العنصرية ضد الكويتي في الكويت
أبومحمد: "أسهل طريقة يصوتون لك الناس وتكسب أكبر شعبية، أنك تضع الكويتي بدور المظلوم". هذا ما قاله أبومحمد لأبي طلال وهما يحتسيان فنجان القهوة، وهما على اليخت الفخم في دبي. يلتفت أبوطلال على أبي محمد وخدوده الثقيلة المجعدة تتساقط من ذقنه التي حشاها من أموال المناقصات المختلسة والمشاريع الوهمية، ثم يفتح فاه ليرد على أبي محمد: "ترى الكويتي الحقيقي يعاني بشكل حقيقي، أنت كلامك صح أن الكويتي يعشق دور الضحية، ولكن هو حقاً ضحية مجتمعه لا الحكومة!"، رد عليه أبومحمد بحرارة: "أنت إشفيك تدافع عن الحكومة؟ ليه قلبت يميني؟ خليك يساري هذا الماشي بالسوق!". هز أبوطلال وجهه المترهل الذي يترجرج بشحوم وجهه، فهذه الخدود قد ترعرعت بحياة الترف والرفاهية من شطارة فهم "غَمْندةْ البلد" ثم فتح فمه ببطء، وقال:"يا أخي أنا معاك بيخت بدبي! "وين" يدرون عنا؟ بالكويت الحكومة مدلعة المواطن، تعليم مجاني وخدمات صحة وما من ضرائب، صح إن الشوارع حقل ألغام، والمدارس كل سنة يتفاجؤون بتلف المكيفات كأن عامل الصيانة لا يُخلق إلا بعد الدوام، ولكن ما في أكثر دلال من حال الكويتي مقارنة بباقي الدول، إلا أنه يعاني مشكلة حقيقية: الكويتي لا يستطيع زواج أي كويتية؛ الكويتي لا يستطيع التوظف بأي مكان، دائماً يفضلون عليه الوافد أو ابن قبيلة غيره، فهو رهينة الانتماءات غير الوطنية، فالوافد يفضلونه عليه لأنهم يضغطونه بلا توجس، وأما ابن قبيلتهم فيفضلونه على أي مواطن آخر لأنهم يضمنون مردود جميلهم منه، فليس أي كويتي أو كويتية يرضى المجتمع لهم أي وظيفة أو أي إنجاز، سواء بتواضع وظائف معينة أو بتشريف يفوق ما كان عليه آباؤهم الأولون، وهذا حسب نظرتهم المتشنجة: لا نكذب.
الكويتي ضحية عنصرية الكويتيين من اتجاهات كثيرة، ولكن من له نفس يطرح مثل هذا الموضوع الجاد؟ هذا الموضوع يحتاج جدية وعقلانية، وأنت يا بومحمد كلامك صح. خلنا بالكلام المكرر، ولا نتحدى فهم الناس، وأنا هدفي أمسك منصب مريح وأموت وعيالي يدعون لي إني ورثتهم العز، واترك الكويتي يكون حاس إنه ضحية بمفهوم غلط، لأنه أصلا ضحية وساطات تحتكرها قبائل معينة أو أحزاب متحيزة لأعضائها، فالأماكن المفروض أن تكون خادمة لكل المواطنين بالتساوي! مرض الوساطات يبدأ من تسبيق أدوار أرقام معاملة إلى كراس عالية ببطالة مبطنة.أهم شي اترك الكويتي يظن أن الوافد هو البعبع وريح بالك، شفت يا بومحمد؟". وقف أبومحمد ومشى بعيدا عن أبي طلال، فلقد أزعجه الكلام الواضح وخشي على دعاية حملة أبي محمد بسبب تلك الصراحة المفرطة!لما عادا للكويت؛ نال أبوطلال منصباً بالبرلمان، وصار بطلاً شعبياً، ودفع أموالاً لحسابات وهمية بتويتر تشيد بشراسته ضد الحكومة؛ كما غطيت له تكاليف الظهور بقناة تلفزيونية تابعة للتاجر أبي محمد، وتدخل من خلالها بالشؤون الخارجية وفقاً لما هو أكثر شعبية فحسب؛ ناهيكم عن أنه بكل جلسة برلمانية يشتكي ممن يسميهم "الديدان الناخرة لعظم الكويت" حسب وصفه، ألا وهم الوافدون الذين تكفل شركاته إقاماتهم وأدخل منهم الكثير، ولم يشأ لابن البلد أن يعمل عنده حتى كمندوب، وإن كان مخترعاً مهندساً! أما الآن، فمات أبوطلال، رحمه الله، وقد أورث ابنه طلال الدور الكلاسيكي الذي جعل درة الخليج تستمر بالتفاخر بماضيها أكثر من حاضرها ومستقبلها.