«أتيليه القاهرة»... 66 عاماً كادت تمحوها أسرة يهودية

ورثة ليندا كوهينكا طالبوا باسترداد المقر... و«التضامن» تنهي الأزمة

نشر في 09-06-2019
آخر تحديث 09-06-2019 | 00:00
شهد الوسط الثقافي في مصر حالة من الجدل خلال الأيام الماضية، على خلفية نظر القضاء قضية مطالبة ورثة سيدة يهودية تدعى ليندا كوهينكا باسترداد مقر «أتيليه القاهرة»، الواقع وسط العاصمة المصرية، ويعد صرحاً ثقافياً تاريخياً عمره 66 عاماً، قبل أن تتدخل وزيرة التضامن الاجتماعي وتنهي الأزمة.
يعد «أتيليه القاهرة» واحداً من أقدم وأهم الأماكن التي يتجمع فيها الأدباء والفنانون التشكيليون في مصر، وتُمارس فيه ندوات ثقافية وأنشطة فنية عديدة، ويحرص المبدعون من كل الأجيال على ارتياده، وتقام في أروقته معارض تشكيلية في قاعته المعروفة بـ «صالون أتيليه القاهرة».
تاريخياً، يعتبر«أتيليه القاهرة» محجّا لكبار الأدباء المصريين والعرب، وأبرزهم أديب «نوبل» الراحل نجيب محفوظ، لكن أزمة كبرى طالت الصرح الثقافي التنويري، لكونه في الأساس جمعية أهلية تتبع وزارة التضامن الاجتماعي من الناحية القانونية، لا وزارة الثقافة، وكادت الأزمة التي وصلت أصداؤها إلى ساحات المحاكم تمحو أكثر من نصف قرن من الدور الثقافي والفني الذي يلعبه الأتيليه.

تبعية الأتيليه

تبعية الأتيليه لوزارة التضامن، كانت سبباً في تحريك الأخيرة ومعها محافظة القاهرة دعوى قضائية، نظرها القضاء أخيراً، تطالب بحل الأتيليه، كما سعت الوزارة إلى غلقه بسبب مطالبة ورثة ليندا كوهينكا مالكة المبنى، الذي أنشأ فيه الأتيليه الفنان الراحل محمد ناجي في أعقاب ثورة يوليو، وتحديداً في مارس 1953.

وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة، عبَّر أدباء ومثقفون وفنانون تشكيليون عن حزنهم الشديد إزاء الوضع الذي آل إليه الأتيليه، بعدما أضحى مهدداً بالغلق والهدم في حال استرده الورثة اليهود، إذ كان من الوارد أن يباع المبنى لاحقاً ليشتريه مالك جديد ويحوله إلى برج سكني يدر على مالكه الجديد ملايين الجنيهات، لأن الأتيليه يقع في أهم منطقة بوسط العاصمة المصرية قرب ميدان طلعت حرب الشهير.

دعوة الأعضاء

من جانبه، دعا مجلس إدارة أتيليه القاهرة، أعضاءه وكذلك الأدباء والفنانين التشكيليين لحضور اجتماع عاجل الأسبوع الماضي، لمناقشة الأزمة التي أثارت جدلاً في الوسط الثقافي، أدت إلى تبادل الاتهامات بين المثقفين ومجلس إدارة الأتيليه من جهة، والهجوم على وزارة التضامن من جهة أخرى.

وكانت أولى جلسات القضية انعقدت قبل نحو أسبوع، وأرجأتها المحكمة إلى 7 يوليو المقبل، وبناء على التأجيل أعلن مجلس إدارة الأتيليه عقد جمعية عمومية طارئة لمناقشة الوضع، وكيفية تجاوز الأزمة، والحيلولة دون هدم الأتيليه.

وناشد عدد من المثقفين والتشكيليين الرئيس عبدالفتاح السيسي، وقف دعوى وزارة التضامن ومحافظة القاهرة لحل الأتيليه، انطلاقا من الأهمية الثقافية والتاريخية للمكان، حيث يحظى أتيليه القاهرة بعضوية نحو 3 آلاف فنان ومثقف، وأسهم ولايزال في احتضان الحركة الثقافية والفنية في مصر والوطن العربي، ويعد شاهداً تاريخياً على معارك وإبداعات المثقفين، من أمثال نجيب سرور وأمل دنقل ويحيى الطاهر عبدالله وغالي شكري ولويس عوض وبدر الديب وإدوار الخراط وسعيد الكفراوي وصلاح عبدالصبور وجابر عصفور وعبدالحكيم قاسم وسمير عبدالباقي ومكاوي سعيد وغيرهم من الكبار.

حالة الغضب

بعد أيام من حالة الغضب التي انتابت المثقفين والفنانين التشكيليين، أنهت الأزمة وزيرة التضامن الاجتماعي غادة والي، وتراجعت الوزارة عن دعوى حل الأتيليه التي رفعتها أخيراً، وقررت الوزيرة الإفراج عن الحساب البنكي الخاص بالأتيليه، بعد خمس سنوات من غلقه.

وتوجه رئيس مجلس إدارة الأتيليه، الفنان التشكيلي أحمد الجناينى، بالشكر إلى الوزيرة والي، التي استقبلته في حضور الأستاذة بكلية الفنون الجميلة صفية القباني، والكاتبة سلوى بكر والقاص سعيد الكفراوي.

من جانبه، قال الكفراوى إن الوزيرة وقفت على أبعاد المشكلة، واتخذت كل القرارات اللازمة لإنهاء مشكلات الأتيليه وسحب الدعوى القضائية، وبخصوص مالك المقر الأجنبي، فالتعامل يخضع للعقد الملزم بدفع الإيجار وبقاء المقر في يد الدولة المصرية، كما هو، يديره المثقفون بإشراف وزارة التضامن.

من جانبها، أكدت وزيرة التضامن حرص الوزارة على تذليل العقبات أمام مؤسسات المجتمع المدني الفاعلة، وخصوصا في المجالين الثقافي والأدبي، وأعربت عن تقديرها للدور التاريخي الذي لعبه أتيليه القاهرة على مدار أكثر من نصف قرن في التنوير ونشر الفنون والثقافة.

نجيب محفوظ وأمل دنقل وإدوار الخراط أبرز رواده
back to top