عادت مؤسسة التأمينات الاجتماعية مرة أخرى إلى طاولة الاستخدام السياسي بين الحكومة ومجلس الأمة، ويبدو أن المؤسسة وأعمالها التنفيذية أصبحت هدفاً استراتيجياً للنواب لابتزاز مجلس الوزراء، الذي بدوره وجد في أموال المتقاعدين والمشتركين وسيلة للحفاظ على مقاعد وزرائه.فبعد أقل من ثلاثة أشهر من تغير موقف الحكومة من قانون «التقاعد المبكر»، من الرفض الكامل إلى الاستسلام التام، وما ترتب عليه من تحميل «التأمينات» مبلغاً يتجاوز المليار دينار، ستتحمل أعباءه خزانة الدولة، عادت الحكومة مجدداً لإعطاء موافقة مبدئية على إسقاط فوائد «الاستبدال» التي قدرتها المؤسسة
بـ 200 مليون دينار، والتي لا شك أنها ستحصّل من الأموال العامة في حال إقرار التعديل النيابي.قد يكون من الصعب حصر الأموال العامة التي دفعتها الحكومة مقابل تحقيق هدنة سياسية مع نواب في المجلس، أو تسوية سياسية لتجاوز استجواب ما، إلا أن ما تعرضت له «التأمينات» منفردة من استخدام لأموالها في اللعبة السياسية سيبلغ 1.5 مليار دينار تقريباً، وهو ما يطرح سؤالين أحدهما لمجلس الوزراء: هل كرسي الوزارة أو بقاء الحكومة كاملة يستحق هذا المبلغ؟ والآخر للنواب الذين يقدمون أنفسهم للمشهد المحلي على أنهم حماة المال العام: ألم يكن من الأوجب إيقاف ذلك النوع من العبث؟التعديل التشريعي المرتقب في «الاستبدال»، أو ما سبقه في «التقاعد المبكر» كان سيعدّ مقبولاً لو لم يأتِ تحت ضغط سياسي واستجوابات، إذ إن إعادة النظر في القوانين القائمة فعلاً أمر ضروري لمواكبة المتغيرات الحياتية والظروف المعيشية، بيد أن «الفوضى التشريعية» و«الاتفاقات السياسية» لم تلتفتا لدراسات فنية واقتصادية واجتماعية وسياسية قبل اتخاذ القرار، بل إن مثل تلك الدراسات المطلوبة لم تُكتب أساساً حتى تُناقش، ومن ثم كان كفيلاً وكافياً إقرار تعديل أثره المالي يناقض ما تعلنه الحكومة من توجهات بالترشيد والتقشف، لمواجهة استجواب نيابي أو تصعيد سياسي.
أخبار الأولى
تقرير سياسي : 1.5 مليار دينار صُرفت من «التأمينات» في اللعبة السياسية
20-06-2019