أفاد التقرير الأسبوعي لشركة الشال للاستشارات، بأنه إذا كان لا بد من تقديم نموذج يدلل على نجاعة جهود الإصلاح، فإن البورصة الكويتية جسدت مثل هذا النموذج، ولم يكن درب الإصلاح لها ميسراً، بل احتاج إلى سياسات وقرارات جراحية، وفي النهاية، أتى بثماره. ووفق التقرير، فإن أهم مؤشرات النجاح، هو مؤشر السيولة، والمتابع لحركة السيولة منذ بداية العام الحالي يلحظ ذلك الارتفاع، فالمعدل اليومي لقيمة التداول ارتفع من 11.5 مليون دينار للأشهر الخمسة الأولى من عام 2018، ومن 20.7 مليوناً للأشهر الخمسة الأخيرة من عام 2018، إلى 30.9 مليوناً للأشهر الخمسة الأولى من عام 2019، وإلى 31.5 مليوناً منذ بداية العام الحالي وحتى نهاية الأسبوع الفائت.
صحيح أنه ما زالت هناك الكثير من الملاحظات التي تحتاج إلى بعض الجهد وبعض الوقت لكي تعالج، لكن زخم السيولة رغم غياب سياسات إصلاح مالي واقتصادي على مستوى الاقتصاد الكلي، ورغم سخونة الأحداث الجيوسياسية في الإقليم، يعتبر تطوراً إيجابياً لافتاً لا بد من نسب معظمه إلى الإصلاحات الجزئية ضمن البورصة، والتي تمت. أولى الملاحظات هي أن تدفق الأموال الأجنبية إلى البورصة، وهو أمر طيب، لا بد من وضعه تحت المجهر والتحوط من احتمالات انسحاب تلك الأموال الساخنة في أي لحظة، ولعل تفعيل دور صناع السوق المحليين يخفض من تلك المخاطر. ثاني الملاحظات، هو الانحراف الشديد في توزيع تلك السيولة، فنحو نصف شركات السوق الأول -9 شركات من أصل 19 شركة- استحوذت على نحو 73.1 في المئة من كامل سيولة البورصة خلال العام الحالي وحتى نهاية الأسبوع الفائت. وعلى النقيض من ذلك، نحو نصف الشركات المدرجة وعددها 88 شركة، كان نصيبها من إجمالي سيولة البورصة فقط 0.85 في المئة حتى نهاية الأسبوع الفائت، أي أقل من 1 في المئة. وبعض تلك الشركات غير السائلة في وضع مالي جيد، وبعضها غير ذلك، والفرز وتخفيض المعروض من غير المليء من الشركات، ربما ينتج عنه زيادة سيولة ما تبقى. ثالث الملاحظات هي، استمرار ضعف ثقة المستثمر المحلي في البورصة، فحصيلة قيمة تداولاته للأشهر الخمسة الأولى من العام الحالي، وهي شهور نشيطة، كان هبوط مطلق ونسبي في مساهمته، وصافي تداولاته كانت بيع -زيادة قيمة مبيعاته عن قيمة مشترياته- بنحو 332.35 مليون دينار، وتم تعويضها من فائض مشتريات مستثمرين أجانب، وبشكل ضئيل أيضاً، من فائض مشتريات مستثمرين من دول مجلس التعاون، وتلك أزمة ثقة لدى المستثمر الكويتي لا بد من دراسة مسبباتها والتعامل معها.تلك الملاحظات لا تقلل من قصة نجاح إصلاحات البورصة، والأمل هو في انتقال عدواها الحميدة إلى إصلاح الاقتصاد الكلي، فالنتائج لا تتحقق بالإعلان عن الإصلاحات، وإنما بأسبقية العمل من أجل تحقيقها.
اقتصاد
بورصة الكويت نموذج يدلل على نجاعة جهود الإصلاح
16-06-2019