في أسوأ أعمال عنف منذ عزل الرئيس السوداني عمر حسن البشير في 11 أبريل الماضي، اقتحمت، أمس، قوات الأمن مقر الاعتصام أمام مبنى القيادة العامة للجيش وسط الخرطوم وفضّته بالقوة، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى والجرحى.وبينما ذكرت «لجنة أطباء السودان المركزية»، في بيان أن «محصلة شهداء مجزرة اليوم (أمس) ارتفعت إلى تسعة»، مضيفة أن عدد القتلى «في تزايد بصورة مهولة يصعب حصرها آنياً»، أعلن نشطاء وقادة الاحتجاج أن العدد وصل الى 14 قتيلاً.
وذكرت وسائل إعلام، أن قوات الأمن اقتحمت مكان الاعتصام صباحاً، وفضّته بالقوة، مع تكثيف الوجود الأمني والعسكري في محيط «اعتصام القيادة».وأفاد شهود من موقع الاعتصام، بأن «قوات الأمن أغلقت الشوارع في مركز العاصمة واقتحمت موقع الاعتصام وسط إطلاق نار، لتفريق الاحتجاج».وقال أحد المعتصمين عادل ابراهيم إن «اكثر من 500 عربة من قوات الدعم السريع والشرطة أطلقت علينا النار واحترقت خيامنا».وتم إغلاق كافة الطرق بين الخرطوم والنيل البيض.في المقابل، أقدم المعتصمون على إغلاق الطرقات بالحجارة وإحراق إطارات السيارات في مدينة أم درمان بالخرطوم.
«الحرية والتغيير»
وأكد قادة الاحتجاج أن القوات العسكرية تمكنت من فض «اعتصام القيادة»، منددين بـ«الجريمة والمجزرة».وقال تحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير» الذي يقود الحراك الشعبي في بيان «قامت قوات الدعم السريع والجيش بفض الاعتصام السلمي، ونؤكد أن منطقة القيادة الآن لا توجد فيها إلا الأجساد الطاهرة لشهدائنا الذين لم نستطع حتى الآن إجلاءهم من أرض الاعتصام». وحمل البيان المجلس العسكري «المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة».وأعلن التحالف رسمياً «وقف كافة الاتصالات السياسية مع المجلس الانقلابي ووقف التفاوض» والدعوة «لعصيان مدني شامل لإسقاط المجلس العسكري الغادر القاتل».وأضاف أن «المجلس لم يعد أهلاً للتفاوض مع الشعب السوداني، وأن قادة وأعضاء هذا المجلس يتحملون المسؤولية الجنائية عن الدماء التي أُريقت».وأكدت أن قوات متنوعة من الدعم السريع والجيش والشرطة وغيرها شاركت في فض الاعتصام.وحثت «الشرفاء من قوات الشعب المسلحة والشرطة» على «الانحياز لخيار الشعب المتمثل في إسقاط النظام وإقامة سلطة مدنية انتقالية كاملة».«تجمع المهنيين»
من ناحيته، دعا «تجمع المهنيين السودانيين»، أمس، «الثوار في كل أحياء وفرقان وبلدات مدن السودان وقراه بالخروج للشوارع وتسيير المواكب، وإغلاق كل الشوارع والكباري والمنافذ. نحن ندعو لإعلان العصيان المدني الشامل».«الشيوعي»
وقال القيادي في «الحزب الشيوعي» كمال كرار، إن «منطقة الاعتصام بالخرطوم باتت شبه خالية بعد أن تم فضها بالقوة»، مشيراً إلى أن «الحصيلة الأولية للقتلى بلغت 14 شخصاً».وأضاف: «ما حدث مجزرة بكل ما تحمله الكلمة، والمجلس الانقلابي يتحمل مسؤوليتها وسيعاقب عليها».«العسكري»
في المقابل، نفى الناطق باسم «المجلس العسكري»، الفريق شمس الدين كباشي، أي محاولة لفض الاعتصام بالقوة وأكد عدم وجود أي تواجد عسكري في منطقة الاعتصام، مشيراً إلى استئناف التفاوض غداً أو بعد غد.وقال: «نحن لم نفض الاعتصام بالقوة، الخيام موجودة، ولم يتم اقتحام مقر الاعتصام ولا وجود للعسكريين في منطقة الاعتصام»، مؤكداً «حرية التجول للمعتصمين داخل منطقة الاعتصام».وأوضح أن «ما تم خارج نطاق منطقة الاعتصام هو في منطقة كولمبيا، ونحن نستهدف فقط كولمبيا».«الأمة»
وأكد حزب «الأمة» القومي الإسلامي المعارض، استنكاره الشديد «لقيام المجلس العسكري بفض الاعتصام بالرصاص الحي وهو العمل المتهور الغادر الذي ظللنا نرفضه، ونحذر منه بشدة وباستمرار»، واعتبر أن «المجلس بهذا العمل لم يعد منحازاً إلى الثورة الظافرة بأي حال، وإنما اختار بوضوح أن يقف إلى الطرف النقيض لاختيارات الأمة السودانية، وهو الثورة المضادة».العصيان
وفي أول رد فعل على دعوة قوى «الحرية والتغيير» إلى العصيان، أعلن «تجمع الطيارين السودانيين» العصيان المدني من دون استثناء لأي رحلات كائنة ما كانت» مما أدى الى توقف حركة المطار.وفي وقت لاحق، أعلن موظفو البنك المركزي السوداني انضمامهم إلى العصيان الأمر الذي قد يؤثر على الدورة الاقتصادية.ردود فعل
وأعلنت السفارة الأميركية في تغريدة على موقعها على «تويتر» أن «الهجمات التي تقوم بها القوى الأمنية ضد المتظاهرين ومدنيين آخرين خطأ ويجب أن تتوقف». من ناحيته، قال السفير البريطاني في الخرطوم عرفان صديق في تغريدة على «تويتر»، إنه «لا مبرّر لمثل هذا الهجوم. يجب أن يتوقف هذا الآن».الاتحاد الأوروبي بدوره، حضّ قيادات الجيش السوداني للسماح بالاحتجاج السلمي داعياً على انتقال السلطة سريعا لقوى مدنية.وفي برلين، دانت الحكومة الألمانية التصدي العنيف لقوات الأمن للاعتصام الاحتجاجي، مشيرة الى أن «هذا العنف غير مبرر ويتعين وقفه فوراً».وفي القاهرة، طالبت وزارة الخارجية المصرية في بيان، الأطراف السودانية باستئناف الحوار بشأن الفترة الانتقالية.وأوضح، أن «مصر تؤكد أهمية التزام الأطراف كافة بالهدوء وضبط النفس والعودة إلى مائدة المفاوضات والحوار بهدف تحقيق تطلعات الشعب السوداني».