اجتماع «أوبك»... غموض حول مستقبل تمديد خفض الإنتاج

إشارات روسية متناقضة بشأن التزامها به ضمن تحالف «أوبك بلس»

نشر في 04-06-2019
آخر تحديث 04-06-2019 | 00:05
No Image Caption
رأى بعض المحللين أن مهمة «أوبك» أصبحت أكثر صعوبة بسبب عدم التأكد من مصير إمدادات النفط الروسية إلى أوروبا عبر خط أنابيب دروغبا، لكن في الوقت نفسه وخلال نهاية الشهر الماضي، قال بوتين إنه يأمل ألا يخلف السعوديون وعودهم بموجب اتفاق «أوبك بلس»، مضيفاً أن أي طرف لم يبد استعداده للانسحاب من هذا الاتفاق.
بلا شك يكتنف المرحلة الحالية التي تمر بها أسواق النفط العالمية درجة عالية من الغموض بسبب الأمور الاقتصادية المتأزمة أحياناً في بعض البلدان، إضافة إلى الحروب التجارية، بالتالي لا تأتي معظم توقعات الخبراء المتخصصين بالنفط بالدقة المعهودة، كما لم تعد لديهم القدرة على التنبؤ باتجاه أسعار النفط.

العرض والطلب

لعل من الطبيعي أن تعكس أسعار النفط تغيرات العرض والطلب، خصوصاً عندما يكون هناك تهديد كبير يمس العرض، ويؤدي إلى شح الإمدادات، والمقصود هنا منع إيران من تصدير نفطها؛ لكن هذا الأمر لم يسهم من قريب أو بعيد في تغيير وضع الأسعار العالمية للخام، بل هناك تأرجح في الأسعار يميل قليلاً نحو الانخفاض على الرغم من بدء تنفيذ العقوبات الأميركية على طهران، ومنعها من تصدير نفطها.

والإشكالية الكبرى هنا بعد استعراض بعض الأسباب التي من الضروري أن ترتفع عقبها أسعار النفط، تدور حول المخاوف من انقطاع النفط الليبي جراء المعارك الضارية القائمة هناك حالياً في محيط العاصمة الليبية طرابلس، إضافة إلى مواجهة محتملة مع إيران إذا لم تنصع لتنفيذ العقوبات المفروضة عليها، كذلك تعرض ناقلات نفط سعودية لهجمات في مضيق هرمز، وفوق هذا كله فإن النفط الفنزويلي في تراجع مستمر بسبب الظروف الاقتصادية السيئة التي تمر بها التي تمر بها، على الرغم من أن لدى فنزويلا أكبر احتياطي نفط مؤكد في العالم حسب الإحصائيات.

ميل للهبوط

مع ذلك كله، فإن التساؤل الأكبر هنا أيضاً مفاده أننا نجد أسعار النفط تميل إلى الهبوط نوعا ما بشكل يومي تحت أسعار 70 دولاراً للبرميل، وبالنظر إلى تلك الأحداث فمن الطبيعي أن تشهد أسعار النفط ارتفاعات مطردة من الممكن أن تتخطى الـ 100 دولار للبرميل.

ولعل بعض المتخصصين يرون أن السوق النفطي العالمي سيشهد إما هبوطاً كبيراً في الطلب أو ارتفاعاً كبيراً في المعروض مع ترجيح العامل الأول بسبب الحرب التجارية المستعرة بين الولايات المتحدة الأميركية والصين، والمتوقع أن تؤثر في الطلب نظراً إلى تاثر الاقتصاد الصيني، إذ تعد بكين أكبر مستورد للنفط في العالم.

إشارات روسية

ومنذ أيام، وقبل انعقاد اجتماع منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها المزمع يومي 25 و26 يونيو الجاري لمناقشة اتفاق خفض الإنتاج وما إذا كان سيتم تمديده أو الاكتفاء بما حققه الاتفاق، فإن روسيا بدأت إرسال إشارات متناقضة بشأن مدى استعدادها للاستمرار في المشاركة في هذه الاتفاقية من عدمها.

بيد أن تذبذب المواقف لا يعد بالأمر الجديد بالنسبة روسيا، إذ تراجعت سابقاً عن دعم كل صفقات الإنتاج مع "أوبك" التي تهدف للتحكم في إمدادات النفط العالمية وأسعار النفط منذ بداية يناير 2017.

في هذا الصدد سلط تقرير على موقع "أويل برايس" الأميركي، الضوء على عدم وضوح الموقف الروسي بشأن صفقة "أوبك بلس (أي بين الدول الأعضاء في المنظمة ومن خارجها)" المتعلقة بخفض الإنتاج.

