إيران: لا أمان لأميركا وداعميها إذا لم ترفع العقوبات
• ظريف: لن نكون البادئين بالحرب ولن نفاوض على «البالستي» والأنشطة الإقليمية
• ماس لطهران: لا نصنع المعجزات... حلوا مشاكلكم مع الأميركيين ودول المنطقة
اعتمدت طهران لغة متشددة أمس لدى استقبالها وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، فيما بدت أنها رسالة لرئيس الحكومة الياباني شينزو آبي الذي يزورها بعد أيام من لقائه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، على أمل التوسط لفتح مفاوضات بين البلدين.
في نبرة غير معهودة منه، هدد وزير الخارجية الإيراني المخضرم محمد جواد ظريف، أمس، أميركا ودول المنطقة المتحالفة معها، بأنها لن تنعم بالأمان، وأن التوتر في المنطقة لن ينخفص إذا لم ترفع العقوبات الأميركية عن إيران. وقال ظريف، خلال استقباله نظيره الألماني هايكو ماس في طهران أمس: «السبيل الوحيد لخفض التوتر في المنطقة هو وقف الحرب الاقتصادية» في إشارة إلى العقوبات الخانقة التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على المنطقة. وأوضح الوزير، الذي تتهم بلاده بزعزعة الاستقرار في المنطقة: «لا يمكن التوقع بأن تكون الحرب الاقتصادية مستمرة ضد الشعب الإيراني في حين يكون الذين أطلقوا الحرب ويدعمونها في أمان».
وتابع: «لم ولن نكون البادئين بأيّ حرب، ولكن من سيبدأ الحرب علينا فلن يكون هو من سينهيها».ولفت ظريف إلى إجراء محادثات جادة وصريحة ومطولة مع الوفد الألماني، موضحا أن «إيران وألمانيا والاتحاد الأوروبي لديهم هدف مشترك وهو الحفاظ على الاتفاق النووي، ومنع التوترات والصراعات في المنطقة، وتمتع الشعب الإيراني بفوائد الاتفاق النووي».
التزام وعرض
وشدد رئيس الدبلوماسية الإيرانية على أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها طهران بالبرنامج النووي تتوافق مع المادة 36 من المعاهدة المبرمة عام 2015، مشيراً إلى استعداد بلاده لمواصلة أو وقف الإجراءات حسب الإجراءات التي يقوم بها الطرف الآخر، في إشارة إلى اشتراط طهران الحصول على فوائد اقتصادية ومالية من الدول الأوروبية مقابل مواصلة الالتزام بالاتفاق الذي يقيد أنشطتها النووية.وأعرب ظريف عن أمله أن «تنجح جهود ألمانيا وشركائنا الآخرين في (1+4) من أجل الحفاظ على الاتفاق».استهجان ورفض
من جانب آخر، استهجن ظريف انتقاد الولايات المتحدة والدول الأوروبية لبرنامج بلاده لتطوير الصواريخ البالستية، رافضاً الدخول في مفاوضات جديدة حول برنامج الصواريخ وأنشطة بلاده في المنطقة.وألقى باللوم على واشنطن ودول في المنطقة بإثارة الفتن والصراعات التي تشهدها عدة بلدان من بينها ليبيا والسودان وسورية واليمن.وضع خطير
