فاس المغربية متحف مفتوح... وكنوز المدينة العتيقة مصنفة تراثاً عالمياً

ترميم 4 آلاف مبنى بينها 27 معلماً تاريخياً خلال الفترة بين 2013 و2018

نشر في 09-06-2019
آخر تحديث 09-06-2019 | 00:00
مدينة فاس الواقعة في وسط المغرب «عبارة عن متحف مفتوح»، ويضم وسطها القديم أكثر من 10 آلاف زقاق، مما يجعله واحداً من أكبر فضاءات التجوال مشياً على الأقدام في العالم،
وبذلت جهود جبارة لإنقاذ كنوز المدينة العتيقة لفاس المصنفة تراثا عالميا، من الاندثار. وخصص أكثر من مليار درهم (نحو 92 مليون يورو) لتمويل برنامجين متتاليين منذ 2013، لترميم وتجديد تراث معرّض للتلف، وتحريك بركة السياحة الراكدة، وكان الوضع في المدينة يقتضي تحركا عاجلا، إذ في نهاية الثمانينيات، كان أكثر من نصف مبانيها العتيقة في حالة «متدهورة»، ونحو 10 في المئة منها مهدد بالاندثار.
بنيت فاس في القرن التاسع لتكون عاصمة للدولة الإدريسية، التي تعد رسمياً أول إمارة إسلامية بالمغرب. وظلت على مرّ القرون عاصمة الدول المتعاقبة على حكم المغرب، إلى جانب مراكش.

تحتضن المدينة التي تلقب بعاصمة المغرب الروحية، 9 آلاف مبنى تاريخي، منها 11 مدرسة دينية، و83 ضريحا، و176 مسجدا، و1200 ورشة للصناعة التقليدية، فضلا عن القصور الفسيحة بحدائقها الغناء، والبازارات الواسعة، والحوانيت الصغيرة التي تعرض منتجات الخياطة والفخار والنسيج أو التحف المعدنية.

وتختزن المدينة نفائس سياحية أخرى مثل النافورات الأنيقة، والأقواس المزينة بخشب الأرز في الخانات القديمة، والمخطوطات العتيقة لمكتبة جامعة القرويين، أقدم جامعة في العالم. لكن معامل الدباغة التقليدية تظل أكثر ما يجذب السياح.

وأوضح مدير وكالة التنمية وردّ الاعتبار لمدينة فاس فؤاد السرغيني «قمنا بتجديد آلاف البنايات، فالدور أو المعالم التاريخية منتقاة تبعاً لحالتها ودرجة الاستعجال».

وتمّ ترميم 4 آلاف مبنى، بينها 27 معلما تاريخيا، خلال الفترة بين 2013 و2018، بحسب معطيات رسمية.

بيد أن التسرّع في عمليات الترميم يعطي أحيانا نتائج عكسية. ونبهت لجنة رسمية، إثر الزيارة الملكية للمدينة، إلى ضرورة الحرص على ألا تغير تلك العمليات أوضاع المباني «نحو الأسوأ»، مشددة على ضرورة احترام «أصالتها»، و«هندستها الأولية».

ويشبه سليم بلغازي (33 سنة) «المدينة العتيقة لفاس بكنز حي لا يمكن أن نتعامل معه باستخفاف».

وحوّل هذا الشاب المتحدّر من عائلة فاسية ميسورة رياضا (دار مغربية تقليدية) يرجع تاريخه إلى القرن 14 إلى متحف خاص. وهو يعبر عن أمله في أن تحافظ المدينة على روحها.

ويبدي المدير الجهوي للصناعة التقليدية عبدالرحيم بلخياط سعادته لكون «توافد السياح يعود بالنفع على قطاع الصناعة التقليدية»، الذي يعيش منه مباشرة أو بشكل غير مباشر ثلاثة أرباع سكان المدينة العتيقة.

وبحسب وثيقة رسمية نشرت سنة 2005، تهدف السلطات إلى تحويل المركز التاريخي للمدينة إلى «واجهة» للصناعة التقليدية، والورشات إلى مجرد محلات «للبيع»، على أن يتم نقل صناعات مثل النقش على النحاس أو الفخار إلى خارج أسوار المدينة العتيقة، نظرا لما تخلفه من إزعاج.

ويقول بلخياط «لدينا رؤية ونعرف أين نسير»، مفتخرا بـ«الحلة الجديدة» لفاس وصناعتها التقليدية «الفاخرة».

وانتقل نحو 6 آلاف حرفي من فخارين ونحاسين إلى موقعين جهزا بمبان حديثة بعيدا عن مركز المدينة العتيقة. ويرتقب أيضا أن تنقل دباغة الجلود إلى منطقة صناعية تحتضن سوقا للجلود الخام.

back to top