الجنسانية والميزوجينية
لم أعرف هاتين الكلمتين إلا مؤخراً عندما بدأت بقراءة كتاب هيلاري رودهام كلينتون المرشحة السابقة لمنصب الرئاسة الأميركية، والتي فاز بها دونالد ترامب، وشرحت هيلاري في كتابها (ماذا حدث) أسباب خسارتها في السباق الرئاسي، ومنها هاتان الكلمتان الجنسانية والميزوجينية، فالأولى تعني أن المجتمع الأميركي رغم أنه يتفاخر بالمساواة بين الرجل والمرأة فإن واقع الحال غير ذلك، فهناك تفرقة، وهذا أحد أسباب خسارتها الانتخابات.أما كلمة الميزوجينية فهي عبارة عن غضب وحقد واحتقار من الرجل تجاه المرأة كأن تنافس المرأة على وظيفة يريدها لنفسه، ولكن في النهاية تفوز بها المرأة، ويطغى عليه شعور غريب تجاه من تنافسه، وبدلا من أن يهنئها ينفر وينظر لها نظرة حقد وعدم احترام، وهو الذي يظهر بمظهر المتحضر والطيب الوادع للحصول على شيء من المرأة، وعندما لا يحصل عليه يتحول إلى إنسان شرير يكره المرأة ويحاربها في جميع المجالات، فما بالك إذا كانت المنافسة على منصب رئيس الجمهورية في الولايات المتحدة، وهذا ما ذكرته هيلاري في كتابها. وتقول إن استطلاعاً أُجري في ٢٠١٤ لمعرفة ما إذا كان تقلد امرأة منصب رئيس الجمهورية أمراً مرغوباً فيه أم لا، وكانت نسبة المؤيدات من النساء في تصويت الديمقراطيين الذين تنتمي إليهم ٦٩ في المئة، في حين بلغت نسبة الرجال ٤٩ في المئة، أما تصويت الجمهوريين الذين ينتمي إليهم دونالد ترامب فكانت نسبة المؤيدات من النساء ٢٠ في المئة، أما الرجال نسبة المؤيدين فكانت لا تتجاوز ١٦ في المئة.
وتضيف المرشحة السابقة هيلاري بأن هناك تفرقة بين الرجال والنساء في الولايات المتحدة وخاصة في الوظائف العامة، فما بالك إذا كان المنصب هو أعلى منصب في الولايات المتحدة وهو منصب الرئيس، وفي أي محاضرة أو نقاش عندما توجه المرشحة كلامها لمنافسها الرجل ويحتد النقاش فإنها تنعت بطول اللسان أو سوء السلوك، أما الرجل فلو اتبع الأسلوب نفسه فإن ذلك يعتبر أمراً طبيعياً، وتذكر هيلاري بأن دونالد ترامب استخدم كلمات جارحة، وتخدش الحياء في المناظرات والمؤتمرات التي دارت أيام الحملات الانتخابية. ومن مظاهر نظرة الرجل للمرأة في المجتمع الأميركي أنه عندما يبكي الرجل السياسي أمام الجمهور عكس المرأة السياسية، فأحد السياسيين الأميركيين اسمه السيناتور إد موسكي عندما ذرفت الدموع من عينيه أثناء إحدى المناسبات كادت هذه الدموع أن تقضي على مستقبله السياسي، ومع ذلك تعاطف معه الكثير من الناس، وتناسوا دموعه، في حين عندما تبكي المرأة لا تجد التعاطف نفسه، وتوصم بالضعف، وعندما بكت عضوة الكونغرس لبات شرويدر التي كانت تنوي الترشح للانتخابات الرئاسية عام ١٩٨٧ فإن هذه الدموع لم ترحمها بسبب الهجوم الكبير عليها، وبأنها لا تصلح لهذا المنصب الرفيع، مما دعاها إلى الانسحاب من الترشح، وكانت هذه الحادثة محل تندر واستهزاء بها لأكثر من عشرين سنة. وهذا ما قالته هيلاري عن ترامب وهجومه عليها لأنها امرأة، وضربت أمثله عديدة عن المعاملة القاسية التي تتعرض لها النساء أثناء المقابلات للتوظيف التي لا تخلو من الابتزاز، وعن الفئات التي صوتت لها في الانتخابات تقول إنها فازت بأصوات النساء من أصول إفريقية، وكذلك أصوات نساء من أصول أميركية لاتينية، أما النساء البيض من الأميركيات فإن تصويتهن لها كان أقل من ذلك. في رأيي الشخصي أن هناك أسباباً أخرى أدت إلى هزيمتها في الانتخابات، منها أنها لم تستفد من أخطائها، وخصوصاً موضوع بريدها الإلكتروني الذي ركز عليه ترامب، وشغل حيزاً كبيراً في الإعلام الأميركي الذي استغله ترامب، إلى جانب أنها زوجة رئيس سابق، وهو بيل كلينتون الذي عليه بعض الملاحظات أثناء عمله كرئيس، وفوق ذلك أنها تمثل الحزب الديمقراطي المنافس لحزبه الجمهوري.