من جهته، دعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس القيادة الإيرانية إلى عدم ربط التمسك بالاتفاق النووي بالأسباب الاقتصادية فقط.وقال ماس: «نعلم أن الفوائد الاقتصادية التي كان لدى إيران أمل في الحصول عليها عبر الاتفاق من الصعب تحقيقها في هذا النطاق بدون الأميركيين. لكني أعتقد أن هناك مصالح سياسية واستراتيجية للحفاظ على الاتفاق والحوار مع أوروبا، وهذا يتعين إدراكه أيضا في طهران» التي تلوح بالانسحاب.ولم يقدم ماس عروضا جديدة لضمان فوائد اقتصادية لإيران رغم العقوبات الأميركية، لكنه حذر من التصعيد العسكري في الشرق الأوسط.وقال ماس عقب المحادثات: «الوضع في المنطقة التي نوجد فيها شديد الحساسية وخطير على نحو غير عادي».وذكر أن استمرار تزايد التوترات قد يؤدي إلى تصعيد عسكري، مضيفا: «لا يمكن أن يصب ذلك في مصلحة أحد، لذلك يتعين تجنب هذا تحت كل الظروف».ووعد ماس نظيره الإيراني باستمرار عمل ألمانيا على الإيفاء بالتزاماتها في الاتفاق النووي، وقال: «لن نصنع المعجزات هنا، لكن سنسعى بكل قوتنا لبذل كل الجهود لتجنب الإخفاق».برودة إيرانية
وأكد مصدر دبلوماسي لـ «الجريدة»، أن تصريحات ماس التي أطلقها، أمس الأول، بشأن البرنامج البالستي الإيراني في أبوظبي أغضبت الجانب الإيراني بشدة، وعليه فإن الإيرانيين استضافوا الوزير الألماني ببرودة ليفهم الأوروبيون ورئيس الوزراء الياباني أن الملف غير قابل للتفاوض، وأن أي حديث حوله يعد تدخلا في الشؤون الداخلية.وقال المصدر، إن ظريف أبلغ ماس استياء طهران الشديد من تلكؤ أوروبا في تنفيذ تعهداتهم ومجاراتهم الولايات المتحدة عمليا في فرض العقوبات.وأضاف أن ظريف رفض قبول مقترح أوروبي ببدء تفعيل النظام المالي الخاص «الأنستكس» بشكل تجريبي الأسبوع المقبل مقابل وقف قرارها باتخاذ خطوات تطوير برنامجها النووي.ودعا ظريف الوزير الألماني إلى سرعة تفعيل جميع القنوات المصرفية والتجارية وتنشيط شراء الدول الأوروبية للنفط الإيراني مقابل بيع جميع أنواع البضائع وعدم قسرها على الغذاء والأدوية.ولفت المصدر إلى أن ماس أكد للإيرانيين ضرورة التخلي عن التصرف كنظام ثوري، لتفادي مواجهة ظروف صعبة جداً، وحل خلافاتهم مع واشنطن ومعالجة هواجس دول الجوار وعدم الاستخفاف بقدرتها ونفوذها على القرارين والأميركي والأوروبي. وطالب ماس الإيرانيين بتليين مواقفهم تجاه الولايات المتحدة، وأعرب عن استعداد بلاده للوساطة إذا اقتضت الحاجة، مؤكدا أنه لا يمكن لإيران أن تحل مشاكلها الاقتصادية إلا بتسوية الأزمة مع أميركا.وساطة آبي
وجاء ذلك، في وقت يستعد رئيس الوزراء الياباني لزيارة طهران غدا في مهمة دبلوماسية حساسة يأمل خلالها أن يقوم بوساطة لخفض التوتر بين الجمهورية الإسلامية والولايات المتحدة.لكن مسؤولين حكوميين أوضحوا أن آبي لا يزور إيران حاملا لائحة مطالب أو رسالة من واشنطن، بل الفكرة هي تقديم اليابان كجانب محايد يمكن للطرفين الحديث إليه، بالإضافة إلى إيجاد مخرج للمتشددين في طهران للقبول بحل بعيدا عن الظهور بمظهر المنصاع للدول الغربية.في هذه الأثناء، حذرت الرئاسة الروسية من تقويض الاتفاق النووي الإيراني، مؤكدة أنه يشكل ضربة لمنظومة عدم انتشار الأسلحة النووية ولاستقرار المنطقة.
تقويض الاتفاق النووي الإيراني ضربة لمنظومة عدم الانتشار (موسكو)