إسماعيل فهد إسماعيل، اسم كبير في عالم السرد العربي من المحيط إلى الخليج، منذ بداياته الأولى حتى رحيله العام الماضي. وهو في كتاباته مجاوز للمحلية الضيقة، رغم اهتمامه الكبير بقضايا وطنه الكويت وتحولاته الاجتماعية، لكنه كتب ثلاثية روائية عن مصر، وتناول في إحدى رواياته الحرب الأهلية اللبنانية، وغير ذلك من حكايا المجتمعات العربية، التي عادة ما يقترن تناوله لها بقضية إنسانية كبرى. ارتبط إبداع إسماعيل فهد بالقاهرة منذ بداياته الأولى، حيث دعمه وقرأ أولى رواياته مثقفون مصريون، مثل الشاعر صلاح عبدالصبور، وشجعوه على النشر. وقد قرأت شخصيا قصصا قصيرة لإسماعيل، ووقعت يدي على بعض رواياته منذ كنت طالبا في الجامعة. ويبدو أن هذا الحضور الكبير قد ترك أثرا في وعي المثقفين وصنّاع الكتاب العربي، فقد أعلنت دار نشر مصرية، هي دار العين للنشر، عن جائزة تحمل اسم الكبير إسماعيل فهد إسماعيل من القاهرة.الجائزة اختارت الرواية القصيرة Novella ميدانا للتنافس بين الكتّاب، وهو أمر جديد ومفيد لدعم هذا النوع المهم، الذي أحسب أن حضوره سيزداد ضمن الكتابات السردية العربية في الأعوام القادمة.
الجميل في الأمر أن الجائزة لا تقدم مبلغا ماليا، بل تكون مكافأة الفائزين هي نشر أعمالهم، كما لن يكون الفائز وحيدا، بل سيتم الإعلان عن 3 فائزين بلا ترتيب تقوم دار العين بنشر رواياتهم القصيرة.أعلنت الجائزة عن مجلس للأمناء يضم شخصيات ثقافية من الكويت ومصر والسعودية والمغرب، مما يعطي لها مصداقية وثقلا عربيا يتناسب مع اسم إسماعيل، كما ستضم لجنة التحكيم، المتغيّرة سنويا، أسماء مختصة في السرد من بلدان عربية شتى أيضا، وجميع من يشارك في هذه الجائزة، سواء من مجلس الأمناء أو لجان التحكيم، سيعمل متطوعا، فهذه الجائزة تحاول أن تكون مثل صاحبها؛ معلية من القيمة الأدبية والإنسانية، ومقاومة لحالة التسليع البشعة التي طالت كل شيء. وأحسب أن من سيعملون فيها يريدون إعلان محبتهم لإسماعيل ولكل القيم التي دافع عنها. طوال حياته العامرة بالإبداع والمواقف الواضحة، أعلن الكبير إسماعيل فهد مواقف قوية مع القيم الإنسانية العظيمة وضد كل ما يتناقض معها؛ كان مع العدالة والمساواة والعلم والجمال، والحق في الحياة الكريمة للجميع، وضد القبح والظلم والأنانية والجهل، وغيرها من الآفات التي انتشرت في الوعي الإنساني. ولست أبالغ إن قلت إن مقاومة العنصرية كانت من أهم معارك إسماعيل فهد وأكثرها ضراوة، فهي آفة الآفات، ومَجْمَع القبح، بعد أن أصبحت العنصرية سمة عالمية تتفوق فيها الثقافات العربية ولا فخر. ويبدو أن إسماعيل مستمر في مقاومته للعنصرية حتى بعد موته؛ إذ إن تلك الجائزة التي أعلنتها دار العين باسمه تنتصر للقيمة الأدبية الرفيعة، وترفع من شأن المبدع العربي أيا كان موطنه، وأكاد أسمع صوت هذه الجائزة يقول: هنا إسماعيل من القاهرة.
توابل - ثقافات
تنوير : جائزة إسماعيل فهد من القاهرة
20-06-2019