نهاية العالم كما نعرفها
![بروجيكت سنديكيت](https://www.aljarida.com/uploads/authors/176_1682431716.jpg)
والخطر لا يكمن في أن التنافس الاقتصادي، والحمائية، والقيود التجارية ستهدد الرخاء العالمي فقط؛ بل إن هذه التطورات من شأنها أن تزيد من خطر مواجهة سياسية خطيرة. وستحل السيادة التكنولوجية محل التجارة والتبادل، وستصبح لجنسية الشركات- حتى الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات- الأهمية نفسها لنموذج أعمالها.ومع ذلك، سيكون من الخطأ أن نستنتج أن هذا الصراع برمته لم يكن إلا بسبب ترامب وجدول أعماله القومي الجديد، إذ بعد يومين من إعلان Google قرارها، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تعليقًا لـطوماس إل فريدمان، مؤلف كتاب The World is Flat (العالم مسطح)، يردد فيه العديد من هجمات ترامب على الممارسات التجارية غير العادلة للصين. وإذا كان هذا هو المكان الذي يقف فيه كاهن العولمة الأيديولوجي السابق، فإن الصين لا تواجه أميركا بقيادة ترامب فقط، بل أميركا الليبرالية أيضا.وتهدف الخطوة الأخيرة لإدارة ترامب إلى الإشارة إلى أن الولايات المتحدة لن تسلم مكانتها العالمية المهيمنة دون قتال، ومع ذلك، عن طريق التعجيل بإنهاء العلاقة التجارية القائمة مع الصين، ستتحمل الولايات المتحدة تكاليف باهظة خاصة بها. ولا شك أن الاضطرابات تنتظر أوروبا أيضا، إذ من شأن الانقسام في الاقتصاد العالمي أن يشكل تحديا أساسيا لنموذج التصدير الأوروبي، خصوصا نموذج الصادرات الألمانية، ومع أن الاتحاد الأوروبي سيظل يعتمد على ضمان الأمن الأميركي والتجارة مع الولايات المتحدة، إلا أن مصدري الاتحاد أصبحوا يعتمدون بشكل متزايد على السوق الصينية. وسيضطرون في هذا السيناريو إلى اتخاذ قرار بين الاثنين، مما سيؤدي إلى الخسارة. صحيح أنه في حرب تكنولوجية واسعة النطاق، ستزداد قيمة الاتحاد الأوروبي كحليف للولايات المتحدة، وستنخفض مخاطر التعريفة الجمركية الأميركية على الصادرات الأوروبية، ولكن سيتعرض المصدرون الأوروبيون الذين أصبحوا يعتمدون أكثر على الصين للضغط.لقد أظهرت التجربة السابقة أن أوروبا تحتاج عادة إلى أزمة من أجل الانتقال إلى المرحلة الموالية من تطورها، والأمل في الوضع الحالي، هو احتمال ألا يكون أمام أوروبا الآن أي خيار سوى تطوير استراتيجية جيوسياسية للقرن الحادي والعشرين. لقد نجا الاتحاد الأوروبي إلى حد كبير من الغضب الشعبي في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، والآن يجب عليه أن يعمل على حماية ازدهاره وسيادته في عصر الانقسام الصيني الأميركي.* يوشكا فيشر* وزير خارجية ألمانيا ونائب مستشارها في الفترة بين 1998 و2005، وكان أيضا زعيم حزب الخضر الألماني لعشرين عاما تقريبا.«بروجيكت سنديكيت، 2019» بالاتفاق مع «الجريدة»