مروة مختار: إعادة الثقة بالناقد كفيلة بالنهوض بالحركة النقدية
لتخليص الواقع الثقافي من تزييف الوعي
أكدت الناقدة الأدبية د. مروة مختار، أن إعادة الثقة بالناقد كفيلة بالنهوض بالحركة النقدية بأسرها، وإبطال اتهامها المتكرر بعدم مواكبتها للإبداع.
وأضافت في حوارها مع «الجريدة»، «كي نتحدث عن هدف وعلم ورسالة يقوم بها الناقد تجاه مجتمعه، علينا تخليص الواقع الثقافي مما كرسه بعض النقاد من تزييف الوعي في الفترات السابقة».
وترى مختار، التي درّست في ثلاث جامعات مختلفة «عين شمس، والجامعة الأميركية والفرنسية، وحاليا بجامعة القاهرة»، أن التطورات التكنولوجية الحاصلة، لها تأثيرها الطاغي على الحركة النقدية، وكشفت مدى قدرة الناقد على مواكبته لما يحدث حوله في العالم... وفيما يلي نص الحوار:
وأضافت في حوارها مع «الجريدة»، «كي نتحدث عن هدف وعلم ورسالة يقوم بها الناقد تجاه مجتمعه، علينا تخليص الواقع الثقافي مما كرسه بعض النقاد من تزييف الوعي في الفترات السابقة».
وترى مختار، التي درّست في ثلاث جامعات مختلفة «عين شمس، والجامعة الأميركية والفرنسية، وحاليا بجامعة القاهرة»، أن التطورات التكنولوجية الحاصلة، لها تأثيرها الطاغي على الحركة النقدية، وكشفت مدى قدرة الناقد على مواكبته لما يحدث حوله في العالم... وفيما يلي نص الحوار:
* تنمية العقل النقدي ثقافة نفتقدها... فما العمل؟- قبل أن نقوم بالتنمية لابد أن نغرس الوعي، لأنه بذرة تُلقى في تربة مهيأة للزراعة، وعملية التهيئة نفسها لا تأتي فجأة، بل تدريجيا، خاصة ان أهملت التربة بفعل جماعي فترات طويلة ومحاولات إصلاحها كانت فردية، المهم ألا نيأس وننتظر نتيجة آنية لفعلنا بل تدريجيا، بداية من الحوار داخل الأسرة ثم المناهج الدراسية التي تتيح للطلاب البحث والاطلاع وتكوين الرأي لا تقديسه بناء على قدمه أو مكانة من قاله دون نظر للسياقات التاريخية والثقافية التي قيل فيه، وانتهاء بمرحلة جامعية نحصد فيها ما غرس عبر سنوات نطوره ونضيف إليه، ليكون مستعدا لخوض حياته العملية بشكل واع متطور لا نمطي ثابت، وأعي تماما أن هذا يحتاج إلى عقود حتى نصل إليه، وأظن أن تخلينا عن اليقين في كل ما نكتب هو البداية، وإعادة قراءة ما تم التسليم بأفكاره، وكأننا نقول بهذا كل شيء قابل للنقد وللحوار لأنه في النهاية عمل بشري.
النقد والعولمة
* ما تأثير التطورات التكنولوجية وعصر العولمة على الناقد، وهل لدينا ما يسمى بالناقد المعولم؟- أظنها كشفت من يعتبرون المناهج خنادق، ومن ينفتحون على العالم، وكشفت ايضا الناقد صاحب العصا لمن عصى، والناقد المنفتح في وعي متجدد على القديم والجديد، وكشفت رؤية الناقد للعالم، وأظهرت مدى مواكبته لما يحدث حوله في العالم ليس بدافع النقل الحرفي فهذا يحتاج إلى وقفة، ولكن بدافع الانفتاح على أشكال متباينة في التفكير والكتابة والقدرة على محاورة النصوص بأشكالها المتجددة، وعدم رفض الجديد لمجرد أنه لا يشبه الصورة الذهنية القديمة لدى الناقد. فالإبداع دوما يسبق النقد وآليات دراسته تحتاج إلى وعي وثقافة متجددة لا متكلسة عند عصر محدد، هنا يصبح الناقد حقيقة لا اسما أو درجة أكاديمية، هنا يمارس دوره الحقيقي بعيدا عن الألقاب (المعولم أو الحداثي أو الأكاديمي) أو غيرهم، لأنه يتعامل مع الإبداع على اختلاف عصوره دون تعصب ولكن بانفتاح دائم ومتنامٍ.* هل ألقى النص المفتوح عبئاً على الناقد وجعله غير محدد بمدرسة نقدية معينة؟- المنهج هو مجموعة من الآليات أو الاستراتيجيات المقترحة من قبل بشر لتحليل النص الإبداعي، وهو من وجهة نظري ما يستدعي المنهج المناسب لتحليله أو مجموعة الآليات المتناغمة معه التي تتكشف شيئا فشيئا مع معايشته.الناقد والجمهور
