في خطوة تزيد التعقيدات في السودان الذي دخل نفقاً مجهولاً بعد إقدام المجلس العسكري الحاكم على فض اعتصام المعارضة أمام القيادة العامة للجيش بالعاصمة الأسبوع الماضي، اعتقلت قوات الأمن ثلاثة من قادة "الحركة الشعبية لتحرير السودان ـــ شمال" المنضوية في تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير".والتقى رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال زيارته للخرطوم التي استمرّت ساعات، في محاولة للتوسط بين طرفي النزاع أمس الأول، على التوالي رئيس "المجلس العسكري" عبدالفتاح البرهان ووفداً يمثل المعارضة، ضمّ القياديين في "الحركة الشعبية" محمد عصمت وإسماعيل جلاب.
واعتقل عصمت مباشرة بعد لقاء آبي في السفارة الإثيوبية بالخرطوم بينما اعتقل جلاب من منزله فجر أمس. كما أوضح مصدر من "الحركة الشعبية" أن مبارك اردول، الناطق باسم الحركة، الفرع الشمالي من حركة تمرد جنوبية سابقة، أيضاً اقتيد إلى جهة غير معلومة.ووصف القيادي بتحالف المعارضة خالد عمر ما جرى بأنه "خطوة تمثل رفضاً فعلياً من المجلس العسكري لجهود الوساطة الإثيوبية".وكانت قوات الأمن "أوقفت" الأربعاء الماضي، نائب رئيس "الحركة الشعبية" من منزله في الخرطوم ياسر عرمان الذي كان قد عاد إلى العاصمة السودانية من منفاه أواخر الشهر الفائت. ودان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة توقيف عرمان.وخلال ساعات قليلة اقتصرت عليها زيارته للخرطوم، نجح رئيس الوزراء الإثيوبي، في استصدار مواقف أكثر ليونة من "المجلس العسكري" و"الحرية والتغيير".وقال آبي أحمد إن محادثاته اتسمت بروح عالية من المسؤولية والوعي بدقة وخطورة الظرف الراهن، داعياً الجيش والقوى الأمنية والأحزاب إلى الابتعاد عن تبادل الاتهامات خلال الفترة المقبلة، من أجل بناء الثقة.وأوضح أن السودانيين مطالبون باتخاذ قراراتهم بشأن مصيرهم باستقلال تام عن أي طرف أجنبي، معوّلا على قيام الجيش بدور فعال وإيحابي في المرحلة الانتقالية.كما عرض آبي أحمد على الطرفين السودانيين تفاصيل مبادرة إفريقية لاقت استجابة مشروطة من الطرفين، حيث اقترح من ضمنها تشكيل مجلس سيادي من 15 شخصاً، تكون الأغلبية فيه للمدنيين أي 8 مدنيين و7 عسكريين.وتحفظ المجلس العسكري على المقترح، لكنه أبدى استعداده الدائم للتفاوض، أما "قوى الحرية والتغيير"، فعبّرت عن قبولها الوساطة الإثيوبية، لكن بشروط.وتتلخص هذه الشروط بضرورة أن يعترف المجلس العسكري بالمسؤولية عن فض الاعتصام، إلى جانب إطلاق جميع المعتقلين السياسيين فوراً.كما يطالب المعارضون المجلس العسكري بإتاحة الحريات العامة وحرية الصحافة ورفع الحظر عن خدمات الإنترنت.وبينما عادت حركة السير بصورة جزئية في شوارع الخرطوم، أمس، مع انتشار كبير لقوات الدعم السريع خاصة على الجسور والمواقع الحيوية، أعطى المتظاهرون والسلطات العسكرية حصيلة قتلى متباينة بشكل كبير جرّاء عملية فض الاعتصام في الخرطوم. فبينما أفادت "لجنة الأطباء المركزية" المقرّبة من المحتجين أن 113 شخصاً قتلوا بينهم 40 تم انتشال جثثهم من النيل، ذكرت وزارة الصحة أن الحصيلة بلغت 61 قتيلاً في أنحاء البلاد، 52 منهم قتلوا بالرصاص الحي في الخرطوم.
دوليات
السودان: اعتقال معارضين يشوّش على وساطة آبي
09-06-2019