دراسة أكاديمية: محفوظ وظف الكائنات الخارقة في البناء القصصي ببراعة
الباحثة دينا دياب: أدبه احتوى على عدد كبير من الموروث الشعبي
ألقت دراسة أكاديمية جديدة الضوء على الجوانب الأسطورية والخرافية في أدب نجيب محفوظ، وكشفت عن كيفية توظيفه للكائنات الخارقة، واعتبارها رمزاً للخروج من الأزمات، والسعي لحل المشكلات التي تواجه شخوص قصصه ورواياته.
حملت دراسة بعنوان "توظيف الكائنات الخارقة في البناء القصصي في أدب نجيب محفوظ"، وحصلت بموجبها الباحثة دينا دياب على درجة الماجستير مؤخراً من المعهد العالي للنقد الفني بالقاهرة.وأكدت الباحثة في دراستها أن الأدب القصصي لدى نجيب محفوظ احتوى على عدد كبـير من الموروث الشعبي، تمثـل في المعتقـدات والمعارف الشعبية، مثـل الاعتقاد بأعمال السحر، والكائنات الخارقة، والطب الشـعبي، والأولياء، والأحلام، والعادات والتقاليد الشعبية، ودورة حيـاة الفـرد، وعلاقـة الفـرد بـالمجتمع، وغــير ذلك.وقالت: "استخدم محفوظ الكائنات الخارقة للقدرة على توظيف المتخيل الشعبي والخرافي والاستلهام من القصص "القرآني والديني"، إضافة إلى براعة استخدام اللغة والمنجز الصرفي، والدمج المحكم للغة العلوم، والاستفادة من المخترعات التكنولوجية الدقيقة والإنسانية، وإخضاعها لقوة الخيال، والتمرس في وضع الألغاز وحلها، كل ذلك المزيج الفائق التعقيد يوضحه استخدام الكائن الخارق في قالب واحد هجين".
واتخذت الدراسة العديد من الأمثلة للدلالة على ذلك، منها أعمال محفوظ "كفاح طيبة"، و"رادوبيس"، ونموذج الحارة في الثلاثية (بين القصرين، قصر الشوق، والسكرية).ندرة الدراسات وأشارت الباحثة إلى ندرة الدراسات التي تناولت جانب الأسطورة والخرافات والكائنات الخارقة في أدب محفوظ، ولعل كتاب "الأسطورة في أدب نجيب محفوظ" للكاتبة سناء الشعلان من الكتب الرائدة في هذا المجال، وهو يُعنى بدراسة توظيف الأسطورة في بعض روايات نجيب محفوظ، وتحليلها، وتفكيك رموزها، وصولا إلى الإحالات والتأويلات التي تنفتح عليها.وقالت دياب إن "اختيارها لموضوع رسالتها جاء للتعرف على الكائنات الخارقة (المارد، الشيطان، الجن، العفريت) في أدب نجيب محفوظ، ولمس التحرر في الكتابة من خلال توظيفه لهذه الكائنات، على أنها الحرية التي أراد البحث لمسها في ذلك الكيان الفني، فالحرية ليست فقط نتيجة لظلم أو تعسف سياسي، اجتماعي أو غيره، بل أيضاً الرغبة في التحرر من قبضة تلك الأسس التي تسيطر على العمل الأدبي رغم أنفه".وأضافت الباحثة أنها أرادت كذلك التعرف على الأسباب التي دفعت المبدع إلى تغيير البطل، فبعدما كان إنسانا عاديا أصبح في صورة جن، أو شيطان، أو عفريت، أو مارد يمتلك قدرات خارقة لا يملكها البطل الكلاسيكي.وناقش الرسالة الدكتور أحمد بدوي عميد معهد النقد الأدبي الأسبق "مشرفا"، والدكتور حسن عطية عميد المعهد العالي للفنون المسرحية الأسبق "مناقشاً" من الخارج، وأ.د. حسن يوسف أستاذ الفلسفة وعلم الجمال "مناقشا" من معهد النقد الفني.وأشادوا بأهمية الطرح العلمي الذي حملته الرسالة، مؤكدين أن الدراسة تلقي الضوء على أهمية الجن والعفاريت والشياطين والمردة ككائنات خارقة في أدب محفوظ، وتغلغل وجود هذه الكائنات في ذهنية المجتمع المصري، واعتقاده بها وبقدراتها في حل مشكلاته وتحقيق أمانيه.يذكر أن الدكتور حسن عطية له إسهامات عديدة في تاريخ نجيب محفوظ، من بينها كتاب "نجيب محفوظ في السينما المكسيكية، وكتاب نجيب محفوظ كاتبا سينمائيا ومسرحيا، والذي صدر حديثا عن الهيئة العربية للمسرح، وكتاب "عالم نجيب محفوظ باللغة الإسبانية"، الذي صدر بعد فوزه بجائزة "نوبل" عام 1989 في مدريد.كما قدم الدكتور حسن يوسف طه العديد من الكتب عن إبداع محفوظ من بينها "آفاق إنسانية عند نجيب محفوظ"، و"المفكر الاشتراكي في أدب نجيب محفوظ"، و"المقهى عند نجيب محفوظ نموذجا".