«التعاون»... أوقفوا بعثات أميركا فوراً!
أصدرت وزارة الخارجية الأميركية، قبل أيام، تحذيراً شديد اللهجة، يشير إلى عقوبات صارمة لمن لا يلتزم بكشف جميع أسماء المستخدمين على جميع منصات التواصل الاجتماعي والعناوين البريدية الإلكترونية، وجميع أرقام الهواتف التي استخدمها في السنوات الخمس الأخيرة من تاريخ طلب تأشيرة الدخول، في إجراء جديد من الحكومة المتطرفة في واشنطن التي انتخبها الشعب الأميركي الذي تسوده موجة من التطرف والعنصرية.طبعاً هذا الإجراء ليس المقصود به الأوروبي أو الكندي، أو حتى الكوري الجنوبي والياباني، لأنهم لا يحتاجون إلى تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، بل يستهدف الدول الإسلامية، والدول التي يمثّل المسلمون فيها نسبة كبيرة، وهو إجراء تتخلى فيه الأمة الأميركية عن قيمها المتعلقة بالحريات والحفاظ على المساواة والعدل بين البشر وخصوصية الإنسان الذي لم يقترف ذنباً، خاصة أن ضحايا العنف والقتل الجماعي في أميركا خلال السنوات الأربع الأخيرة كانت كلها من مواطنين أميركيين أو يحملون الـ"غرين كارد"، ولم يُدَن البتة فيها زائر أو سائح أجنبي.ما يهمنا الآن أبناؤنا الموجودون هناك، ومئات بل آلاف الطلبة الكويتيين والخليجيين الذين سيتم إرسالهم إلى الولايات المتحدة هذا الصيف، كل هؤلاء سيكونون فرائس وطرائد للمتطرفين الأميركيين الذين يسيطرون على إدارة معظم الولايات هناك، وبعض منهم مِن عملاء الهجرة والـ "إف بي آي"، فمعدل أعمار طلبتنا الذين سيبتعثون يتراوح بين 16 و19 عاماً، وكل هؤلاء لو فتح بعضهم أي بريد إلكتروني أو أي حساب على أي موقع إلكتروني وهو طفل عمره 11 عاماً، ونسيه أو امتلك أي شريحة هاتف استخدمها داخل بلاده أو خلال زيارة له لأي بلد خارجي، ولم يتذكر رقمه ويسجله في طلب التأشيرة سيكون هدفاً للسلطات الأميركية.
لا يعتقد البعض منا أن المتطرفين سيأخذون في الاعتبار أهمية الطلبة الخليجيين ومساهمتهم في اقتصاد التعليم الأميركي، ففي كل ولاية سلطة مطلقة في تنفيذ القانون، ولو تمت ملاحقة طلبة وتفتيش ذاكرات أجهزتهم الإلكترونية والعثور على بيانات قديمة لم يذكرها أو نسيها في بيانات الفيزا، أو قاموا بالتحري الإلكتروني عن نشاطاته حتى من خلال وصلة الإنترنت بعنوان سكنه في بلده الأصلي، فستعرضه للسجن وإجراءات قاسية، كما ذكرت "الخارجية" الأميركية. المسؤولون الخليجيون في وزارات الخارجية والتعليم العالي سيكونون أمام مسؤولية وطنية وإنسانية عما سيتعرض له أبناؤنا وبناتنا في الولايات المتحدة الأميركية، خاصة أن المتطرفين باتوا يحملون قوانين عنصرية تمكّنهم من جعل أبنائنا طرائد للانتقام منهم في بيئة عدائية تزداد حقداً وتطرفاً، وربما لن تكون انعكاسات هذه الإجراءات سريعة في الأشهر الستة الأولى أو السنة التي ستليها، لكنها ستظهر لاحقاً، وستكون السفارات الخليجية في واشنطن مطالبة بعشرات مكاتب المحاماة لمتابعة قضايا الطلاب الخليجيين التي ستنشأ نتيجة لتلك الاشتراطات.لذا، فإن وزارات الخارجية لدول مجلس التعاون الخليجي مطالبة بأن تخاطب بشكل جماعي السلطات الأميركية عن ماهية هذه الإجراءات الأخيرة للحصول على تأشيرة الدخول؟... وهل سيتم استخدام وسائل استخباراتية للتحقق من بيانات النشاط الإلكتروني في كل طلب تأشيرة؟... خاصة أن وسائل الإعلام الخليجية لم تتابع أخبار إجراءات التأشيرة الأميركية الأخيرة، ولم توضحها للعامة وللسياح والطلبة والمسافرين للعلاج ومرافقيهم، وفي حال عدم وصول إيضاحات من الجانب الأميركي فيجب وقف الابتعاث فوراً، وعدم العبث بسلامة أبنائنا ومستقبلهم، والبحث عن دول أخرى للابتعاث والعلاج.***أنا شخصياً فتحت حساباً في تطبيق "سناب شات" منذ بضع سنوات، لكن لم يعجبني التطبيق، فأزلته من جهازي، لكنني اليوم لا أذكر اسم المستخدم ولا أي بيانات عنه، وكان لديّ عدة عناوين بريد إلكترونية أستخدمها للعمل ومراسلة بعض الصحف، وبعضها لم أستخدمه ونسيت جميع بياناته... إلخ.كذلك استخدمت عشرات من شرائح الاتصالات الهاتفية عند زياراتي السياحية وللعمل في عدة بلدان حول العالم، ولا أتذكرها الآن، لذا ربما أعتذر لابني العزيز عبداللطيف، الذي سيتخرج في الولايات المتحدة الأميركية، بمشيئة الله خلال عشرة شهور، عن عدم حضور حفل تخرّجه، وهي مناسبة اجتماعية مهمة، وذلك حتى لا أكون ضحية لنظام متطرف وموظف في أحد المطارات يحمل كمية من القوانين العنصرية يريد تطبيقها عليّ ويجرّدني من إنسانيتي، ويجعلني مخلوقاً عارياً أمامه، وبلا خصوصية حتى إن كنت غير مشتبه فيه بأي جرم أو جناية.