وأفاد التقرير بأنه خلال الاجتماع الذي عُقد في ديسمبر 2018، وحينما أُبرمت اتفاقية خفض إنتاج النفط الحالية، حاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على لسان وزير الطاقة ألكساندر نوفاك، إقناع كل من وزيري السعودية وإيران بالموافقة على التصويت لمصلحة هذا الاتفاق، لأن "أوبك" تحتاج إلى الحصول على الإجماع لتمرير مثل هذه القرارات.

ومع اقتراب موعد عقد اجتماع لمراجعة هذا الاتفاق 25 و26 الجاري، تبدو هناك إشارات روسية متناقضة بشأن مدى التزامها بهذه الصفقة.

تحدٍّ كبير

في المقابل، لا يعني هذا الأمر أن أعضاء منظمة "أوبك" لا يرسلون بدورهم إشارات تتسم بالغموض، إذ إن قرار الولايات المتحدة القاضي بعدم تجديد إعفاء الدول المشترية للنفط الإيراني من العقوبات مثل تحدّياً كبيراً أمام كل من المنظمة وسوق النفط العالمي لفهم هذه الخطوة.

وعموماً، فإن ذلك الأمر يتعلق بتداعيات القيود المفروضة على إيران بحلول موعد اجتماع شهر يونيو الجاري والفترة التي تليه، إلى جانب حجم الإمدادات التي ينبغي على الدول الأعضاء في "أوبك" ضخها -لا سيما تلك التي تتمتع بقدرة إنتاج احتياطية على غرار السعودية والإمارات- لسد النقص الناتج عن منع إيران من تزويد السوق بالنفط.

أما السعودية فأعربت في اكثر من مناسبة عن استعدادها تلبية متطلبات السوق من أجل "ضمان استقراره"، لكنها أكدت من جديد أنها لن تتسرع في اتخاذ مثل هذا القرار وزيادة إنتاجها من النفط حتى تتوفر الظروف الملائمة لذلك.

مهمة صعبة

ورأى بعض المحللين أن مهمة "أوبك" أصبحت أكثر صعوبة بسبب عدم التأكد من مصير إمدادات النفط الروسية إلى أوروبا عبر خط أنابيب دروغبا، لكن في الوقت نفسه وخلال نهاية الشهر الماضي، قال بوتين إنه يأمل ألا يخلف السعوديون وعودهم بموجب اتفاق "أوبك بلس"، مضيفاً أن أي طرف لم يبد استعداده للانسحاب من هذا الاتفاق.

وفي هذا الإطار تبذل روسيا قصارى جهدها لخفض إنتاجها من النفط إلى الحد المتفق عليه بموجب هذا الاتفاق، في حين ترفض شركات النفط الروسية خفضه لأن صفقة "أوبك بلس" تتدخل في خطط نمو الإنتاج، علماً أن الشركات الروسية تستفيد من ارتفاع إنتاج النفط، خصوصاً أنها ليست في حاجة إلى رفع أسعار النفط كما الحال مع السعودية، لتحقيق توازن ميزانيتها.

الشركات الروسية

وعلى الرغم من استفادة روسيا من ارتفاع أسعار النفط بسبب فرض قيود على عملية الإنتاج التي فرضتها "أوبك"، فإن ارتفاع الإنتاج يُعتبر عاملاً مهماً بالنسبة للشركات الروسية، التي تسعى إلى تطوير حقول نفط جديدة وتعويض انخفاض الإنتاج في الحقول المستغلّة في منطقة الأورال وغربي سيبيريا.

ويرى بعض المراقبين أن من المحتمل ألا تكشف روسيا عن موقفها من صفقة "أوبك" إلى حين الاجتماع المقرر عقده قريباً بين دولها الأعضاء وحلفائها، لكن من المرجح أن تقرر روسيا هذه المرة أن الوقت قد حان للسعي إلى تطوير حقول نفط جديدة والتخلي عن الاتفاق.

ويرجح بعض الخبراء وجود تباين في وجهات النظر بين السعودية وروسيا، إذ تميل الرياض إلى خفض الإنتاج من أجل منع تراكم النفط في المخزونات، في حين ترى موسكو أن على الجميع مراعاة الانقطاعات من "أوبك" وتعويضها.

ولعل "أوبك" تبحث عن أسعار نفط تلائم ميزانيتها، فيما يبدو أن روسيا سعيدة بالأسعار الحالية تحت 70 دولاراً.

ما يهم الآن هو أن يفهم الجميع أن الطلب على النفط مهدد هذا العام، وأسعار النفط عند 80 دولاراً فما فوق، لن تساعده على التعافي، لذا من المهم أن يحافظ المنتجون على حزمة بين 60 إلى 70 دولاراً.

السوق النفطي سيشهد إما هبوطاً كبيراً في الطلب أو ارتفاعاً كبيراً في المعروض بسبب الحرب التجارية
back to top