بدت، أمس، شوارع العاصمة السودانية الخرطوم خالية إلى حد بعيد وأشبه بثكنة عسكرية، مع بدء حملة العصيان المدني يستمر حتى تسليم المجلس العسكري الانتقالي الحاكم السلطة لحكومة مدنية.

وأطلق «تجمّع المهنيين السودانيين»، الذي يقود الاحتجاجات، العصيان اعتباراً من أمس، «على ألا ينتهي إلا بقيام حكومة مدنية بإذاعة إعلان بيان تسلم السلطة عبر التلفزيون السوداني الرسمي».

Ad

وشهدت شوارع الخرطوم، انعداماً شبه كامل لحركة المواصلات، كما أغلقت محلات تجارية أبوابها. وأفاد شهود عيان، بأن محتجين أغلقوا شوارع في مدن الخرطوم وأم درمان وبحري بالحواجز والمتاريس.

وتحوّلت الخرطوم إلى ثكنة عسكرية، بعد انتشار واسع للجيش وقوات الدعم السريع والأمن والشرطة في الشوارع الرئيسية. وتراجعت حركة وسائل النقل العام التي تعمل بين وسط الخرطوم وأطرافها.

وخارج صالة المغادرة في مطار الخرطوم، شوهد عدد كبير من المسافرين الذين تعطّلت بهم السبل، بسبب مشاركة موظفي المطار في العصيان.

في المقابل، نقلت وكالة الأنباء الرسمية «سونا»، عن شركة مطارات السودان القابضة إعلانها سير العمل بصورة طبيعية بمطار الخرطوم الدولي واكتمال حضور العاملين بوحدات المطار المختلفة وسير جدول الرحلات اليومية بصورة جيدة.

كما أعلن البنك المركزي، في بيان أمس الأول، استئناف العمل بطريقة طبيعية بعد انتهاء إجازة عيد الفطر المبارك.

وأشار شهود عيان، إلى أن قوات ترتدي زي شرطة مكافحة الشغب عملت على إزالة المتاريس التي أقامها المحتجون، وأطلقت بشكل كثيف الرصاص في الهواء وقنابل الغاز المسيل للدموع في حي المزاد بالخرطوم بحري.

وأعلنت «لجنة أطباء السودان المركزية»، في بيان، «مقتل 4 أشخاص، أحدهم بالرصاص والآخرون بعد تعرّضهم للضرب بسواطير من ميليشيات الجنجويد، ليرتفع بذلك عدد القتلى منذ فضّ الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش الأسبوع الماضي إلى 117 قتيلاً».

وأضاف البيان «يوجد كذلك عدد من الإصابات الأخرى التي تم إسعافها».

في المقابل، نقلت قناة «العربية» عن وكيل وزارة الصحة السودانية، أن «11 قتيلاً سقطوا بعمليات طعن وذبح من متفلتين في الخرطوم خلال الأيام الثلاثة الماضية».

البيان الثوري

وكان «تجمع المهنيين»، أصدر بياناً بالجدول الثوري الأسبوعي، أوضح فيه أن «العصيان المدني الشامل والإضراب السياسي العام هي وسائلنا السلمية لاقتلاع حقنا في الحياة من همجية الميليشيات المجرمة التي يستخدمها المجلس العسكري الانقلابي الآثم والمحاور التي يأتمر بأمرها».

وأشار «التجمع»، وهو أحد القوى الرئيسية المشكلة لتحالف «قوى إعلان الحرية والتغيير»، إلى أن «الإضراب السياسي العام هو الأسرع والأنجع لإسقاط المجلس العسكري الانقلابي وإنهاء احتلال الميليشيات لشوارع مدن وقرى السودان ونقل مقاليد الحكم لسلطة انتقالية مدنية، وفقاً لإعلان الحرية والتغيير».

ولفت إلى أن العصيان هو «موقف أخلاقي وفاء لدماء الشهداء وحلمهم بوطن الحرية والسلام والعدالة»، وأفاد باستمرار العصيان من الأمس و»حتى إذاعة الحكومة المدنية بيان تسلم السلطة من تلفزيون السودان».

لجنة تحقيق

وأعلنت «المفوضية القومية لحقوق الإنسان بالسودان»، تشكيل لجنة عليا لتقصي الحقائق بشأن أحداث فض اعتصام القيدة، واستنكرت «الانتهاكات والخسائر في الأرواح والممتلكات»، مشددة على ضرورة الإسراع في الإجراءات ليتسنى إنهاء التحقيقات بشكل كامل.

والخميس الماضي، بدأت لجنة تحقيق شكلها النائب العام، الوليد محمد، استجواب عدد من الشهود في الأحداث التي شهدتها ساحة الاعتصام أمام القيادة العامة.

«الأمة»

من ناحيته، أكد زعيم حزب «الأمة» القومي الإسلامي، الصادق المهدي في مقابلة مع «سكاي نيوز عربية»، أمس، أن «التصعيد المتبادل بين قوى المعارضة والمجلس العسكري، سيضر بالبلاد، ونعمل على ضبط الإضراب والعصيان لاحتواء التصعيد». وتابع: «الإملاء على أطراف التفاوض سيؤدي إلى تصعيد مضاد، وأعتقد ان الوساطة الإثيوبية ستساهم في الحل». وطالب المهدي بضرورة أن تبحث جهة دولية معترف بها ملابسات العنف الذي حدث، وبناء على ذلك تتخذ إجراءات للإنصاف، في إشارة إلى فض الاعتصام أمام مقر القيادة.

السفير البريطاني

وفي السياق، طالب السفير البريطاني في الخرطوم عرفان صديق، «المجلس العسكري» بالإفراج الفوري عن 4 من قيادات «الحركة الشعبية لتحرير السودان ــــ قطاع الشمال».

وكانت السلطات اعتقلت اسماعيل جلاب، الأمين العام للحركة، ومحمد عصمت إضافة إلى مبارك أردول الناطق الرسمي باسم الحركة، وياسر عرمان نائب رئيس الحركة.