات القمر"، والجميل أن هذا العمل كتبته عن حقبة من تاريخ بلدها، وبفوزها هذا رفعت عاليا اسم كل المبدعات العربيات، وأثبتث أن المرأة العربية قادرة على صنع المفارقة والتميز وكتابة اسمها بأحرف من ذهب، فهي فخر لنا كمبدعات.● ماذا عن مشروعاتك الأدبية القادمة؟
- أشتغل حاليا على نص روائي جديد بعنوان "محطة قطار"، وبنمط سردي مختلف سيكتشفني خلاله القراء مستقبلا.عروس البحر
بدأت بوخلاط مشوارها الأدبي بكتابة خاطرة بعنوان "عروس البحر"، ومن هنا كانت الانطلاقة بتجريب أساليب أدبية أخرى، فجربت القصة القصيرة والشعر المقفى والحر، وكانت لديها مشاركات في مسابقات وطنية وحازت جوائز المرتبة الأولى في المسابقة الوطنية للقصة في 2003، والمسابقة الوطنية لملتقى "شموع لا تنطفئ"، الذي ترعاه دار الثقافة في 2014، وجائزة همسة للفنون والآداب في مصر، دورة سعدالدين وهبة.