● ارتبطت أعمالك بالضوء والظلال، فهل من دافع وراء ذلك؟
- نعم أجد في دراسة الضوء والظل تعابير مختلفة تذهب بي إلى عوالم من السمو والعلو، وإلى أبعد من ذلك حيث التصوف، فالأعمال الفنية ذات القيمة الجمالية باقية وتحتفظ بسموها، وتمد في عمر منتجها إلى مئات وآلاف السنين، إذا كانت رصينة ومدروسة بشكل جيد، فتلك الرسوم السومرية والآشورية والفرعونية والحضارات الأخرى خلدت الإنسان الفنان في تلك الفترة إلى الآن... وأنا حقيقة أدمنت البحث عن سر الفن، وكيفية الوصول الى سماته وقسماته.● المتابع لأعمالك التشكيلية يرى رصداً لحقائق التفاصيل المجتمعية، هل أنت أسير تقنية معينة؟- أعمالي هي رصد تفاصيل وحقائق ودواخل النفس البشرية قبل أن تتوسع إلى تفاصيل مجتمع، وفي لغتي الفنية تعبير الفرد هو جزء من تعبير المجتمع كله. وأنا فعلا أسير لتقنية الاختزال والتعبير اللوني، وأجد أن هذه الطريقة التي تشاهدونها في أعمالي هي أسلوب أتفرد به عن غيري من الفنانين، وحين يحقق الفنان أسلوبا معينا يميزه عن غيره سيكون قد نجح في الوصول الى النخبة والمتلقي العام بالسرعة الكافية، وهذا أحد أهم بوادر نجاح الفنان وتحقيق انتشار جيد.
الموروث الشعبي
● إلى أي مدى أنت حريص على نقل الاحتفاء بالموروث الشعبي؟ - الموروث الشعبي غزير جدا بالقيم الفنية، ونحن كفنانين نحاول بقدر الإمكان وضع موروث بلداننا كغاية أهم لإيصالها إلى مساحات بشرية أوسع من المساحة المحلية، وكلما أنتجنا عملا نؤكد هويتنا.● هل الفن التشكيلي مازال أسير النخبة؟- الفن التشكيلي ليس أسيرا للنخبة، ولكن الفن الحقيقي مظلوم إعلاميا، وأنا أطلع على الكثير من اللقاءات والمؤتمرات، والكثير من الصحف، ووسائل الإعلام، ولكن للأسف القليل جداً منها ما يقدم شيئا مهما للحركة التشكيلية، لأن الكثير من المتطفلين على هذا العالم أخذوا مساحة واسعة في الإعلام لا يستحقونها، وهذا شيء يجب أن تتداركه وسائل الإعلام قبل أن يكون نمطا وسياقا ومسارا يأخذ بالفن التشكيلي العربي إلى مستويات متدنية.سمعة التشكيل
● هل ساهمت الجوائز الفنية العربية والعالمية في الاهتمام بالفن التشكيلي؟- المسابقات الفنية هي ضرورة طبعاً، وحين يحصل الفنان على جوائز قيمة مقابل عمله الفني وجهده المبذول فهذا شيء جيد وجميل، فالفنان حاله كحال أي إنسان يحتاج في متطلبات حياته إلى توفر الأموال لكي يستمر، بشرط أن تكون هذه المسابقات الفنية التي تمنح الجوائز انتقت أسماء جيدة تمثل فنا حقيقيا لا أن تكون قد اختيرت بعشوائية، وعدم إدراك وعبث، لكي تخلق روح المنافسة التي تحفز الفنان على تقديم الأفضل.● مارأيك في أداء كليات الفنون الجميلة؟- مازالت هذه الكليات الرافد الأهم الذي يقدم للحركة التشكيلية في العراق والعالم، حيث تقدم في نهاية كل عام دراسي كوكبة من الفنانين، وإن كان العدد المتميز قليلا ولكنهم بعد ذلك سيكون لهم الدور الكبير في تبني رسالة الفن التشكيلي.روافد
● لماذا أسست تجمع روافد الفن المعاصر؟ وما أبرز نشاطاته؟- منذ بداية دراستي للفن التشكيلي يقلقني شأن الفن، خصوصا الموهوبين الذين لم يجدوا فرصة في المعاهد والكليات، وتم تأسيس مجموعة روافد بمشاركة اكثر من 200 فنان، وأقمنا العديد من المعارض، وأتذكر أول المعارض الذي لقي ترحيبا واسعا، وافتتحه السفير الكويتي سالم الزمانان، والفنان العراقي حسام عبدالمحسن، وكان في سنة تأسيس المجموعة، وأقيم المعرض في مركز "أوج"، وتضمن 30 عملاً فنياً، تناولت الأعمال التشكيلية فيه مختلف المواضيع الإنسانية بأحجام شتى، ولم تقتصر الأعمال على اللوحات الفنية بل تضمنت الأعمال النحتية أيضاً، وعبر السفير الكويتي عن إعجابه بالمعرض، ومركز "أوج"، والدور الثقافي الذي يقدمه، وأكد استمرارية حضوره لمعارض المركز، داعياً إلى نقل هذه المعارض الى أرض الكويت لأهمية قيمتها الفنية.سيرة ومسار
يعمل عصام ناجي أستاذا لفن الرسم الأكاديمي في العديد من المعاهد الأهلية في بغداد، وعمله الوظيفي مشرف للتربية الفنية في وزارة التربية. حصل ناجي على بكالوريوس فنون جميلة عام ١٩٩٧، وهو عضو نقابة الفنانين، وعضو جمعية التشكيليين العراقيين، وقام بتأسيس تجمع روافد للفن المعاصر، الذي يضم أكثر من 200 فنان من العراق والعالم العربي عام 2017. وشارك في العديد من المعارض التشكيلية المحلية والعربية. وعن أبرز محطاته الفنية قال "بدأت العمل الفني منذ تخرجت في كلية الفنون ببغداد، رغم أن الظروف لم تكن مواتية للتفرغ للعمل الفني الذي لم يكن ليجلب لنا المال الكافي للمعيشة فنضطر إلى العمل في المجالات الأخرى، ولكن لديّ محطات مهمة في مسيرتي الفنية. الأولى هي نتاجي الفني حين كنت طالبا في الأكاديمية ومازلت أحتفظ ببعض الأعمال عن تلك الحقبة الزمنية. المحطة الثانية هي عملي الوظيفي منذ عام ٢٠٠٥ كمشرف للفنون والمعارض ومسؤول للشعبة التشكيلية في الرصافة.أما المحطة الثالثة فهي قيامي بتأسيس "تجمع روافد للفن المعاصر" عام ٢٠١٧، حيث أتممت ٦ معارض مهمة للتجمع. والمحطة الرابعة والأهم هي أنني أنشأت فكرة تعليم فن الرسم الأكاديمي في الكثير من المعاهد ببغداد، وألقيت محاضرات نظري وعملي في تلك المعارض للراغبين في التعلم، وللموهوبين الذين لم تسعفهم الظروف للدخول في معاهد وكليات الفنون. فكانت هذه الفكرة التي أحتفظ بريادتها، وأخذت مني هذه المحطات ما أخذته من وقت وصحة طوال السنين الماضية، ولم أخذ منها سوى الشعور بالجمال في كل عمل أنتجه.