رياح وأوتاد: هل تتحول «التأمينات» إلى بيت زكاة ثان؟ وألا تعلم يا شعيب؟
لا أعلم الكثير عن اتفاق النائب هايف مع وزير المالية الذي أشيع أنه يقضي بإلغاء فوائد وأرباح المبالغ التي استبدلها المتقاعدون من أموال التأمينات مقابل سحب هايف اسمه من كتاب طرح الثقة بالوزير.التصريحات بشأن هذا الاتفاق متناقضة وغير موثوقة، لذلك سأناقش ما صرح به بعض النواب على أثر مناقشة اللجنة المالية للموضوع.فقد صرح أحد الأعضاء أن اللجنة تدرس زيادة القرض الحسن إلى عشرة أضعاف الراتب مع زيادة مدة السداد إلى خمس أو عشر سنين، وصرح آخر أن اللجنة تدرس اقتراحاً بإلغاء فوائد وأرباح مؤسسة التأمينات من عمليات الاستبدال.
ولا شك عندي أن هذه الاقتراحات ستحول مؤسسة التأمينات الى بيت زكاة ثان لأنها تتعارض مع إحدى أهم واجبات التأمينات، وهي استثمار أموال المتقاعدين لكي تستطيع الصرف على أعدادهم المتزايدة، وغني عن القول أن إنفاق مئات الملايين أو المليارات من أموال المتقاعدين على قروض واستبدال المتقاعدين بدون أرباح سيؤدي إلى فقدان الفرص البديلة في استثمارها كودائع أو في محافظ مختلفة، وبالتالي خسارة العوائد المتوقعة منها، أي خسارة الملايين سنوياً، مما سيزيد عجز التأمينات في المستقبل، وهي الآن عاجزة بمبلغ يتجاوز السبعة مليارات دينار.وإذا كان القصد من هذه الاقتراحات هو تخليص المتقاعدين والتأمينات من الربا (خاصة بعد أن غيرت هيئة الفتوى في وزارة الأوقاف فتواها السابقة التي كانت تنص على جواز الاستبدال بوضعه الحالي)، فهو قصد محمود، وعلى المقترحين تحويل عمليات الاستبدال من الفائدة المحرمة شرعاً الى المرابحات الإسلامية، وهي فرصة جيدة لأسلمة فقرة مهمة من قانون التأمينات، وتخفف في الوقت نفسه الأعباء عن المتقاعدين. وأيضاً كما كان بإمكانهم توجيه هذه الاقتراحات إلى بيت الزكاة، وهو (لا التأمينات) المعني وفقاً لقانونه بدراسة الحالات الاجتماعية وإعطاء القروض الحسنة وبالإمكان زيادة رأسماله. لقد كان الأجدر بالأعضاء التركيز على أسباب خسارة بعض الصناديق الاستثمارية والعمل على تقويمها وإبعادها عن المخاطر وزيادة أرباحها المستقبلية بدلاً من التركيز على اقتراحات صرف أموال التأمينات بدون تحقيق أي عوائد. إن دعم الجانب الاستثماري للتأمينات وعدم إضعافه هو أمر في غاية الأهمية لأنه من المعروف أن نظام التقاعد في الكويت هو أعلى وأكرم نظام في العالم، ويحتاج الى تمويل مستمر من اشتراكات المشتركين ومن استثمار أموال المشتركين والمتقاعدين لكي تتم استدامته، ولاشك أن اقتراحات الأعضاء تسير خلاف المنهج السليم ومصلحة المتقاعدين الذين يزدادون بالآلاف سنوياً. * في معرض تأييده لطرح الثقة في وزير المالية قال الأخ النائب شعيب المويزري للوزير أنت أحد أعضاء مجموعة 26 التي تعارض إسقاط قروض المواطنين! فهل كان الانضمام لهذه المجموعة سبة أو نقصاً لكي يأتي به النائب في مطالبته بطرح الثقة؟ ألا يعلم الأخ شعيب أن هذه المجموعة ضمت ثلة من أفضل الاقتصاديين الكويتيين منهم جاسم السعدون ونبيل المناعي وإبراهيم القاضي وموسى معرفي ويوسف النصف؟ ألا يعلم الأخ النائب أن هذه المجموعة ضمت إخوة له سبقوه في العمل النيابي وخدمة الوطن مثل مشاري العنجري وجاسم العون وصالح الفضالة وعبدالله المفرج وعبدالوهاب الهارون؟ ألا يعلم أيضاً أن من أعضاء المجموعة الدكتور محمد الطبطبائي عميد كلية الشريعة وعضو هيئة الفتوى الذي أثرى المجموعة بالرأي الشرعي في موضوع القروض؟ بالإضافة الى فتوى الشيخ الدكتور عجيل النشمي وآخرين؟ألا يعلم أيضاً أن هذه الشخصيات وغيرها من أعضاء المجموعة من مختلف النسيج الكويتي أعملت خلاصة خبرتها وتجربتها لكي تقدم رؤيتها لحل مشكلات البلد الاقتصادية، ومنها موضوعي الفساد والقروض في بياناتها القيمة المتتالية؟ ألا يعلم الأخ العزيز أنه لا يوجد أصلاً مقترح لإسقاط للقروض، وأن حقيقة مقترحهم هو دفعها من المال العام، لأنه لا يملك الإسقاط إلا الدائن نفسه أي البنوك؟ ألا يعلم الأخ شعيب أنه بمقتضى المقترح المعروض سيدفع المال العام أو أرباح المال العام مبلغ الربا الذي تم التعاقد عليه بين الدائن والمدين بإرادتهم؟ فهل هذا يجوز شرعاً؟ ألا يعلم الأخ شعيب أن كبار المقترضين هم كبار الموظفين وأصحاب الكوادر وأنهم هم أكبر المستفيدين من تغطية المال العام لقروضهم، في حين سيحرم الكويتي غير المقترض ومن سدد قرضه من حقه ومن نصيبه من المال العام؟ ألا يعلم الأخ النائب أن صغار المقترضين من ضعاف ومتوسطي الحال والمتقاعدين سيكون نصيبهم من المال العام هو النزر اليسير لأن قروضهم قليلة القيمة، في حين سيستفيد كبار المقترضين الذين بنوا البيوت الكبيرة واقتنوا السيارات الفارهة بقروضهم؟ وأخيراً ألا يعلم الأخ شعيب أن 97 ألفاً من الكويتيين ينتظرون دورهم في الرعاية السكانية لكي يقترضوا مثل من قبلهم، ومثل كل دول العالم؟ فهل ستدفع الدوله قروضهم أيضاً من المال العام؟ قال ابن تيمية، رحمه الله: إن الله ينصر الدولة العادلة ولو كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة ولو كانت مسلمة.