بعد أعوام قليلة على حرب خاطفة بين البلدين، بدأت تلوح بوادر أزمة كبيرة بين جورجيا، الدولة الصغيرة في جنوب القوقاز والحليفة للولايات المتحدة، وروسيا.

وتبادل البلدان الاتهامات بشأن اضطرابات اندلعت في العاصمة الجورجية تبليسي، في إطار تظاهرات للمعارضة مستمرة منذ أسابيع حول كيفية إدارة العلاقات مع روسيا، تشمل مطالب سياسية أوسع.

Ad

واندلع العنف في تبليسي ليل الخميس - الجمعة، عندما استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لمنع حشود غاضبة من اقتحام البرلمان في أعقاب مداخلة للنائب الروسي سيرغي غافريلوف في البرلمان الجورجي.

وأصيب المئات من المحتجين وأفراد الشرطة في الاشتباكات بعضهم إصابته خطيرة، عندما حاول المحتجون اقتحام صفوف شرطة مكافحة الشغب ورشقوها بالزجاجات والحجارة وجذبوا الدروع الواقية من أفرادها ما أثار رد فعل عنيفا من الشرطة.

وتجمع نحو عشرة آلاف خارج البرلمان، وكان بعضهم معصوبي الأعين دعما لمتظاهرين أصيبوا في اشتباكات مع الشرطة مساء الخميس، وكان معظمهم يطالب برحيل الملياردير بيدزينا إيفانيشفيلي، الذي غالبا ما يوصف بأنه ممسك بزمام الأمور في البلاد.

ودعا غريغول فاتشادزه، زعيم حزب المعارضة الرئيسي "الحركة الوطنية المتحدة"، التابعة للرئيس السابق المنفي ميخائيل ساكاشفيلي، أمام الحشد، الى إجراء انتخابات عامة مبكرة، وإصلاح النظام الانتخابي واستقالة وزير الداخلية.

واستقال إيراكلي كوباخيدزه، رئيس البرلمان الجورجي، أمس الأول، تلبية لأحد مطالب المحتجين.

وقال تيمار كوردزايا، زعيم "الحزب الجمهوري" المعارض، إن الاحتجاجات ستستمر لتحقيق المطالب.

وكان المحتجون غاضبين بسبب زيارة سيرغي غافريلوف، عضو مجلس النواب الروسي للمشاركة في الجمعية البرلمانية الدولية للأرثوذكس، التي تسعى لتعزيز الروابط بين البرلمانيين الأرثوذكس.

وألقى غافريلوف كلمة باللغة الروسية جالساً على مقعد رئيس البرلمان الجورجي، ما أثار حفيظة بعض السياسيين والجورجيين القوميين الذين يريدون أن تبقى روسيا بمنأى عن السيطرة على بلادهم.

واتهمت رئيسة جورجيا، سالومي زورابشفيلي، أمس، "قوى خارجية" من دون أن تسميها بأن لها مصلحة في إثارة التوتر في بلادها.

وأضافت زورابشفيلي، خلال اجتماع مع سفراء الدول الأجنبية المعتمدين في تبليسي، ان "جورجيا تتمتع بالاستقرار وهناك مصلحة لقوى خارجية بإثارة التوتر في بلادنا".

ويأتي موقف زورابشفيلي بعد يوم من تصريح ادلت به للصحافيين بعد قطع زيارة لها لبيلاروسيا، بأن "المجابهة الداخلية في جورجيا لا تصب إلا في مصلحة روسيا فقط".

كما وصفت في صفحتها على "فيسبوك" روسيا بأنها "عدو ومحتل"، واتهمت موسكو بالمساعدة في إشعال احتجاجات اجتاحت العاصمة تبليسي، لكن نائب وزير الخارجية الروسي غريغوري كاراسين اعتبر أمس الأول ان ما يجري في تبليسي "عربدة تمارسها قوى سياسية راديكالية في جورجيا، بهدف عرقلة تطبيع العلاقات مع روسيا. المعارضة الراديكالية استغلت زيارة وفد روسي لتبليسي لإثارة القلاقل".

ووسط تصاعد حدة التوتر بين جورجيا وروسيا، وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرسوما بتعليق رحلات طيران الركاب من روسيا إلى جورجيا اعتبارا من 8 يوليو المقبل لحماية الأفراد، ووصفها الكرملين بـ"الأعمال إجرامية".

كما أوصى بوتين بأن تقوم وكالات السياحة والسفر بتعليق الرحلات من روسيا إلى جورجيا، وأمر الحكومة الروسية بإعادة السائحين الروس المتواجدين في جورجيا.

وأعلنت شركة الطيران الروسية "أيروفلوت" أمس أنها بصدد توقيف كل رحلاتها الجوية إلى جورجيا اعتبارا من 8 يوليو المقبل.

وخاضت جورجيا حربا قصيرة مع روسيا وخسرتها في 2008، وليست هناك علاقات دبلوماسية بين البلدين منذ ذلك الوقت. واعترفت روسيا باستقلال منطقتين جورجيتين منشقتين، هما أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، اللتين ترابط فيهما قوات روسية الآن.