أثار إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب في رسالة الى الكونغرس "نشر نحو ستين عسكرياً في لبنان بطلب من الحكومة اللبنانية لتعزيز قدراتها في مكافحة الإرهاب"، تساؤلات، من حيث توقيته، حول حصول واشنطن على ضمانات من الحكومة اللبنانية بسبب التوتر مع إيران مشابهة لتلك التي حصلت عليها من العراق.وكانت واشنطن حذرت بغداد من أن أي استهداف للجنود الأميركيين في العراق من قبل أي فصيل سيتم الرد عليه بقوة وربما داخل ايران نفسها. وأعلنت الحكومة العراقية أنها ملتزمة بحماية كل الجنود الأميركيين الموجودين على اراضيها.
وقال مراقبون إن تجديد ترامب للجنود الـ 60 لا بد أن تكون سبقته اتصالات مع بيروت كي لا يتمكن "حزب الله" من الوصول اليهم في حال انفجر التوتر مع إيران وتحول إلى مواجهة.وذكر مصدر أمني رفيع لـ"الجريدة" أن "العدد المفترض من عناصر القوات الخاصة الأميركية موجود منذ فترة طويلة وهو يقوم بمهام تدريبية وتقييم التدريب ومراقبة جودة العتاد المسلم الى الجيش وتقويم حاجاته التي ترد تباعاً إليه"، مؤكداً أنها ليست "فرقاً قتالية"، وأن "التعاون بين الوحدات الخاصة في الجيشين اللبناني والأميركي قائم منذ سنوات".وجاء إعلان ترامب غداة استقبال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون وفداً اميركيا ودعوته الشركات الاميركية الى المشاركة في مناقصات الغاز والنفط التي ستبدأ قريباً. كما تزامن مع عودة مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الادنى دايفيد ساترفيلد الى بيروت لاستكمال وساطته حول ترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل.في هذا السياق، أفادت مصادر متابعة بأن "ساترفيلد الذي يزور بيروت للمرة الأخيرة، على ان يغادرها خلال الساعات المقبلة، يأمل ان ينجز مهمّة التفاوض بين لبنان وإسرائيل بشأن ترسيم الحدود البحرية والبرية قبل انتهاء عمله وحلول ديفيد شينكر مكانه". والتقى ساترفيلد، أمس، وزيرة الطاقة ندى بستاني في الوزارة، وبعدها أشارت مصادر متابعة إلى ان "ساترفيلد أبلغ الوزيرة أن الإدارة الأميركية تشجّع الشركات الأميركية على الاستثمار في قطاع النفط في لبنان". كما التقى المسؤول الأميركي الرئيس الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري. وقالت المصادر عن لقاء بري – ساترفيلد إنه "تم استكمال البحث في موضوع الحدود البرية والبحرية، والأمور وصلت الى دقائقها ودقتها في الحفاظ على جميع الحقوق اللبنانية". ولفتت إلى أنه "على لبنان أن يبلغ الجانب الأميركي ما إذا كان يريد فصل البر عن البحر ويكتفي فقط بمسألة الحدود البحرية، إضافة إلى السقف الزمني للمفاوضات"، مشيرة إلى أن "عدم التوصل إلى اتفاق بين الجانبين اللبناني والإسرائيلي في شأن حل النزاعات الحدودية قد تكون له انعكاسات سلبية على قطاع النفط والغاز في لبنان".
الحريري
إلى ذلك، وبعد أن صوَّب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري أحد سهامه الكثيرة خلال مؤتمره الصحافي أمس الأول باتجاه وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، الذي للمرة الاولى منذ ابرام التسوية سمّاه الحريري بالاسم واستخدم عبارات هي الاولى من نوعها في قاموس الخطاب عن باسيل، فقال: "لا يجوز أن يدار البلد بالبهورة وزلات اللسان وبسقطات ندفع ثمنها من علاقاتنا واقتصادنا واستقرارنا الداخلي". التصويب الحريري المباشر على باسيل لم يلق اي رد مباشر او حتى غير مباشر، مما أوحى بأن حركة اتصالات قد يكون دخل على خطها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي التقاه رئيس الحكومة أمس. وقال الحريري بعد اللقاء إن "الاجتماع إيجابي وسيكون العمل الحكومي أسرع وأسرع في الأيام المقبلة"، مضيفاً: "علاقتي بفخامة الرئيس ودية، وهمنا الأكبر تحقيق نتائج عملية وملموسة بما فيه مصلحة المواطن". وأفادت مصادر مقربة من تيار "المستقبل" بأن "الحريري وضع حدا للانزلاق ورسم خريطة طريق للتعاطي السياسي في المرحلة المقبلة، محطة انطلاقها زيارة وزير الدولة لشؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي الى دار الفتوى قبل يومين"، مشيرة إلى أنه "اتفق مع الرئيس عون على تبريد الأجواء السياسية والإعلامية إفساحاً للمجال لبدء العمل الحكومي الجاد". أما مصادر "التيار الوطني الحر" فقالت إن "كلام رئيس الحكومة يعد محاولة تهدئة، ذلك أن التراشق الذي سجل أخيرا بين التيار الوطني الحر والمستقبل، لا يعبر عن سياسة الأخير"، مشيرةً إلى أن "جريصاتي أكد للمفتي أن الكلام الذي سرب أخيرا ألصق بالوزير باسيل في محاولة جديدة للهجوم عليه". وكان لافتاً أمس زيارة وفد من لجنة العمل الوطني والمكتب السياسي في "التيار الوطني الحر" المفتي دريان في دار الفتوى، ممثلا الوزير باسيل، في إشارة واضحة إلى رغبة "الوطني الحر" طي صفحة الخلاف مع "المستقبل".