لم أستغرب أبداً ما تناقلته وسائل التواصل الاجتماعي من تسجيل مصور لمواطنة كويتية تكشف فيه عن اسمها الكامل وصورتها من أمام أحد مكاتب وزراء حكومة الكويت، وتقول فيه إن مدير مكتب الوزير قال لها إن الحصول على موعد لمقابلة الوزير وعرض موضوعها يجب أن يتم عن طريق عضو مجلس أمة وبحضوره!بحثت في مواد دستور الكويت واللائحة الداخلية لمجلس الأمة ومذكرتيهما الإيضاحيتين فلم أجد بنداً ينص على أن نائب الأمة من بين مهامه العمل كسكرتير للوزراء ووسيط بين الوزير والمواطن، لكنها سياسة السُّلطة لتكريس توصيفها للنائب الذي ذكره أحد أبناء الأسرة بأن أعضاء مجلس الأمة "مناديب"، فيتم الضغط على المواطن بتعقيد أمور حياته اليومية واحتياجاته الإنسانية ليقف مكسوراً خانعاً أمام النائب الذي بدوره يخضع لرغبات الوزير لتلبية طلبات ناخبيه الملحة.
بهذا الأسلوب يتحول مجلس الأمة عملياً لديوان مظالم، يحمل فيه أعضاؤه عرائض المواطنين أمام أصحاب الصف الأول من الوزراء، وتتحول تلقائياً علاقة الناخب مع النائب إلى علاقة مصلحية واجتماعية بعيداً عن أي رؤى وبرامج لمستقبل البلد ومحاسبة الحكومة عن أخطائها وإخفاقاتها، ويكرس الفساد تحت عنوان قضاء مصالح الناس، وتضيع العدالة بين الشعب، فكلما فرط النائب في مسؤولياته الوطنية أكثر حصل على امتيازات أكثر لجماعته من مناصب وقبول في جهات الدولة المختلفة المدنية والعسكرية.ذلك الوزير الذي طلب من المواطنة الحضور عن طريق نائب سيعمر أكثر، وستعتبره السُّلطة تلميذاً نجيباً لنهجها الذي نجح في تدمير التجربة الديمقراطية الكويتية، وجعلها بسمات قبيحة فئوية وقبلية وطائفية، وذلك الوزير سيظل آمناً ومرتاحاً بسبب نواب خداع المواطنين الذين "يقلبون" بعد أيام قليلة من حصولهم على المقعد النيابي على كل وعودهم، وحتى القسم العظيم الذين يطلقونه في خيامهم الانتخابية بشأن قضايا البلد وحماية مصالحه.***رغم كل الوعود التي أطلقها النواب بشأن المقترح بقانون الخاص بمعالجة وتخفيض الفوائد التي تتقاضاها مؤسسة التأمينات الاجتماعية على مبالغ الاستبدال، والتي تصل إلى أرقام غير معقولة، ورغم وجود تقرير لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بهذا الشأن على جدول أعمال مجلس الأمة، وطلب عدد كبير من النواب البت فيه، فقد رفض رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ولجنة الأولويات إدراجه ضمن المواضيع التي سيتم بحثها قبل فض دور الانعقاد الحالي، وتعطل أعمال المجلس حتى بداية شهر نوفمبر المقبل... أفيدونا بسبب رفضكم يا سادة؟!
أخر كلام
الوزراء وتكريس نهج «المناديب»!
20-06-2019