كويتيون في مومباي... شارع محمد علي رود
هناك محطات للعلاقات الكويتية في شبه القارة الهندية بحاجة للمزيد من البحث والاطلاع، ليس لأسباب تاريخية وسياسية فحسب، بل للنظر في الحياة الاجتماعية للعائلات الكويتية وأبنائها في تلك الفترة، والاطلاع على روح المبادرة وحب المخاطرة واقتناص الفرص التجارية المطلوبة في دول الخليج.
يحمل ميناء بومباي أو كما يسمى الآن مومباي، قطعة ثمينة من تاريخ الكويت الاقتصادي، وهذه القطعة لها ملامح اجتماعية جميلة، تتضح حينما ألتقى بالعائلات الكويتية التي سكنت مومباي ومازالت تشعر بالهوية الممزوجة، فتسكن الكويت وتتحدث الهندية بطلاقة، وتستذكر الأيام الجميلة في مومباي. والميناء ذو قيمة تاريخية متمثلة بصموده أمام الحروب العالمية المتتالية، بالإضافة إلى شارع محمد علي رود الشهير بالوكالات التجارية (الحفيز) التي رسمت التبادل التجاري بين الهند ودول الخليج، (حفيز ومصدرها أوفيس باللغة الإنكليزية)، فتعددت القصص والروايات حول العائلات الكويتية التي اتخذت من بومباي سكنا لها، حتى اتجه طلبة الأقسام الأدبية والتاريخ بمؤسسات التعليم العالي اليوم للبحث في تلك الحقبة المهمة، حقبة الثلاثينيات والأربعينيات من تاريخ الكويت.وارتكزت النخبة التجارية الكويتية في الهند آنذاك على مبادرين من الرجال الكويتيين الذين اختاروا البقاء في الهند لممارسة العمل التجاري، ومنهم عائلات البسام والقاضي والساير والسديراوي والعبدالجليل والقناعي من أبناء وإخوان الشيخ يوسف بن عيسى والشايع والحمد والصقر والخرافي والساير وبودي وغيرهم من العائلات التي اختارت الإقامة في عدة مدن في شبه القارة الهندية منها بومباي وكراتشي وغيرها، والتحق أبناؤهم بمدارس عدة منها مدرسة الكويت بالهند، والتي قامت الكويت بالتكفل ببنائها، وجلبت لها المدرسين من مصر لتدريس أبناء الجالية الكويتية في بومباي.
ولو عدنا إلى ملامح الاقتصاد التاريخية في منطقتنا لوجدنا متغيرات تستحق البحث والدراسة، ومنها عام 1765، حيث عرف المشهد الاقتصادي في منطقة الخليج بالمنافسة التجارية الحادة والصراع التجاري بين شركة الهند الشرقية البريطانية والأخرى الهولندية. وفي عام 1899 ومع توقيع اتفاقية الحماية البريطانية نشطت الحركة التجارية، وفتحت بوابة العمل التجاري، أما في صيف 1902 الحار، فقد أعطى الشيخ مبارك الكبير الأولوية آنذاك لتوفير بيئة آمنة للسفن التجارية، ومنها باعتقادي اتضحت ملامح الأمن والاقتصاد معاً، واستمرت كنهج ثابت في السياسة الخارجية الكويتية. وافتتحت بعد الاتفاق مع الشيخ مبارك وكالة في الكويت مثلها الأرمني "خاجيق" شركة غراي ماكينزي آنذاك في الكويت، (انظر "تاريخ العلاقات الكويتية الهندية" الباحثة حصة عوض الحربي. و"باكستان بلاد الأطهار والعلاقات الكويتية الباكستانية" للسفير صلاح العثمان). (القبس 2005). خلاصة الأمر فإن حقبة ومحطات العلاقات الكويتية في شبه القارة الهندية بحاجة للمزيد من البحث والاطلاع ليس لأسباب تاريخية وسياسية فحسب، بل للنظر في الحياة الاجتماعية للعائلات الكويتية وأبنائها في تلك الفترة، والاطلاع على روح المبادرة وحب المخاطرة واقتناص الفرص التجارية والتجارة بالرز والسكر وغيرها من السلع الضرورية والمطلوبة في دول الخليج.