* كيف ترين العلاقة بين الناقد والجمهور؟- نحن من نصنع الحواجز بين النقد والجمهور في المقام الأول، تارة باللغة التي تبدو بعيدة عن المتلقي العام، وتارة بالبحث عن أنماط محددة مقولبة للإبداع كما وصفت داخل الكتب النظرية فنرفض غيرها، وتارة بتمجيد ما لا يستحق، وتارة بظهور ما عرف بالنقد "الشللي" داخل دوائر بعينها، فتقلصت شيئا فشيئا مساحة النقد الإبداعي، وأما الكتابة الإبداعية ففيها تنام مستمر وبمستويات إبداعية متباينة، ولكن دعني أصدقك القول إن من يكتب نقدا إبداعيا يحتفى به ويقدر من القراء، والإبداع مقدم على النقد، وعليه يقوم النقد، وتطور كل منهما يعتمد على الآخر، ولا مفاضلة بين الناقد والمبدع هنا، لأننا لسنا في سباق، نحن بصدد حوار لا نهائي بينهما، فكل منهما عمل بشري يختلف ويتطور وتنتابه حالات مد وجزر على مستوى كل فن وعلى مستوى العلاقة بينهما. * ما الذي يحتاج إليه الناقد كي يعود رائداً ويتصدر المشهد الثقافي؟- فكرة صدارة المشهد تعني الالتفاف حول فرد، وأظن أن هذا الفكر لم يعد صالحا لعصرنا بكل ما فيه من تقدم وتكنولوجيا ووسائل تواصل، فكل منا يطرح رأيه والآخر ليس ملزما بقبوله، والدليل على ذلك ما يقدمه القراء على مواقع القراءة من آراء وتتبع الكتاب لها، وهنا لابد من الحديث عن كيفية إعادة الثقة بالناقد، ونقبل من جديد على قراءة النقد، وأعود الى لغة الكتابة النقدية التي توجه إلى القارئ العام أو القارئ المتخصص، وتخليص الواقع الثقافي مما كرسه بعض النقاد الذين تخصصوا في تزييف الوعي في كثير من حفلات التوقيع، انطلاقا من صداقة المبدع أو اتفاقا مع دور النشر أو تمهيداً لإرضاء لجنة تحكيم هنا أو هناك، هنا نحن نتحدث عن هدف ووعي وعلم ورسالة يقوم بها الناقد تجاه مجتمعه، كل هذا أساسه الإخلاص.معركة العقاد
* خضت معركة نقدية مع العقاد فماذا عنها؟- لا أحب كلمة معركة، فالباحثون، وأنا منهم، في حالة حوار دائم مع القديم والجديد إبداعا وكتابة، كل ما فعلته أنني قررت ألا أطوف حوله وأقدسه، بل حاورت أفكاره وتتبعت طرقه في الحجاج والكتابة عن شخصية إسلامية وهي عمر بن الخطاب وشخصية عامة وهي شكسبير، لكن أغلبنا مؤهل للطواف بفعل إرث مجتمعي وثقافي قديم، لكني حاولت أن أحاوره وأحلل استراتيجيات كتابته، وكشفت بعضها وبعض استراتيجيات حجاجه، حالة حوار امتدت سنوات بعيدا عن سطوة الجماهير والطواف حول الاسم، وبمعنى أدق تحليل يبتعد عن التأثر بقصة كفاحه أو اعتقاله.مركز الدراسات
* ما الذي أضافه تأسيس مركز الدراسات الثقافية الذي تتولين إدارته للمشهد الثقافي المصري؟- حقق المركز ثقة بين جمهوره، وقدم للمشهد الثقافي ندوات وحوارات ومؤتمرا علميا ابتعد فيه عن فكرة الثقافة الكرنفالية، وكان جادا في رسالته، وركز على وصول الثقافة الجادة لشرائح متباينة بعيدا عن فكرة النخبة والعامة أو نخبوية الثقافة، ولديه الكثير من الاحلام والطموحات نسعى إلى تحقيقها تدريجيا.* ماذا عن أحدث مشاريعك النقدية والإبداعية؟لدي عدد كبير من الأوراق العلمية المفتوحة، أرجو أن أنتهي منها، وبعض الأعمال تحت الطبع، وآمل أن ترى النور قريبا.محطات
حصلت مروة مختار على ليسانس آداب قسم اللغة العربية وآدابها، كلية الآداب جامعة عين شمس عام 1998، وعلى درجة الماجستير بدراسة نقدية عن عبقرية عمر للعقاد، وحصلت على الدكتوراه بدراسة عن «فاعلية المعنى النحوي الدلالي وأثره في تحليل النص الشعري»، وهي دراسة نصية في المفضليات. وهي عضو مؤسس بمركز الدراسات البينية بمصر 2015، وعضو لجنة الدراسات الأدبية واللغوية بالمجلس الأعلى للثقافة بمصر لدورتين متتاليتين من عام 2014 حتى سبتمبر2017، وعضو مؤسس لمركز الدراسات الثقافية 2016، وعضو اتحاد كتاب مصر. ولها العديد من الكتب والأبحاث منها كتاب: «عبقرية عمر للعقاد دراسة نصية»، وكتاب «تناغم النصي في المفضليات». ومن أبرز أبحاثها: الخطاب النسوي ومراوغة الأقنعة... المقصدية وآفاق التأويل»، و«الهوية الثقافية وأركيولوجيا المعرفة»، و«المرأة وجدلية الهوية الثقافية»، و«إيفالد فاغنر وقراءة الشعر القديم»، و«تحليل الخطاب: التلقي الممارسة التنظير».
رؤية الناقد المعاصر تشمل كل الفنون في العالم