غداة مقتل نحو 35 شخصا جراء فض الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم، أعلن رئيس المجلس العسكري السوداني الانتقالي، الفريق أوّل الركن عبدالفتّاح البرهان، أن المجلس قرّر إلغاء اتُّفِق عليه سابقًا مع المتظاهرين بشأن انتقال السلطة في البلاد، وأنّه قرّر أيضا إجراء انتخابات مبكرة.

وقال البرهان، في بيان بثّه التلفزيون الرسمي فجر أمس، «قرّر المجلس العسكري وقف التفاوض مع تحالف قوى إعلان الحرّية والتغيير، وإلغاء ما تمّ الاتّفاق عليه، والدّعوة إلى إجراء انتخابات عامّة في فترة لا تتجاوز التّسعة أشهر، بدءًا من الآن، تتمّ بإشراف إقليمي ودولي».

Ad

وأكد أن «المجلس العسكري أمر بإجراء تحقيق بشأن ما حصل»، قائلا: «نعِدكُم بالتحقيق في أحداث الاثنين، وندعو النيابة العامة إلى توَلّي ذلك الأمر».

وتابع البرهان أنّ «القوات المسلحة والدعم السريع والقوّات النظامية مسؤولة عن أمن وحماية الوطن، وما انحازت إلى هذه الثورة إلا لضمان حمايتها وحماية السودان، وليس من أجل أن تحكُم لأنّه ليس من حقّها فعل ذلك». وشدد على أن «السبيل الوحيد إلى حكم السودان، هو صندوق الانتخابات الذي يتحكّم به الشعب السوداني وحده».

وأشار البرهان إلى أنّ «القوى السياسية التي تُحاور المجلس العسكري تُحاول استنساخ نظام شموليّ آخَر يُفرض فيه رأي واحد يفتقر إلى التوافق والتفويض الشعبي والرضا العام، ويضع وحدة السودان وأمنه في خطر حقيقي».

ولفت إلى أنه سيتمّ «تشكيل حكومة تسيير مهام، لتنفيذ مهمّات الفترة الانتقاليّة المتمثّلة في الآتي: محاسبة واجتثاث كل رموز النظام السابق المتورطين بجرائم فساد، والتأسيس لسلام مستدام وشامل في مناطق النزاعات المختلفة، وتهيئة البيئة المحلّية والإقليميّة والدوليّة لقيام الانتخابات بما يُمكّن الشعب السوداني من اختيار قيادته بكل شفافية».

وظلّت شوارع عدّة مغلقة بسبب متاريس أقامها متظاهرون باستخدام حجارة وجذوع شجر وإطارات مشتعلة. وأُغلِقت محال وصيدليّات وشركات عدّة في أنحاء المدينة.

جلسة طارئة

وعقد مجلس الأمن الدولي، أمس، جلسة طارئة مغلقة لمناقشة الأزمة في السودان. وعقَدت الجلسة بعد طلب تقدّمت به أمس الأول، ألمانيا وبريطانيا، في وقت دان الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش استخدام قوّات الأمن السودانية القوّة المفرطة لفض الاعتصام.

«تجمّع المهنيّين»

ورداً على دعوة «العسكري»، أعلن «تجمّع المهنيّين السودانيّين»، وهو أحد القوى الرئيسة المشكلة لتحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، رفضه للجدول الزمني الذي حدده البرهان للانتخابات العامة، معتبرا أن «مخطط إعلان الانتخابات والتنصل عن الاتفاق مع قوى الحرية والتغيير وإعلان تشكيل حكومة، هزال بعضه فوق بعض».

وأكد أن «الإضراب السياسي متواصل والعصيان المدني الشامل مستمر حتى إسقاط النظام، وتظاهراتنا ستتواصل مع إغلاق الطرق الرئيسية والكباري وتعطيل السلطة الغاشمة ونزع شرعيتها وسلطانها في القطاعين العام والخاص».

«لجنة الأطباء»

من ناحيتها، أكدت «لجنة أطبّاء السّودان المركزيّة»، في بيان، «أن عدد شهداء مجزرة القيادة العامّة التي ارتكبها المجلس العسكري ارتفع إلى أكثر من 35 شهيدا بينهم طفل عمره ثماني سنوات، إضافة إلى سقوط مئات من الجرحى والإصابات الحرجة».

ردود الفعل

وفي ردود الفعل، كتب مساعد وزير الخارجيّة الأميركي لشؤون إفريقيا، تيبور نويج، على «تويتر»: «لقد كان ذلك هجومًا وحشيًا ومنسّقًا قادَتهُ ميليشيا قوّات الدّعم السريع، ويعكس أسوأ أفعال نظام البشير»، في إشارة إلى الرئيس المخلوع عمر البشير.

بدورها، دعت «منظّمة العفو الدولية» المجتمع الدولي إلى «فرض عقوبات تستهدف الأعضاء المسؤولين في السلطات الانتقالية السودانيّة عن الهجوم العنيف ضدّ المحتجين أثناء نومهم».

وناشدت وزارة الخارجية القطرية «المجلس العسكري» أن «يوقف ممارسات قوات الأمن ضد المتظاهرين العزّل».

من ناحيته، أكد وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، أن «تجارب المنطقة علمتنا أن الانتقال المنظم للمؤسسات هو سبيل تفادي سنوات من الفوضى والضياع».

وفي طهران، أعرب الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سيد عباس موسوي، عن قلق بلاده الشديد لاندلاع نزاع مسلح على السلطة في السودان.